لا يمكن لبعض الرجال أن ينظر للنساء عامة بمعيار نظرته الخاصة والحساسة جدا تجاه المرأة السعودية، لأن ابنة بلده تفقد تقديره واحترامه لها بمجرد خروجها عن الشكل النمطي المحدد مسبقا في العرف والعادات، لكنه يقدم الكثير من التعاملات الإيجابية التي قد تنقلب إلى الضد مع غيرها من نساء العالم، فيجد نفسه ملزما بتقديم الاحترام والتعامل الطبيعي الذي يقدمه كمخلوق منفتح على الآخر ومتحضر إلى درجة تسر الناظرين.
طالما يفسر خروج المرأة السعودية عن الشكل التقليدي والدور المحدد بالكثير من الازدراء والأوصاف المزعجة، لأن عدم قابلية البعض من الرجال لذلك يأتي من حرصه على التفرد بالامتيازات الممنوحة له من قبل المجتمع، والتي يرى أن المرأة تشاركه الندية إذا حصلت على جزء منها، وربما أن أبرز الأساليب الدفاعية تبدأ من التشكيك والريبة في أخلاق المرأة الخارجة عن الشكل المعتاد.
إن القانون الاجتماعي يتحكم في هذه المسألة أيضا، ويجعل أكثر المستنكرين ينظرون إلى أن الفتاة التي تجردت من حجابها لتلتقط صورا اعتباطية في قرية تراثية؛ تمثلهم، ويأتي الرفض أيضا من هذا الجانب الذي تفرضه القوانين العامة وتجعل الجميع يتصورون بوجوب أن يفرض على الجميع البقاء تحت نظام الجماعة وأسلوبها في الحياة.
الواقع أن تصرف تلك الفتاة وما يشابهه من المواقف، بصرف النظر عن خلفيات خروجها بلا حجاب، يكشف لنا في كل مرة مستوى الانسياق العاطفي لا العقلاني الذي يشكل آراء أكثر الناس نحو قضية تحمل الكثير من التناقضات، ثم إنهم لا يدركون حجم هذا التناقض حتى ولو بصروا به.
ومهما كان الهدف من خروج الفتاة صغيرا أو كبيرا، إلا أنه من واجب المجتمع على الفرد أن يتجاوز أساليب الاستفزاز وإثارة الجدل دون جدوى ليثبت للناس أنه مختلف، ظنا بذلك أن الكون سيدور حوله رغم محدودية الأمر وبساطته!