طلال عبدالله الخوري 12\11\2014 مفكر دوت اورج
بالواقع, نحن شعوب هامشية مفعول بها, ولا محل لها من الاعراب, وان هناك من يأخذ قراراتنا بالنيابة عنا, من دون ان ندري, والانكح من هذا انهم يجعلونا نسير لتنفيذ قراراتهم بإرادتنا وكأننا نحن من اتخذها وهم ليس لهم يد بها لا من قريب او بعيد!
لا ننتظر من أي سياسي غربي بان يقول لنا بان الحل في سوريا هو التقسيم, وان هناك قرارا اتخذ بهذا الشأن وعليكم التنفيذ, فهذا ينافي الاعراف الدبلوماسية وستسجل كنقطة سوداء في تاريخه بانه هو من قسم سوريا, ولكن اسلوبهم هو بان يجعلونا نحن نسير بأنفسنا الى هذا الحل, اما هم فيديرون الاوركسترا من بعيد, ويعرفون متى واين يجب ان ينتصر هذا الطرف او ينهزم ذاك, ومتى يجب ان يهاجر الناس من هذه المنطقة اوتلك.. وهكذا تسير الامور وفق سيناريو معد حتى نرى انفسنا بالنهاية نعيش بدولتين منفصلتين وقد تأقلمنا مع الوضع تدريجيا واصبح من روتين حياتنا مألوفا وحقيقة واقعة.
من الواضح بأن نظام عائلة الاسد في سوريا قاومت التقسيم في البدء, وأصرت ان تبقى البلاد كلها لها وتحت حكمهم الاستبدادي من دون ان يطرأ عليه اي تغيير, ظنناً منهم ان استخدام القوة المفرطة ضد الشعب كفيل بان يعيد كل شئ كما كان؟ هذا كان موقفهم حتى وقت قريب وقد تكلف الشعب السوري بكل فئاته الكثير من الضحايا والدمار لقاء رفضهم هذا, ولكن قرائتنا لسطور الأحداث التي تجري على الارض وما بينها تجعلنا نعتقد بان نظام عائلة الاسد قد قبلت اخيراً بحل “تقسيم سوريا الى منطقتين”, منطقة في الشمال والشرق للمعارضة ويشرف عليها جيش قوي هو “النصرة” وله شعبيته ومؤيديه, ودولة في الغرب والجنوب تبقى تحت اشراف الموالون, ولكن اللذي لاتعرفه عائلة الاسد ان هذه المنطقة ايضا لن تبقى ترزح تحت حكمهم وسيتم عزلهم بالوقت المناسب ليؤول الحكم لحكومة شرعية منتخبة ديمقراطيا لا يسمح لعائلة الاسد ان تكون جزءا منها ولاكثر من هذا ستتم مقاضاة العائلة بمحكمة دولية بسبب الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبوها بحق الشعب السوري.
يقول الخبر:”اعلن الرئيس السوري بشار الاسد استعداد بلاده لدراسة المبادرة التي طرحها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا والمتعلقة بتجميد القتال في حلب، وذلك خلال لقاء عقد بدمشق اتفق خلاله الأسد ودي ميستورا على أهمية تطبيق قراري مجلس الأمن لمحاربة الإرهاب في سوريا والمنطقة.
عندما يقر بشار الاسد باستعداده لدراسة تجميد القتال, فهذا بالعرف السياسي انه قبل به, والخطوة التي تليها هي قبول جبهة النصرة لتجميد القتال, فيعود المهجرون الى مناطقهم, ثم تبدأ الحياة تسير على هذا الشكل, تليها خطوة جمع السلاح من جميع المحاربين من المدن وحصرها بثكنات عسكرية مخصصة, ثم يتم تحضير الاجواء لانتخاب حكومات محلية لتسيير الامو والاشراف على مصالح المواطنين… وهذا عمليا ما هو إلا تقسيم لسوريا,… بعد مرور عشر سنين على هذه الحالة, يكون المواطنون في كل منطقة قد الفوا الوضع وانتقل كل مواطن الى المنطقة التي تناسبه وتلائمه اكثر, واستقرت اوضاعه على هذا النحو … بعدها تتطرح الحكومات المحلية الاستفتاء على التقسيم, وينجح الاستفتاء ديمقراطيا بالطبع, لان الناس عادة ترنو الى الاستقرار وتلفظ التغيير, ثم تتقدم الحكومات المحلية بطلب الى الامم المتحدة لاقرار التقسيم رسميا ممهورا برغبة كل من الشعبين في كلا المنطفتين … وبهذه الطريقة السلسة يرى الغرب نفسه مرغما للتصويت لصالح تقسيم سوريا وقوفا عند رغبة السوريين ولا احد سواهم؟؟ فيتم تقسيم سوريا بالظاهر بارادة ومصلحة كلا الطرفين ومن دون اي تدخل من الغرب, ولكن عمليا تم سوقنا بارجلنا الى مصيرنا.
من نلوم؟
الغرب؟ انا شخصيا لا الوم الغرب فهم فقط استفادوا من نقاط ضعف موجودة لدينا مثل الفقر والعبودية السياسية والدينية التي نرزح تحتها, واوصلوا الاوضاع الى ما يفيد مصالحهم ويناسبها, وهذا حقهم الشرعي التي تمارسه كل الدول منذ الازل وستقوم به في المستقبل.
انا شخصيا الوم انفسنا لاننا قبلنا بالعبودية السياسة والدينية وضحينا بحريتنا من اجل استقرار وهمي تحت حكم عائلة الاسد؟
الدروس المستقاة: لكي نحصن شعوبنا من الوقوع ضحايا لمصالح الاخرين, فالحل الوحيد هو العدل بين جميع فئات الشعب ومكوناته ونبذ ثقافة ” نحن الامة” والاخرون هم “ذميون وكفار” ومواطنون درجة ثالثة وغيرها من الالقاب العنصرية, فقد عانت كل الشعوب من نفس مشالكنا بالسابق, ولم يجدوا حلا إلا في العدالة والحرية وحقوق الانسان ونظام اقتصاد السوق التنافسي اللذي يضمن العدالة الاقتصادية والرفاه للجميع.
وفي الختام هل التقسيم فكرة بهذه السوء؟ الجواب على الاطلاق, فهو حل معقول, فانظروا الى اوروبا كيف توحدت اقتصاديا وكأنها دولة واحدة! وتستطيع المصالح الاقتصادية ان توحدنا بالمستقبل من جديد كما حدث في اوروبا فالذي يجمعنا اكثر بكثير مما يجمع الشعوب الاوروبية والوحدة على مبدا المصالح الاقتصادية هي وحدة ازلية لا يمكن فصمها.
الصورة هي خارطة جديدة لسوريا نشرها الباحث الامريكي جوشوا لانديز الخبير في الشأن السوري والقريب من السلطة في دمشق.
مواضيع ذات صلة: سورية بعد الثورة (رفع دخل الفرد الى 20 الف دولار)؟