نساء على خطوط المواجهة مع مؤسسة مي شدياق المرأة في طليعة الثورات العربية… لكن أحلامها تلاشت

بيروت- ” وكالة أخبار المرأة “mayShediaq
نظمت مؤسسة مي شدياق مؤتمرها الثاني بعنوان “نساء على خطوط المواجهة” في فندق “فينيسيا”، برعاية اللبنانية الاولى السيدة وفاء سليمان ممثلة بالوزيرة السابقة منى عفيش، في حضور ممثل الرئيس نجيب ميقاتي الدكتور خلدون الشريف، ووزراء: الصحة العامة وائل ابو فاعور، الاعلام رمزي جريج، البيئة محمد المشنوق والعمل سجعان قزي، سفيرة الاتحاد الاوروبي انجلينا ايخهورست، رئيسة لجنة التربية النائبة بهية الحريري، النائب جان اوغاسبيان، الوزراء السابقين: بهيج طبارة، نايلة معوض وريا الحسن، وفد يمثل المدير العام بقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص ضم الرائد المهندس سوزان الحاج والملازم اول فلادي شربجي، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، رئيس غرفة والتجارة والصناعة والزراعة لبيروت وجبل لبنان محمد شقير، منى الهراوي، نورا جنبلاط، حياة ارسلان، رئيسة مؤسسة “سيسيليااتياس” للنساء سيسيليا اتياس، وحشد من ممثلي الهيئات النسائية وهيئات المجتمع المدني وفاعليات اجتماعية واعلامية.
استهلت المؤتمر رئيسة المؤسسة الدكتورة مي شدياق بكلمة قالت فيها: “في لعبة الحياة والاحلام لا بد للمرأة ان تنتصر. هذه المرأة التي ادت دورا اساسيا في ثورات “الربيع العربي”، فصرخت “حرية” في الميادين والساحات. حاربت الديكتاتوريات وهاجمت التطرف الذي اراد اعادتها الى عصور ما قبل الجاهلية، فرفضت التقوقع في الصفوف الخلفية، مؤكدة ان دورها الاساسي لا يكمن الا في المراكز القيادية. ولكن، اتضح ان الآمال المتوقعة لتحسين وضع المرأة بعد الثورات لم تتوافق مع الوقائع والارقام.
فبحسب دراسة اجرتها “طومسون رويترز فوندايشن”، وباستثناء المساواة بين الرجل والمرأة التي اقرها الدستور التونسي الجديد، ثلاث من الدول التي شهدت انقلابات في ما يسمى دول “الربيع العربي”، حلت في المراكز الاخيرة لجهة التشريعات المعتمدة لحماية حقوق المرأة وهي: سوريا، اليمن ومصر.
وفي لبنان، الوضع ليس افضل حالا. تطورت العصور، تغيرت الايام وتقلصت المسافات. اما الاحوال الشخصية بحسب القانون اللبناني فهي ثابتة لا تتغير. وقاعدة هذا القانون مستوحاة من قول مأثور وان بتصرف:” كل يغني على هوى ليل مذهبه والمرأة المظلومة المعنفة من هول عذاباتها تهوي ولا تغني.فالمرأة في لبنان ضحية الطائفة والمحاكم الروحية. فحكم الطوائف يقضي على كل آمال بالعدل والسوية. ونحن في مجتمع يأبى تفوق المرأة وان ادعى تقديرها. تقدير يبقى كلاما رنانا في الخطابات وشعرا يحاكي مجتمعا مخدوعا”.
اضافت: “لطالما وجدت المرأة نفسها محاطة بسور غير قابل للخرق. جدرانه محبوكة بالاعتبارات السياسية والطائفية التي تقصيها عن حقوقها وتحلل تعنيفها، لا بل تخضعها لاهواء المحرمات الدينية والغرائز الذكورية، تتحكم بمصيرها، بميادين عملها، بعائلتها، بأولادها، بزواجها، بطلاقها، بحقها في منح الجنسية لاولادها وحتى بإرثها وممتلكاتها.
