ردود فعل العالم الإسلامي تصيبني بالخوف… منطقتنا صارت موحشة ومرعبة، أقدام أناسها تغوص في الهمجية. أقدامهم تغوص في عقول طينية.
منطقتنا مخيفة. سكانها تغيروا، لم يعودوا مثل زمان. صاروا قتلى، سفاحين.
سكانها لا يسامحوا ولا يغفروا، ومفهوم الشرف انقلب مرات عدة حتى وصل لتعريف جديد ملخصه: ان كل شيء مباح مستباح في الوقت نفسه الذي علينا أن نحكم على كل شيء بصفته محرم ومنكر.
هل أدت الاستبدادية للوصول إلى هذه المرحلة المتعفنة من اللاوعي؟
أم ان الاستغراق بالنوم الطويل ينسي النائم أصول الحضارة والمبادئ السماوية.
تسلقوا على جدران السفارات والقنصليات. قتلوا، ضربوا… لأنهم شاهدوا فيلما وغضبوا. لا أحد يقبل السخرية من الأنبياء ولا الأديان ولا المعتقدات. ولا الإنسانية تقبل أن نخدش إيمان الفرد ومقدساته، لا أحد يرضى لقطات الفيلم السخيف. لكن المبادئ السماوية لا تقبل أن يتعاطى سكان المنطقة مع الحدث بهذا الشكل الهمجي.
الذي نعرفه من تاريخ السيرة النبوية أن الرسول عليه الصلاة السلام كان يغفر لمن يُسيء إليه، كان متسامحاً. لكن سكان المنطقة شوهوا سمعة السيرة، أصبح الإسلام بعين العالم مركزا للعنف. وما نعرفه من السيرة النبوية أن أهل قريش يسيئون الى الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يمشي (تبت اياديهم)، وأنهم حاولوا قتله، وغدروا به وأنهم وأنهم… فما كان منه إلا أن غفر لهم. الشيء نفسه ستقرأه عن عيسى عليه السلام إذا ما تصفحت تعاليم المسيحية.
فمن أين أتى كل هذا الشر.
هل سيقبل الرسول ردود فعل قومه عقب الفيلم السخيف؟
هل سيقبل أن ينتحر الإسلام على أيدي أهله؟ الإهانات بين أهالي الأديان لا علاقة للأنبياء بها، حتى التصنيفات هي مدخلات لتشويه الروح الإنسانية.
والفراغ يقتل. وفي منطقتنا تمتد مساحات فراغية مهولة. الإبداعات شبه معدومة.
وكذلك الاختراعات والأحلام والآمال والطموحات، لم يبق إلا الإيديولوجيات، لكن بمعناها البشري المادي والهمجي والبعيد كل البعد عن الروحانية.
على منابر مساجدنا تطلق الدعوات على الغرب وأهل الغرب والدعوات على كل أتباع الأديان الأخرى. فكيف كانت ردة فعل أهل الغرب؟ هناك فئات متطرفة متناثرة، لكن الشارع العريض مشغول ببناء الحضارة ولا وقت لديه للرد على منبر واحد من منابرنا ذات الدعوات الشنيعة المليئة بالتطرف والكراهية. اسمعوا عددا من أغاني التطرف الموسيقي، اسمعوا ألفاظا جارحة عن سيدنا عيسى، ورغم ذلك لم نشهد أي تظاهرات وحشية تقتل وتمزق. التطرف لا يرد عليه بالمثل. بل بإهماله. انسوه لتنتهوا منه.
منطقتنا مخيفة جداً. لقد تعاطف العرب مع الثورة الليبية ضد نظام كان يقتل ويدمر، ونظرنا للثوار على أنهم مساكين يحلمون بالعدالة وبشيء من الإنسانية. لكن حين واتت بعضهم الفرصة، حين رأينا الديكتاتور الدموي بين أيديهم، حين أصبح الحكم بيدهم للحظات، أسقطوه على التراب، لم يحاكموه. لم يتسامحوا. لم يختلفوا عن القتيل.
لا تقولوا ان الثوار ليس لهم قانون. من يقول ذلك يوقع على قانون الهمجية. لا تقولوا أن الغاضب معصوم ومنزه ومن حقه الانتقام وارتكاب المجازر. لا تضيفوا تواقيع جديدة على صحيفة الهمجية.نادين البدير – مفكر حر؟