مثل كل أهل العراق ماتت أحلامي, فقط أريد أن أعيش بأمان, فقط أصبتني خيبة أمل كبيرة من سلوك السياسيين السلبي, بعد فشلهم الشنيع في الحكم، فما عاد حديث السياسة يجذبنا, فكيف يتم العلاج وعلة العراق “حلف الأحزاب”هي من بيدها القرار, حتى اختنقت حروفنا, أننا نعيش كأغراب في بلدنا, لا الدعاء ينفع ولا البكاء يجدي, فالزمن هرب من بين أيدينا لنعيش الحرمان جيلا بعد جيل, فقط من كان داعرا ومنافقا وغبيا ستفتح له أبواب الخضراء.
عندها نجد الهرب من نكبتنا, الى عوالم الكتب والثقافة والرياضة والفن, نغرق قدر المستطاع كشخص يريد أن ينسى, ففيها سلوتنا الوحيدة في هذا الزمن “الأغبر”, لكن حتى ضمن هذه المساحة الصغيرة فأننا نجد العجب.
وهنا محطتين وقفت عندها هذا الأسبوع, أجدها جديرة ببعض السطور:
● نحيب الرافدين
قرات رواية لعبد الرحمن مجيد الربيعي بعنوان نحيب الرافدين, الحقيقة هي من الروايات المحترمة بأكثر من ستمائة صفحة, وهي تتحدث عن فترة حكم صدام ومرحلة حرب إيران, وما حصل من انقلاب مهول لحياة العراقيين, وكيف يعيش العراقيين حياة مليئة بالخوف بل بخلسة ومرتبكة بصمت الميت وبهمس المذعور, حتى لا تسحقه أرجل قوات الأمن والبعثيين والحرس الخاص.
ومن خلال سطور الرواية يعلن الربيعي رفضه لهذه الحرب الغامضة العبثية, التي تلتهم أبناءها, جيل لا يعيش عمره ولا ينطلق في تحقيق رغباته, يتم تسييسه رغما عنه, يعبئونه بالشعارات ويبعثون به إلى الحرب, والهدف دوام عروشهم واستمرار سحق الناس, حكاية نجد لها بعض التشابه ألان, فالسحق مستمر والتسييس مستمر, والحروب لا تنطفئ نارها, وسلطة تبحث عن دوام سطوتها.
الذي ميز عبد الرحمن مجيد هو الحلم, فهو يحلم بالكثير ويسعى وراء حلمه, كأبناء جيله, لكن مع الغوص في فصول الرواية يكتشف: أن الأحلام غدت عصية التحقق, وعليه أن يعيش مع الألم وغصاته التي تعتصر بها الروح, هكذا نحن ألان, بدت أحلامنا تذبل رويدا رويدا, وأصبحنا نحاول أن نعيش فقط, وحتى مسالة الاستمرار بالعيش أصبحت عسيرة, فانظر لتشابه الظروف بين أجيال العراق.
● الحرباية
في الماضي كانت القنوات التلفازية تهتم بشهر رمضان, وتكرس برامج دينية أخلاقية اجتماعية, تتناسب مع طبيعة الشهر العبادية, فقنوات التلفازية وحتى الإذاعية عاكسة لاهتمام المجتمع, تهدف للرقي به.
حيث يستعد المسلمون لأداء العبادات, باعتباره شهر مخصص للعبادة والتقرب من الله, لكن تفاجئنا القنوات العربية ببث داعر طيلة الشهر الفضيل, بعشرات المسلسلات غير المناسبة للعائلة, وخير مثال لهذا العام مسلسل “الحرباية”, الذي يعتمد على قصة فاضحة ونجمة الأغراء العربي هيفاء وهبي, والتي اغلب مشاهدها بملابس مثيرة وحوارات إيحائية, وتبث على عديد القنوات المحلية والعربية, مع بث متكرر كي تتشبع الأمة بهيفاء وهبي في الشهر الفضيل.
فالعتب ليس على هيفاء وهبي فهي معروفة بتوجهها الجنسي كأسلوب في الحياة التي تعيشها, لكن العتب على قنوات الوطن والعرب, التي تفتخر ببث أعمال هابطة وشاذة ولا تناسب الشهر الفضيل.
أنها قنوات تفوق بشيطنتها الشيطان نفسه, وقد نقل أن في شهر رمضان يتم تصفيد الشياطين فيمتنع أذاها عن المسلمين, فهل هدف القنوات الفضائية الربح عبر الدعارة في شهر رمضان, أم محاربة الإسلام بحسب منهج لقوى عالمية جعلت من القنوات العربية أدوات لحربها, ولو أردنا أن نفكر بحسن النية فنقول لا هذا ولا ذاك, أنما هي قنوات تديرها كوادر غبية لا تعي ما تفعل.