والمرأة في لبنان اسيرة التركيبة الطائفية للبلاد. رهينة قانون ينتظر اسمه المناسب. فبين تسمية قانون العنف ضد المرأة وقانون العنف الاسري لا يزال ملف مشروع القانون في ادراج مجلس النواب في لبنان ينتظر مباركة 18 طائفة وتصديق 128 نائبا. على خط آخر، لا تزال المرأة في لبنان تطمح الى خوض معترك العمل السياسي بكل استقلال ولكنها لا تزال اسيرة الذهنية البطريكية الذكورية التي تضعها دائما في المرتبة الثانية بعد الاخ والقريب والزوج، فيما نعلم جميعا انها لو أنصفت لبرعت وتفوقت ربما اكثر من الرجل”.
وتابعت: “مرة جديدة ونحن على ابواب الانتخابات النيابية، ان حصلت، نصر على التمييز الايجابي، وعلى تضمين القانون كوتا نسائية، ليس فقط على لوائح الانتخاب فحسب وانما لجهة النتائج ايضا في الحقيقة الكل يعلم اننا لا نطمح الى كوتا ابدية وانما الى فرض كوتا مرحلية لتعويد الذهنية الرجعية على ان المرأة اساس في هذا المجتمع، وليست اسما مضافا في آخره كسرة”.
واردفت:”اننا نطمح الى ان يتم التفكير بتوزير اكثر من امرأة منذ بدايات تشكيل الحكومات، فلا يقال لنا كما حصل في الحكومة الماضية: لم نجد نساء كفوءات، او يستيقظ الضمير في آخر لحظة كما حصل هذه المرة فاذ بنا نصحو على اسم القاضية اللامعة والكفوءة أليس شبطيني كفلتة شوط والاسم الرابع والعشرين في الحكومة الحالية. نرحب بك معالي الوزيرة أليس شبطيني ولا نحسدك لاننا على يقين بأنك سرعان ما ستجدين نفسك في بلاد العجائب اللبنانية”.
وختمت: “نحن اليوم في مؤسسة مي شدياق، نرغب في إلقاء الضوء على تجارب فريدة من نوعها لنساء مبادرات، مناضلات، مفكرات ، قاصرات، قياديات، وزيرات، اعلاميات، قادرات على تغيير المعادلات وقلب كل المقاييس. نساء احدثن تغييرا في العالم العربي في الشأن العام عبر انجازاتهن في عالم الاعمال، الاقتصاد، الاجتماع والسياسة. فكن خير مثال للمرأة الناجحة التي اتخذت لها حيزا معتبرا في الصفوف الامامية، جنبا الى جنب مع الرجل.
نساء اعلاميات اصبحن وجوها تحاكي الناس، تحرك العالم، تؤثر في الرأي العام، تستفز السياسيين وصناع القرار عبر الشاشات. نساء في ميادين المساعدات الانسانية اتخذت فلسفة في حياتهن شعارها: الرضوخ والتنوين سهل انما الاصعب هو الوقوف واتخاذ المبادرة”.
وقال الوزير ابو فاعور: “سأقول ما اقول بدافعين: الاقتناع والارهاب الفكري الذي يمثله هذا الحضور النسائي الطاغي. شكرا للصديقة مي شدياق ولمؤسستها على هذه الدعوة في يوم المرأة العالمي وشكرا على احياء يوم المرأة العالمي والسؤال الذي يأتي في متن هذا الإحياء المرأة في الخطوط الامامية. للاسف المرأة في الطليعة في الخطوط الامامية في الايام الصعبة، لكنها في الخطوط الخلفية في ايام الرحاب، المرأة في الطليعة في ايام الصعاب لكنها في ايام الرحاب تودع في النسيان”.
اضاف: “ألم تكن سناء محيدلي في الطليعة عندما فجرت جسدها في المحتل الاسرائيلي، ألم تكن لولا عبود في الطليعة عندما تجرأت وقاومت الاحتلال. ألم تكن سناء محيدلي ولولا عبود وسهى بشارة في الطليعة عندما اطلقت رصاصاتها في وجه القاتل والمجرم وعانت مم السجان الاسرائيلي. ألم تكن مي شدياق في الطليعة عندما شطروا جسدها وما شطروا روحها عندما بتروا منها الا ارادتها وما اخذوا منها الا القها عندما اصبحت مي شدياق شاهدة على بشاعة المقصلة لكنها شاهدة ايضا على ألق الفكر وباتت مي شدياق تمثل اليوم انتصار الفكرة على المقصلة ولطالما كان الصراع في هذا الشرق، كما يقول الرجل الذي انتسب اليه أعني كمال جنبلاط، صراعا بين الفكرة والمقصلة. مي شدياق نحن نعتز بك لست شاهدة على نضال المرأة بل على نضال لبنان وعلى ما سيأتي من الايام وما ستحمل تلك الايام من تحد”.
