إلهام مانع
نحن من يكره
“هدوا الكنيسة والكنيس اليهودي على رؤوس اصحابها”
قرأت الخبر، وهززت رأسي موجوعة.
“تخريب كنيس يهودي ثان في جنوب إيران”.
اتعب من قراءة الأخبار.
ألا تتعبون؟
والمشكلة، بسبب عملي، فإنه لابد لي من قراءة الأخبار يوميا.
اقرأها من مصادر متعددة. كي تتضح الصورة.
لكنها تتعبني.
لأنها تكشف عَورتنا.
لأنها تقتل الإنسان فينا.
في مصر هدَّت مجموعة من المسلمين الغاضبين كنيسة غير مرخصة. هدتها هداً. والشرطة تقف صامتة، تصفر، تشخر، وتشيح بوجهها، كأنها تتأمل في معنى فلسفي لما يحدث.
لعلها شرطة سلفية إخوانية حتى النُخاح؟
لا أدري.
كل ما أدريه أن الشرطة التي كان يجب ان تحمي مواطنيها، وقفت وهي ترى مجموعة من “المؤمنين المسلمين” يخرجون من المسجد بعد صلاة الجمعة ويتجهون إلى الكنيسة ويهدونها على رؤوس اصحابها.
تخيلوا معي مضمون خطبة جمعة التي سمعها هؤلاء الغاضبون؟
هل دعا الإمام فيها إلى المحبة والتعايش بين المواطنين والمواطنات؟
هل دعا فيها للبشرية بالسلام والمحبة؟
أم لعن سنسفيل من أختلف معه في الدين؟
ثم دعا إلى حرق وهّد الكنيسة؟
ثم تخيلوا معي لو حدث ماحدث لمسجدٍ ما في بلدٍ ما.
القيامة ستقوم، وسَنجعر بأصواتنا عالية، صارخة زاعقة غاضبة.
وسنبكي على أنفسنا.
“مساكين نحن، كم نحن مضطهدون”.
وسنولول.
‘أنظروا كيف يكرهونا، أنظروا كيف يحقدون علينا، أنظروا كيف يريدون دمار ديننا”.
ونحن من يكره، نحن من يحقد، نحن من يموت غيظاً.
نحن من يضطهد، ويقهر الإنسان من حولنا بإسم ديننا.
نحن من يهد دورَ العبادة على رؤوس من يختلف معنا.
نحن، لا غيرنا.
وفي إيران خربت مجموعة من المسلمين الغاضين كنيساً يهودياً لأن ترامب اعلن إعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
موقف من نوعية “اقهر الأضعف في مجتمعك كي تفش خلقك.”
ذكرني بموقف أردوغان، الرئيس التركي والزعيم الرسمي اليوم للإخوان المسلمين.
غَضبَ من ترامب، فقرر قطع علاقات تركيا مع إسرائيل.
قليل من المنطق يصلح النفوس.
إذا غضبت من ترامب، فأقترح عليك قطع علاقاتك مع الولايات المتحدة، حتى يكون موقفك متسقاً.
لكنها فرصة انتحلها الإخواني، ايديولوجيته مكشوفة بَعوراتها.
موقفي أنا على فكرة واضح.
كنت ولا أزال أنتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب سياساته الشعبوية.
واستغرب من يمدح في رجلٍ كل ما فيه هو نفخة وجنون عظمة وشعر مصبوغ.
كل دولة عظمى لها زمان.
وانتخاب ترامب مثل بالنسبة لي أول مؤشر جِدي على أفول شمس الولايات المتحدة كدولة عظمى.
هذا عن ترامب.
أما قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فقد اعتبرته مُخلاً بالاتفاقيات الدولية التي تحكم عملية السلام في المنطقة.
وأعرف ان عملية السلام خرجت من مرحلة الغيبوبة إلى مرحلة الموت.
رغم ذلك اصر أن يكون لدينا مرجعية في أية مفاوضات تقوم، والمرجعية الدولية تعتبر القدس الغربية عاصمة لدولة إسرائيل، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.
لو صاغ ترامب إعلانه بهذا الشكل لدَعمته رغم إختلافي معه.
