فتاة صغيرة اختطفها رجال «داعش» مع أفراد أهلها وبنات قريتها والقرى الإيزيدية العراقية، وقادوهم كالحيوانات، وارتكبوا بحق النساء عمليات اغتصاب جماعية. كل هذا يتم باسم الإسلام وشعاراته، في وقت لا تزال بيننا حفنة من المتطرفين تردد علانية المديح والأغاني لهؤلاء المجرمين تحت مبررات مزورة، مثل «الجهاد» و«نصرة المسلمين»!
من ضحاياهم نادية مراد، فتاة عراقية شجاعة تجرأت على رواية قصتها وأهلها. أبكت من كان في قاعة مجلس الأمن وهم يستمعون إلى التفاصيل المروعة لما حدث لها، ولنحو خمسة آلاف عراقية اختطفهن «داعش» العام الماضي، ولا تزال بعضهن، الأحياء منهن، إلى اليوم في مناطق تحت سيطرة هذه الجماعات. وشاهدت أيضًا مقابلتها مع الأستاذ حسن معوض، على «العربية»، تتحدث فيها ليس عن مأساتها شخصيًا، والأهوال التي مرت بها، بل عن مأساتنا جميعًا، عن كيف تتحول هذه الأفكار القبيحة إلى أعمال وأمجاد، وتجد شبابًا ينضمون إليها وشيوخًا يبررونها!
قتلوا سبعمائة رجل أعزل من قريتها، أعدموهم في ساعة واحدة، دون سبب، كلهم قرويون فلاحون. تروي كيف أخذوها وأهلها للموصل وتلعفر والحمدانية، لتغتصب مرارًا، وكيف لم تعد تعرف شيئًا عن عائلتها، حيث قطعت منهم. لا يستطيع أي إنسان أن يسامح مرتكبي هذه الجرائم، ومن يمثلون.
مع هذا، تقول، رغم الغضب والألم، إنها تأثرت بزيارتها إلى مصر، وحديثها مع الناس هناك. اقتنعت بأن تركز على إقناع المجتمع بنبذ التطرّف، وليس بكراهية المجتمع الذي جاء منه هؤلاء. لكن مأساتها ومأساة قومها ستبقى عارًا على العالم إلى الأبد، كيف أن جرائم مثل هذه تحدث في القرن الحادي والعشرين، ومن خلال أفكار تم الترويج لها عبر الإعلام والمساجد والمدارس، واستمرت بلا تحدٍّ طوال هذه السنين.
إن المشكلة في المتطرفين، أو – بالأحرى – في منظّري التطرّف، وهم ليسوا بالضرورة يعيشون في الرقة أو الموصل، بل يمكن أن يقيموا بيننا، أو في باريس، أو كوالالمبور، ويشرعون لعمليات الاغتصاب والقتل والاعتداء على كل من لا يرونه مثلهم. هؤلاء هم مصدر المرض.
ما قاله داعية متطرف، وجدي غنيم، قبل أيام عن تكفير العالم المصري الراحل أحمد زويل، الفائز بنوبل للكيمياء، جريمة جديدة ترتكب في العلن، ولا أحد يفعل شيئًا. وغنيم يستشهد بعالم متطرف مثله، ناصر الفهد. الفارق بين الاثنين أن الثاني معتقل في السعودية، والأول طليق يتكلم بما يشاء بلا محاسبة، يحرض المشاهدين على التلفزيون، ويملك حسابات على وسائل التواصل ومواقع إلكترونية، ومثله كثير.
في الظروف الاستثنائية التي نعيشها، ما لم ترسل رسائل جادة إلى جموع المفتين والدعاة المتطرفين، بأنهم سيعاقبون على ما يقولونه وينشرونه من دعوات تطرف، فإن الإرهاب لن يتوقف. الإرهابيون الذين يقتلون، ويغتصبون، موجودون في أنحاء العالم، وهم نتاج لمثل هذا الرجل الذي يكفر الآخرين، ويلعنهم.
* نقلاً عن “الشرق الأوسط”
مواضيع ذات صلة:أينَ الله يَا نادية؟!
شهم عراقي يطلب يد الفتاة اليزيدية التي اغتصبتها عناصر داعش