وتابع: “أسئلة الزمن العربي القائم اسئلة كثيرة: سؤال فلسطين وسؤال الحريات وحقوق الانسان والمواطنة وحق المرأة. كلها اسئلة برسم هذا الزمن العربي الجديد وايا كانت هذه المآزق العنيفة وهذه المآلات الحزينة للربيع العربي فهي مآلات يتحمل مسؤولياتها الحكام والانظمة التي قادت تلك الثورات البريئة السلمية الى ما قادتها اليه. وفي ظل هذه المآلات الحزينة كان سؤال المرأة يصبح اكثر الحاحا وفي ظل افول وصعود بعض النخب السياسية الناشئة الى الحكم في دولنا العربية يصبح سؤال المرأة اكثر الحاحا على عقول جميع العرب ويصبح السؤال اكثر الحاحا على عقول النخب التي تنطلق في سياساتها وفي فكرها تحديدا من منطلقات دينية، اين دور المرأة في كل ذلك؟ هذا السؤال لا يمكن الاجابة عليه عفو خاطر ولا يمكن ان نجيب عنه فقط بنص نظري. هذا السؤال يفترض جوابا يحتمل الكثير من النضال من المرأة لاثبات وجهة النظر واثبات الحق”.
وختم: “آمل الا تكون خيبات المرأة في هذا الزمن العربي الجديد كخيباتها في الازمنة الغابرة . وآمل ان يكون هذا النضال الذي نرى صورة ناصعة عنه في مي شدياق يقود الى زمن نسائي افضل لاننا وببساطة كما استعملت هذا التعبير سابقا لا نريد ان نستبدل الحكام الالهة بالرجال الالهة لا نريد ان نستبدل الحاكم الاله الذي يسجد له الشعب ويسمع له الشعب بالرجل الاله الذي تسجد له المرأة وتخضع له المرأة”.
وقالت عفيش: “يسرني ان أمثل اللبنانية الاولى السيدة وفاء ميشال سليمان في هذا المؤتمر، التي حضرت افتتاح جلساته العام الفائت، وان انقل اليكم تحياتها وتقديرها للمشاركات والمشاركين، وللسيدة مي شدياق التي تواصل عبر مسيرة حياتها ومؤسستها، ضخ روح الاندفاع والتزام في العمل الاعلامي، ورفد قضايا المرأة وجروحها، وانجازاتها، بدعم قيم وحيوي”.
اضافت: “لقد عبرت المرأة عموما الى الكثير من المواقع المتقدمة في وجوه الحياة، والعمل والابتكار واثبات الذات والتفوق. وبرغم كل العوائق والصعوبات والتفاوت في حقوقها، في القانون والممارسة، بين بلد وآخر ومنطقة واخرى، لا شك في ان المزيد من الاماكن والمواقع بات ينبض بوجود اقوى للنساء فيها. ولكن السؤال الذي يمر في بالي هو: ماذا تفعل هناك؟ ماذا اضافت او عليها ان تضيف الى الموقع الذي تشغله، لتصبح بصمتها نقطة تحول ايجابي في حياتنا كبشر؟”.
وتابعت: “هذا في ظني واحد من التحديات الحساسة التي تواجهها المرأة في نهضتها. ألا تذوب في قوالب اجتماعية وفكرية وعملية جاهزة، خصوصا حين تنطوي هذه القوالب على الكثير من المفاهيم والممارسات اللاانسانية او البراغماتية بشكل سلبي. فكم من قيم يضحى بها اليوم في سبيل النجاح والتقدم؟ وكم يتحول الصراع جارحا ودمويا في قطاعات العمل، وفي العلاقات الانسانية عموما، حتى يثبت الاقوى، ويسحق الضعيف؟ والمرأة، على الاقل، عليها ان تحمل اسلحة مختلفة الى ساحات المواجهة. وآسف لهذه الرؤية التي ارى من خلالها الحياة وقد تحولت الى ساحات مواجهة بشكل غير مسبوق، وفي مختلف وجوهها والقطاعات، لكن الوقائع تثبت الاندفاع في هذا الاتجاه”.
واردفت: “يمكننا ان ننظر معا الى ما يجري في بعض وسائل الاعلام. ما دام هذا اللقاء سيتطرق في جزء منه الى وجود المرأة في الاعلام. فعرض الحقائق والبحث عن الحقيقة يجب الا يكونا مجرد وجهة نظر، تجند لاثباتها شتى الوسائل بغض النظر عن صوابيتها، وتأثيراتها المدمرة كإثارة الغرائز، والتعمية على الوقائع، وتعزيز الخلافات وغيرها”.
وسألت: “هل على المرأة في الاعلام ان تجاري اتجاهات هذا المركب، او تتحول الى صوت مختلف؟ لا شك في ان تركيزي على نوعية وجود المرأة في اي موقع ونشاط وعلى اهمية ان تكون لها بصمة مختلفة، نابع من ثقتي بقدراتها وبحتمية ان يفضي نضالها الى تحقيق الاهداف التي تسعى اليها لجهة ازالة التمييز السلبي في حقها في القوانين، ومشاركتها بشكل اكثر فاعلية في مسيرة تنمية مجتمعنا، وفي الحياة العامة وموقع القرار، وتحقيق اقصى ما يمكن من أسس المساواة وفقا لما نصت عليه شرعة حقوق الانسان. نعم، المرأة باتت اكثر قوة على خطوط المواجهة، وفي مسيرة التغيير في العالم العربي، وفي رفع الصوت والارتقاء في المعرفة والعلم والابداع”.
اضافت: “ولكن علينا جميعا، كمسؤولين وجمعيات اهلية ومنظمات دولية وكأفراد، المثابرة على حمل هذه القضايا وصون المكتسبات التي تحققت. ولكن الاهم علينا ان نرفع درجة الوعي لدى المرأة بان ارتقاءها الفعلي يكمن في التغيير الايجابي الذي يمكن ان تحدثه مسيرتها، وليس في عدد المواقع التي تحتلها. فمن السهل ان يدفعنا المجتمع الى فقدان انسانيتنا، وخصوصا عندما نصبح في موقع متقدم. لكن القيادة الحقيقية التي يمكن ان تتطلع اليها المرأة أينما وجدت، يجب ان ترتكز على المبادئ الانسانية والحقوق التي اقرتها الشرعات الدولية والقيم التي تأسست عليها البشرية”.
وقالت: “لا شك في ان ما سيحمله هذا النهار من مداخلات، وقصص مضيئة لنساء مميزات، سيكون ملهما بشكل استثنائي. نساء في العمل الانساني، وفي العلم والاعلام، وأخريات ما زلن يدفعن ثمن التمييز السلبي في حقهن في القانون والوظيفة، ويتعرضن للتحرشات بلا رادع، ويقعن ضحايا العنف الاسري والصراعات الدموية. حدان متناقضان لواقع المرأة، وبينهما عالم شاسع من القصص والتجارب والخيارات يشكل الارض الحقيقية التي تدور فوقها حياة النساء، ونضالهن الطويل. وكلي ثقة بانه لولا لقاءات من هذا النوع، والمبادرات الكثيرة للافراد والجمعيات والمؤسسات الناشطة في قضايا المرأة، لكان اللون الاسود اكثر طغيانا في الصورة الشاملة لحياة المرأة”.
وجددت شكرها الى “المنظمين لهذا المؤتمر، وعلى رأسهم السيدة مي شدياق، ولجميع من حضروا فأثبتوا ايمانهم بقدرات المرأة واكتمال كيانها الانساني”، مؤكدة “عزم اللبنانية الاولى عموما على مواصلة التزامها قضايا المرأة اللبنانية التي كرست جل عملها وجهودها لاجلها”.
وبعد جلسة الافتتاح، اشادت اتياس ب”نضالات مي شدياق وتضحياتها”، مؤكدة ان “الصحافة ربما اصبحت المهنة الاكثر خطورة في العالم، الا ان الصحافيين يتسلحون بشجاعتهم ولا يردعهم لا الارهاب ولا الخوف”.
وتحدثت عن ان “النساء اللواتي يشكلن نصف سكان الارض ما زلن أولى الضحايا خلال الازمات بحيث يتعرضن للتهجير والقتل ويفقدن ازواجهن وابناءهن”. وطالبت الامم المتحدة ب”اعادة النظر في النظام الخاص بوضع المرأة الذي يعود الى عام 1974″. واعتبرت ان “النساء في خطوط المواجهة لا تعني فقط الاعتراف الشرعي بحقوقهن بل اعطاءهن الخيار الحر في التصرف”.

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.