هذا يعني أني لا أدعو إلى دمار إسرائيل، ولا اريد زوالها. بل أعترف بحقها في الوجود.
واحلم بيوماً نعيش فيه جميعاً في المنطقة بسلام.
و اصر على ضرورة حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وكنت يوماً أؤمن بحل الدولتين، اليوم ارى ذلك الحل يغيب كسراب.
لكن السلام لن يحدث إلا بحل يحترم الإنسان داخل المنطقة بغض النظر عن هويته.
مواقفي تزعج الجميع. من طرفي النزاع.
لكني على الأقل متسقة مع نفسي.
لا أكره.
لا أكره.
ولن أكره.
وهو ما يحيلني إلى إيران.
مجموعة من المسلمين الغاضبين تدمر كنيساً يهودياً لمواطنين إيرانيين ينتمون إلى الديانة اليهودية.
نغضب من قرار أمريكي، فتتحول إلى أهلنا ننحر فيهم.
أي منطق هذا؟
مادخل هؤلاء في مايحدث؟
كل ذنبهم أنهم ينتمون إلى الديانة اليهودية.
مواطن، مواطنة. يعيشان في بلدهم.
لكنهما خائفان.
دينهما يختلف عن دين الأغلبية.
والأغلبية تكره دينهم.
لم يبق في إيران إلا نحو ثمانية الآف ونصف إيراني وإيرانية يدينان باليهودية. وقبل أسلمة إيران منذ عام 1979 كان عددهم يزيد عن مائة الف. فروا من وطن ينظر إلى هويتهم الدينية ولايعترف بهم مواطنين ومواطنات.
نحن شعوب تكره الدين اليهودي، ، فلاتنكروا.
العداء للسامية متأصل في نفوسنا.
نستخدم كلمة يهودي كشتيمة.
ونلعن اليهود، ونقول الله هو من لعنهم. في كتابه.
وزاد الإسلام السياسي، كأيديولوجية سياسية إخوانية، وأصولية متطرفة سلفية، فجعلها جوهراً لفِكره، ولنظِرية المؤامرة الصهيونية التي يروج لها.
يقول لنا إن العالم يتآمر علينا.
وإن المؤامرة صهيونية.
فحبذا لو كرهنا اليهود اكثر.
في مصر وفي إيران، قامت مجموعة من المسلمين، تريد أن تعبر عن غضبها، بتدمير دور عبادة على رؤوس غيرهم من خلق الله.
وفي الحالتين، نقف نحن، كالشرطة المصرية، نمصمص شفاهنا ونحن نتابع ما يحدث.
نصفر، نشخر، نشيح بوجوهنا، كأننا نبحث عن معنى فلسفي لما يحدث.
ونولول في الوقت ذاته.
‘أنظروا كيف يكرهونا، أنظروا كيف يحقدون علينا، أنظروا كيف يريدون دمار ديننا”.
ونحن من يكره، نحن من يحقد، نحن من يموت غيظاً،
نحن من يضطهد، و يقهر الإنسان من حولنا بإسم ديننا.
نحن من يهد دور العبادة على رؤوس من يختلف معنا.
نحن، لا غيرنا.
١: صدقيني أمثال هؤلاء يثيرون الشفقة قبل الاشمئزاز والسخرية ، لأنهم لا يدرون أن هدم للمعبد وكنيسة وكنيست سيدفعون ثمنه مضاعفات الآف المرات ، وليتذكروا كم كان ثمن غزوة البرجين في نيويورك دولتان بشحمهما ولحمها وشعبها (العراق وأفغانستان) ، وثمن بقية الغزاة (ومسكوا ولندن ونايروبي ومدريدووو) بقية الدول المتأسلمة والمعبرة ؟
٢: أبشرهم أن الأسوأ قادم على أحفاد هؤلاء الحمقى المغسولي الدماغ ، ليس من الغرب بل من الشرق من قبل أتباع براهما وبوذا ثمن تفجيرهم لتمثال بوذا ؟
٣: وأخيراً …؟
صدقيني اللوم ليس على هؤلاء المجرمين بل على الحكام السفلة والمعممين المنتفعين ، سلام ؟