*د. حسن طوالبه
بات معروفا في الادب السياسي والاجتماعي “ان الغرور يعني نهاية الشوط ” . اما الثقة بالنفس فهي بداية الشوط ” . وعلى مر التاريخ فان الزعماء الذين اصابهم الغرور اصطدموا بعقبات اجبرتهم على التراجع والانكفاء او السقوط , لان المغرور يسير ونظره الى الاعلى فيقع على وجهه عندما يعثر بحجر او حفرة .
لقد اصاب زعماء وملالي ايران قدرا عاليا من الغرور , وكأن الدنيا صارت ملكهم وطوع امرهم , ولاسيما بعد اختراقهم بعض الدول العربية بالتسلل خلسة في جنح الليل وفي غفلة عن اعين الحراس . وصار البعض منهم يتباهى بان ايران امتلكت البر والبحر في المنطقة , وتتحكم في الملاحة في البحار والمضائق .
لابد ان نعترف ان التمدد الايراني في المنطقة جاء نتيجة الفراغ الذي سببه بعض الحكام العرب الذين شغلتهم ملذاتهم عن حماية الارض والاعراض والسيادة والاستقلال . كما ان المخطط الاستعماري الذي اعلن عنه اكثر من زعيم وباحث في دول الغرب يرمي الى تمزيق الاقطار العربية زيادة على ما حصل في سايكس –بيكو 1916 , بهدف السيطرة على الثروات النفطية ومصادر الطاقة في البلدان العربية وخاصة المنتجة للنفط والغاز . وكذلك اقامة دويلات دينية وقومية وطائفية يسهل السيطرة عليها . وهو مخطط صهيوني منذ اكثر من مئة عام , ولكن الصهاينة عجزوا عن تنفيذ ذاك المخطط , وقد حاولوا ذلك في لبنان للفترة ما بين 1975- 1990 , اما نظام الملالي فقد نفذ المخطط الصهيوني بكل كفاءة وحرفية , فخلال عقد من السنين تمكن من اثارة الفتنة الطائفية في اكثر من قطر عربي , وهاهو المخطط يسير على ما يرام وكما ارادته الحركة الصهيونية من قبل , فما عجزت عنه تلك الحركة نجح به نظام الملالي .
من هذا الواقع اصيب نظام الملالي بالغرور فلم يعد يسمع لنداءات العقل والحسابات العقلية , واخذ يماطل في المفاوضات الخاصة بالملف النووي , ويكسب الوقت . وأقول ان الغرب غير منزعج من البرنامج النووي الايراني ابدا , لان زعماء الغرب واثقون ان السلاح النووي الايراني لن يوجه الى الكيان الصهيوني ابدا , بل هم واثقون ان النظام مستعد لمنحهم وثيقة بعدم الاعتداء على الكيان الصهيوني . كما ان الغرب وخاصة الولايات المتحدة يجدون ان التعامل مع الشيعة في ايران اسهل واضمن من التعامل مع السنة في العالم الاسلامي , لان الشيعة لديهم مرجعية تحكمهم اما السنة فليس لهم مرجعية واحدة قادرة على تسير الجماهير في الوقت المناسب . ولهم في فتاوى السيستاني خير مثال على ذلك .
مما سبق فان تجاهل نداءات الشرفاء في العالم من حقوقيين وادباء ونواب وهيئات حقوق الانسان المطالبة بوقف احكام الاعدام في ايران , ووقف ملاحقة الوطنيين وخاصة النساء والطلبة الذين يبدون رايهم في الاحداث الجارية في ايران , انما هو من الظوهرالمرضية التي اصابت نظام الملالي الا وهي الغرور , وعدم احترام الراي العام العالمي الحر .
ومن ذات المنطلق فلم يعد اتباع نظام الملالي في العراق يعيرون بالا لمثل هذه النداءات الخاصة بالاشرفيين الذين نالهم الويل والشر والقتل على ايدي اتباع حكومة المالكي ومن بعده العبادي الذي هو من حزب المالكي , ومن العملة الفاسدة عينها .
ان قصة الاشرفيين صارت تستحق عرضها في روايات وقصص تصلح للتمثيل في افلام ومسلسلات تلفازية , تظهر مقدار الاجرام الذي نفذه اعوان نظام الملالي في العراق , وخاصة المليشيات التي تدربت في ايران قبل احتلال العراق 2003 ضدهم .
صحيح ان الاشرفيين فصيل ايراني شارك في ثورة خميني ضد الشاه 1979 , ولكنه ابدى رايا مخالفا ” لولاية الفقيه ” وهذا الراي لم يعجب خميني الذي لن يتنازل عن دوره الديكتاتوري الذي منحه اياه نظام الولاية , فصار هذا الفصيل الوطني معاديا بين ليلة وضحاها , ففر الى حيث الامان والسلامة , فقدم الى العراق. وقد بنوا مدينة عصرية باموالهم الخاصة صارت تعرف بمخيم اشرف , وفي عام 2003 سلم الاشرفيون اسلحتهم الى القوات الامريكية مقابل حمايتهم . ولكن مصالح الولايات المتحدة مع ايران تجاهلت التزاماتها تجاه الاشرفيين , بل تركتهم تحت رحمة اعوان المالكي يرتكبون الجريمة تلو الاخرى منذ عام 2009 وحتى الان , وتم اجبارهم على الرحيل الى سجن ليبرتي , وقد تركوا اموالهم وممتلكاتهم في مخيم اشرف على ان يتم بيعها فيما بعد , ولكن المليشيات التابعة لمنظمة بدر التي يقودها هادي العامري سرقت كل ما في مخيم اشرف , ولم تسلم من اذاهم المقبرة التي تحوي رفات الاموات من الاشرفيين . وخلال السنوات الماضية قتل عشرات الاشرفيين ومئات الجرحى في مواجهات مع قوات المالكي تنفيذا لتعليمات قاسم سليماني الحاكم الفعلي في العراق .
ان محنة الاشرفيين هي في ذمة الولايات المتحدة التي نكثت بتعهداتها وفي عهدة الامم المتحدة التي اشرفت على كل الاتفاقات الخاصة بحماية الاشرفيين . وعلية فلم تعد المناشدات التي تتوالى من نواب الاردن والعراق واوروبا والولايات المتحدة ومعظم دول العالم تمضي ادراج الرياح , وان كانت تحرج نظام الملالي .
ان البيان الاخير من عدد من نواب الاردن يعبر عن مشاعر التضامن مع الاشرفيين في محنتهم الحالية حيث يعيشون في حصار خانق , حيث تمنع القوات الخاصة العراقية عليهم دخول النفط والمواد الطبية وكل مستلزمات الحياة اليومية . وكل هذه الاعمال منافية لحقوق الانسان . ولكن اين هي الجهة التي تحترم حقوق الانسان سواء في ايران او العراق ؟ . اذ لاقيمة لحياة الانسان عند هؤلاء الحكام ماداموا على كراسي الحكم . الكرسي الاولى والباقي الى الجحيم .
*كاتب اردني
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :