صلاح الدين محسن
كانت الفرصة أمام الحكام العار . لعمل اصلاح سياسي .. فراوغوا , وما طلوا , وسوفوا , حتي كانت الثورات الشعبية هي الملجأ الأخير أمام الشعوب المقهورة .
الدول الكبري , بالخارج , ومعها المعارضة والنشطاء السياسيين بالداخل . كادوا أن يقبلوا أقدام – ومؤخرات – حكام دول المنطقة الناطقة بلغة محمد . لكي يجروا اصلاح سياسي. لأجل سلامتهم , وسلامة بلادهم , ولرخاء شعوبهم .. ولكنهم لم يفعلوا ..
ولو استجاب هؤلاء الحكام . وسارعوا بعمل اصلاح سياسي . لكان زين العابدين – التونسي – يعيش الآن , كريما في بلاده . بدلا من وجوده بالسعودية مطلوبا للعدالة في بلده .
ولكان حسني مبارك . يعيش في بلده كريما عزيزا علي الشعب . وليس طريحا في السجن . هو وولديه ..
ولكان علي عبد الله صالح – اليمني – محترما محبوبا من شعبه . يعيش في بلد حر كريم . بدلا من اضطراره لترك السلطة بعدما ملا جسد اليمن . دمارا وجروحا وكسورا وقتلي وجرحي ويتامي وارامل ..
ولكان طبيب العيون – بشار بن الديكتاتور– زعيما عظيما , قدم لبلده الديمقراطية والاصلاح السياسي . وليس الدمار وعشرات الآلاف من الشهداء , وأكثر من مائة ألف لاجيء . مشتتين بمختلف الدول المجاورة لسوريا ..
و .. و غيرهم من الزعماء الذين يأبون اصلاح أحوال بلادهم ويتشبثون بالسلطة , ويرفضون ترك الحكم الا علي جثثهم . وربما الا بعد تعريتهم واغتصابهم . وقتل وتشريد عائلاتهم – كما حدث للقذافي – .. ,
أو الا بعد الرمي بهم في السجون هم وأولادهم – كما ” حسني مبارك ” –
أو الا بعد اخراجه من حفرة وتعليقه فوق مشنقة , وبعد قتل ولديه , وتشريد بناته وزوجاته – كما صدام حسين – ..
الدمار والقتل قبل الثورات , كان جاريا وكان يزداد ولا ينقص ..
والدمار مع الثورات هو جراحة , وضريبة خلاص وحرية .. اذ لم تجد الشعوب مفرا سوي طريق الثورات .. فماذا هي فاعلة ؟!
الدمار قبل الثورات . كان علي محورين :
1 – افساد الاقتصاد , الذي فيه حياة الشعوب , بقيادة حكام فاسدين ..
2 – افساد العقول عن طريق رجال الدين . الذين لا يمكن للحكام الفاسدين البقاء بدونهم .. فيقوم رجال الدين – الرسميون – بمباركو بقاء الحاكم وتوريثه السلطة لابنه ! , وتقوم الجماعات الدينية , بافساد العقول بالحجاب والنقاب , وبثقافة بول البعير وبول الرسول الطاهر , ومضاجعة الوداع – التي تجيز مضاجعة الموتي – , وارضاع الكبير .. وتاريخ يأجوج ومأجوج ! , وجغرافيا العين الحمئة التي تغطس فيها الشمس عند غروبها , كما يقول القرآن !! وغير ذلك , من افساد العقول بالكثير من الثقافة الدينية المناقضة للعلم الحديث وللعصرية . واللصيقة بكافة صنوف الجهل والتجهيل .
الثورة والمغامرة :
الخلاف لا يتوقف بين المثقفين الناطقين بلغة صلعم العرب . حول أي طريق أصوب , وأخف وطأة ؟
أ – طريق احتمال الحكم الفاسد والحكام الجهلاء اللصوص الأغبياء الخونة . والصبر عليهم بلا حدود , بأمل أن يتفضلوا علي شعوبهم بمكرمة اصلاح سياسي , يتخلون فيها عن عروشهم , ويقلعون عن تناول خمر التسلط والاستبداد ؟!
ب – طريق : الثورات التي قد تحدث دمار مروعا وتسيل دماءا وضحايا . كما حدث في ليبيا وفي سوريا , وفي مصر . وفي البحرين … أو تؤدي الثورات لقيام ذئاب الدين باختطاف السلطة من كلاب الحكم الفاسد – كما في تونس – وكما في مصر .. فتكون الثورة مجرد انتقال الشعب من بين أنياب الكلاب , لأنياب الذئاب ! ..
أو الرقص في منتصف السلم – كما في اليمن –
أو تعرض الثورة للاخماد علي حاكم فاسد بمساعدة حاكم أفسد منه بدولة مجاورة – كما في البحرين – حيث استنجد الحاكم البحريني , بحاكم السعودية ! , فأخمد له ثورة الشعب …. ؟
حقا ان الثورة هنا مغامرة .. كمغامرة عملية جراحية لازالة ورم سرطاني ..
فهل نجري العملية لازالة الورم السرطاني .. ؟
أم نحجم عنها . خشية الموت لو فشلت العملية الجراحية الثورية ؟.
وفي عدم اجرائها موت مؤكد .. بينما في اجرائها احتمال شفاء ..؟
ان الناس في مصر – مثلا – بدون ثورة . في ظل حكم الفاسدين . يموتون بالتهاب الكبد الوبائي , او يموتون بالفشل الكلوي , او يموتون بالسرطان الذي يلحق حتي بالأطفال الصغار , وبضغط الدم , نتيجة سؤ أحوال المعيشة .. وتنغص حياتهم أمراض أخري شتي . كمرض السكر , والاضرابات العصبية والنفسية . وكل تلك الأمرض مستشرية بين افراد شعب مصر . .. ولا علاج موجود بالمستشفيات العامة , ولا أجور أو رواتب تغني من جوع , ولا كهرباء منتظمة , ولا غاز متوفر , ولا ماء شرب نظيف أو مضمون , ولا رغيف خبز شعبي نظيف , او يشبع جائع .. , ولا ازالة للزبالة من الشوارع …!
بالاضافة لأمراض اجتماعية ,.. نتيجة حكم الفاسدين سياسيا و وأمراض عقادية , من جراء هيمنة علي الشارع بمعية حلفاء السلطة : المخبولين ميتافيزيقيا …
وأبسط أنواع الموت في مصر : الموت تحت أنقاض العمارات القديمة التي تنهار علي ساكنيها . وتطالبهم الدولة باخلائها بدون تأمين مساكن أخري لهم !. فيفضل الناس الموت تحت أنقاض مساكنهم . أكرم من العيش فوق أرصفة الشوارع …
والشعب أمام خيارين لنوعين من الموت :
1 – الموت في الثورة . باعتبارهم شهداء كرام .. ؟
2 – الموت في ظلال الاستكانة للحكام السفلاء ؟
في مصر وفي سوريا وغيرهما .. هناك مثقفون . قد اختاروا , وانتقوا لشعوبهم , النوع الثاني من الموت .. ..أي الموت البطيء المريح بسرطان الفساد والافقار والقهر .. أرحم من التعرض لدموية . مغامرات الجراحات الثورية .. .. ..
( في التراث الشعب المصري . عند الحيرة او الاختلاف حول الخيارات . فانهم يعملون قرعة يقولون فيها : ” حادي بادي . سيدي محمد البغدادي , شاله وحطه , وكله علي دي ” ) .
My E.m : salahmohssein@hpotmail.com