الشرق الاوسط: روث ماركوس
ثمة قدر كبير من اليقين المصحوب بالزهو بشأن الرئيس أوباما وسوريا، على طرفي نقيض: عليه أن يشن هجوما. ويجب ألا يفعل. من شأن هذا أن يقوض الثقة في قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في الاحتفاظ بموقف سلبي. إنه يهدد بإغراق الدولة في نزاع آخر مكلف لا يمكنها تحقيق النصر فيه.
هذه التأكيدات الواثقة لا تبدو معقولة.
كان يوغي بيرا محقا بشأن توقعه للمستقبل – ولم يكن يتعامل مع موقف معقد بصورة شيطانية مثل سوريا واستخدامها المزعوم للأسلحة الكيماوية، الأمر الذي يتركني في مواجهة مع أسئلة تفوق في عددها الإجابات المرضية:
ما الذي يعتبر هدفا، وما الذي لا يعتبر هدفا؟ ولماذا؟
أخبر أوباما برنامج «بي بي إس نيوز آور» يوم الأربعاء بأنه لم يتخذ قرارا، ولكن عزمه اتخاذ أي إجراء قد يتمثل في «إرسال مقطع تحذيري» للرئيس السوري بشار الأسد، نصه «توقف عن فعل هذا».
بالطبع، تتمثل وسيلة لمنع الأسد من استخدام أسلحة كيماوية ضد شعبه في الإطاحة به. لكن مسؤولي الإدارة الأميركية أوضحوا في الوقت نفسه أن تغيير النظام، على الرغم من كونه الهدف النهائي، فإنه ليس هو هدف الاستجابة لآخر هجوم.
على العكس، فربما لا يكون في صالح الولايات المتحدة أن تجعل الدولة السورية، مع كونها غارقة في حمام من الدماء، تنهار تماما. ينبغي أن يجري تغيير النظام في نهاية المطاف لكن، مثلما هدد أوباما في لقائه مع «بي بي إس»، ربما تكون فوضى ما بعد الأسد أسوأ من الوضع الراهن غير المحتمل:
«في دولة تمتلك أكبر مخزون من الأسلحة الكيماوية في العالم – حيث، بمرور الوقت، ربما تنهار سيطرتهم على الأسلحة الكيماوية، حيث يرتبطون بمنظمات إرهابية معروفة استهدفت في الماضي الولايات المتحدة – حينها يوجد توقع، احتمال، يمكن فيه أن توجه ضدنا أسلحة كيماوية ربما تكون لها آثار مدمرة».
كان هذا الرأي مضمنا في خطاب الرئيس منذ بداية العنف في سوريا.. «لا يمكننا أن نكون في موقف نجد فيه أسلحة كيماوية أو بيولوجية تقع في أيدي أطراف غير مرغوب فيها»، هذا ما قاله قبل عام.
غير أن أهميته مثيرة للاهتمام في سياق الأسلحة الكيماوية التي يزعم أن الأسد نفسه قد وظفها، ليس لأنها وقعت في أيدي الأطراف غير المرغوب فيها. وعندما أدان وزير الخارجية جون كيري الهجوم بالأسلحة يوم الاثنين، تحدث من الناحية الإنسانية عن «الانحراف الأخلاقي» الذي ينطوي عليه استخدام الأسلحة الكيماوية.
يخاطب تركيز أوباما المغاير في الوقت نفسه قضية احتمال أن يصب التدخل في مصلحة الولايات المتحدة وسبب هذا الهجوم، الذي أودى بحياة المئات، ويستحق رد فعل عندما يكون الأسد مسؤولا عن مقتل عشرات الآلاف عبر وسائل أخرى. وقد يؤدي هذا إلى التخفيف من حدة الرفض العام لبدء مغامرة خارجية أخرى، ليعلي المصلحة الشخصية على النواحي البشرية.
كيف يجب أن تضم مسألة الحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة القرار المتعلق بالإجراء الذي يجب اتخاذه؟ بعبارة أخرى، إذا لم يكرر الرئيس قوله إن استخدام الأسلحة الكيماوية «خط أحمر» و«أحد عوامل تغيير اللعبة»، هل سيختلف تقدير رد الفعل؟
استخدم أوباما تلك المصطلحات في جهد محسوب لمنع سوريا من القيام بما يبدو الآن أنها قد قامت به مرتين.
إن مدلولات رد فعل غائب، أو على الأرجح بطيء، على ثاني أكثر هجوم دموية يتجاوز نطاق سوريا. لماذا، على سبيل المثال، يجب أن تأخذ إيران تحذيرات الولايات المتحدة بشأن الأسلحة النووية مأخذ الجد، إذا ما ثبت أن تهديدات أوباما فارغة تماما من المضمون؟
في الوقت نفسه، يبدو الحفاظ على المصداقية أشبه بأساس واهٍ للقيام بعمل عسكري. ربما ذريعة، ولكنه ليس تبريرا كافيا في حد ذاته.
ما سبب تصديق أن الإجراء المدروس قد يحقق هدف منع استخدام الأسلحة في المستقبل؟ وما الذي يحدث إذا لم يفعل ذلك؟
أخبر أوباما محطة «بي بي إس» أنه إذا ما اختارت الولايات المتحدة فرض «عقوبات»، فإن نظام الأسد «سيكون قد تلقى إشارة قوية دالة على أنه من الأفضل، في واقع الأمر، عدم القيام بذلك مجددا».
يعتمد هذا على قوة الإشارة، وقد أخطأت الإدارة التقدير من قبل. ظنت أن التحذيرات الشديدة اللهجة عن الخطوط الحمراء ستكون كافية، وأنها كانت تستحق مخاطرة رسمها بشكل معلن.
الآن، على فرض أن الأسد يقف وراء الهجوم، فهو يدرك أن تبعات التصرف بشكل سيئ لا تتضمن تغيير النظام.
ربما سيقدر أن التكاليف الأقل إرهاقا دائمة. إذا لم نفهم سبب اختيار الأسد إطلاق العنان لمثل هذا الهجوم المدمر – ومع وجود مفتشي أسلحة بالفعل في الدولة – كيف يمكننا أن نعلم أن مقطعا تحذيريا سيجدي نفعا؟
ومن ثم، يبقى السؤال المحوري: ما الذي يحدث إذا لم يفعل؟
الطريق يتجه نحو التصعيد والوقوع في مأزق واضح بشكل مزعج، وقبل اتخاذ خطوة نحوه، قد أرغب في سماع إجابة مقنعة.
* خدمة «واشنطن بوست»