جائتني مكالمة ال بي بي سي المفاجئة.. وأنا في طريقي لإلقاء محاضره عن غياب المرأه في العلاقات الدوليه بدعوة من جامعة أكسفورد… الموضوع الذي أرادت القناة بحثه.. عن هروب المرأة العربية إلى الغرب بحثا عن فرصة نجاح…
وهو ما ألمسه بإستمرار من خلال تواصل النساء القادمات مع منظمة بصيره.. فبرغم صعوبة الحياة في الغرب وإرتفاع تكاليفها.. إلا أنني أجد العديد من الشابات يفضلن هذا الوضع على أن يعدن إلى أوطانهن..
بالتأكيد لم أستطع المشاركة في البرنامج.. ولكن… حقا لماذا تهرب المرأة العربية إلى الغرب؟؟؟؟؟ وهل تجد النجاح الذي تصبو إليه في الغرب؟؟؟
رد إحدى صديقاتي.. كان البحث عن عريس… ولكن.. والحق ’يقال بأن أصعب ما تواجهه المرأة في الغرب… خاصة تلك التي تنحدر من أصول عربية مولوده في الغرب.. هو إيجاد عريس……لعدة أسباب منها تفضيل الرجل من أصول شرقيه للمرأة الغربية التي تعطيه كل شيء بلا قيود بما في ذلك العلاقة الجنسية الكامله..وتترك له حرية الخيار التام ما بين الإلتزام والزواج أو قطع العلاقة وقتما شاء… وهي شكل الحرية التي يرفضها من إمرأة من أصول عربية.. أيضا لأن خلط الرجل للثقافة الغربية مع العربية.. إما أن يكون إيجابيا.. بحيث ’يقدّر الرجل المرأة.. ويتفهم معنى الحياة المشتركة.. والعلاقة القائمه على المودة والإحترام المتبادل. والمشاركة في جميع الأعباء المادية..وأعباء المنزل… و تفهم إلتزامهما معا بالمشاركة في أعباء تربية الأطفال..
وإما أن خلط هاتين الثقافتين يعود سلبا حين تتغلب الجوانب السلبية من إحداهما على الأخرى.. وبالتالي ينظر للمرأة كما في الثقافة الأصلية بدونية وتعالي.. وحقوق زوج لا تنتهي..
وعليه فأنا أستبعد أن يكون هذا هو السبب الرئيسي لهروب المرأة العربية لأن فرصها في إيجاد عريس في وطنها أكبر بكثير منها في المغترب….
’ترى ماذا كنت سأقول لو شاركت..
أولآ علينا الإعتراف بإختلاف وضعية المرأة بإختلاف الزمان والمكان ولكن الأهم بإختلاف الطبقة الإجتماعية التي تنتمي إليها.. وعليه علينا التفريق ما بين المرأة من طبقة إجتماعية تتميز بالثقافة والوضع الإجتماعي المنتسب للطبقة العليا وقد تكون الغنية أيضا.. والمرأة هنا كثيرا ما تحصل على البعثة الدراسية نظرا لوضع والدها.. أو إسم عائلتها وغيره.. وبين المرأة من طبقة متوسطة أو أقل نجحت وتفوّقت في دراستها بمجهودها وحدها وتحدّت كل الظروف التي ’تصرّ على إعتبار ان مكانها الطبيعي هو المنزل للإنجاب وتربية الأطفال…
المرأة من العينة الأولى تعود… وتتبوأ أكبر وأفضل المراكز حتى وإن لم تكن بمستوى تأهيل المرأة من الطبقة المتوسطة…وتبني حياة تربط ما بين الشرق والغرب.. ولكنها حياة غير متصله بالواقع الحقيقي للمرأة العربية من وسط متوسط والتي ’تمثّل شريحه لا تقل عن 70% من نساء المنطقة العربية حيث تختلف الحقوق والواجبات ما بين كلا المرأتين.
وبالتالي فأنا أعتقد أن المرأة الشابة والمتعلمة من وسط متوسط في العالم العربي تهرب لأي بلد غربي..
1 – هربا من واقع ثقافة عربية تنظر إليها كجسد… أولآ..
2- تنظر إليها كجسد ’مباح لرئيسها في العمل ولكثيرين غيره ممن يحاولون أخذ فرصتهم.. لأن لا سند لها.. ولا ظهر ولا إسم عائله يردع الطامعين !!!!
فبينما نفس هذا الرجل حريص على طهارة قريباته من النساء.. إلا أن لا رادع ولا وازع اخلاقي كافي لردعه من تدنيس البعيدات.. وهوالأمر السائد في المجتمعات الإسلامية…
3- مكافحتها للحصول على وظيفة تكون أضعاف أضعاف المرأة من الطبقة الأعلى..
4- صعوبة حصولها على الترقّي الوظيفي.. وحقوقها في المكافآت بينما تتمتع الأخرى بكل الترقيات والمكافآت.. لأنها موصى عليها !!!
5- عدم العدالة ومساواة راتبها بزميلها الذكر…نظرا لأنهم ينظرون إليه كمعيل لعائلته.. ويرفضوا الإعتراف بأنها قد تكون هي ايضا المعيلة الوحيدة لعائلتها…
6- عدم إستطاعتها اللجوء للقضاء خوفا من فقدان الوظيفة…
7- ثقافة مجتمعية ترفض الإعتراف بحقوقها كإمرأة وحقها في إختيار شريك حياتها.. فهي لا زالت مرتبطة بولي الأمر..نظرا لثقافة البيئة التي خرجت منها والتي ’تصر على إعتبارها قاصر وغير راشده تحتاج لقوامة ووصاية الذكر حتى بعد حصولها على أعلى الشهادات… أعلى من الولي نفسه…
المرأة العربية تهرب من العالم العربي ليس بحثا عن أشكال الحرية المتعدده.. بل عن الحرية في أن ’تحترم حقوقها كإنسانة.. فقط.. و بحثا عن العدالة.. والمساواة.. وإحترام كرامتها الإنسانية.. قبل وبعد البحث عن فرصة نجاح والتي تنالها تبعا لمجهودها بغض النظر عن أي شكل من أشكال التمييز أو العنصرية.
ما قاله وزير العدل المصري مؤخرا..لا ينطبق فقط على الرجال.. بل على الرجل والمرأة… وإن كان مذاقه ’مر.. إلا انه واقع الجتمعات العربية.. التي ’بنيت على الذهنية الطبقية التي ترفض المساواة الحقيقية.. و تستند إلى التمييز والعنصرية ما بين كل شرائحها المجتمعية… متخذة من.. وميّزنا بعضكم على بعض درجات.. وتكافؤ النسب..ولا تتساوى الحره بالأمة.. ولا العبد بالحر.. ولا المسلم بالمسيحي… وغيرها ذرائع لا تنتمي على الإطلاق لروح الله في العدل والمساواة والحق في الحياة الكريمة لكل إنسان…. ثقافة تتلحف بالدين لتبقي على التمييز والعنصرية.. السؤال إلى متى؟
المصدر ايلاف