عن المُخلّصين يقول فريدريك نيتشة :
آه … ليتهم يجدون مَن يُخلّصهم من مُخلّصهم !
*****
ليس الله في خطر , إنّما الأوطان !
في الواقع كلّ الدلائل والأعمال اليوميّة التي تنتج عن هؤلاء الذين يدّعون الإيمان بالله ورسولهِ وكتابهِ المُبين , تنّمُ عن تناقضات غريبة ومفارقات تصل الى حدّ السذاجة والرعونة .
يقولون لنا : نحنُ حماةَ الدين , والساعوون لتطبيق شريعة الله على الأرض
ثم يُبسملون ويحوقلون , قبل أن يتلووا علينا كافة أسماء الله الحُسنى التي يرددونها دون حتى فهمٍ لمعانيها .
فإن كانوا يؤمنونَ حقاً بأنّ الله هو الحافظ , فمن أفضل منهُ سيحفظ الدين ؟
وإن كانوا يُصدّقون بالنبّي العربي , فلماذا ينسون حديثهِ الشهير : سيعودُ الإسلام غريباً كما بدأ , فطوبى للغُرباء !
ساعتها , لم يضفْ : فإضربوا عُنق كلّ مَنْ جعلهُ غريباً .
ثمّ لو شئنا الصدق مع النفس , فمَن جَعَلَ الإسلام غريباً عن هذهِ الحياة ؟
أليسوا رجال الدين وتُجّارهِ وأشياخهِ ومشايخهِ .. أنفسهم ؟؟؟
كُلّ التفاصيل والحكمة والمنطق , تنطق بذلك !
فالمُفتَرَض في الدين أنّهُ تعاليم السماء , التي توّقفت عن إرسال الرُسل والأنبياء , فتوّقفت عملية نسخ وتجديد تلك التعاليم وتطويرها وتبديلها .
لكنّ الحياة مُستمرة في التطوّر, ومعها العلم ومختبراتهِ , والعمل ومكائنهِ وكلّ يوم هي في شأن !
فعندما يحشرون الدين وتعاليمهِ في كلّ صغيرة وكبيرة من زوايا هذهِ الحياة , فإنّهم طائعين أو ( مُختارين ) يجعلون الدين ( أيّ دين ) غريباً عن هذهِ الحياة .
وأنا لا أفتأ ( في الأونة الأخيرة ) أضربُ مثلاً عن خَرَس ( رجال الدين ) أمام تفاصيل حالات الحياة الحديثة وتطوّراتها .
كموقفهم من ولادة سيّدة لطفل ليس من صُلبها , عندما تؤخذ بويضة من سيّدة ثانية وتُلقّح خارج الرحم لتُزرع بعدها في رحم السيّدة الأولى التي ستنجب الجنين . كيف سيحكموا في الميراث والبنوّة , في مثل هذهِ المعضلة ؟
لذلك آلى على أنفسهم بعض رجال الدين ( الأذكياء ), خصوصاً من إخواننا المسيحيين , بأن يتقبّلوا الواقع كما هو , حتى وصل الأمر ببعضهم الى رفع يد الكنيسة عن كلّ ما هو شخصي وعلمي وعملي .
وإقتصروا في تعاليمهم على معاني العلاقات الإنسانية والمحبة والتعاون والتسامح .
وهذا لو شئنا هو في الواقع جوهر كافة الأديان السماوية منها أو الفلسفية لكنّ القوم , للأسف الشديد ,لا يفقهون !
**********
الحالة المصرية
حتى لو سلّمنا جدلاً أنّ ماحصل في مصر يوم 3 يوليو 2013 كان إنقلاباً
فهو إنقلاب ضدّ الإرهاب في معناه ومحتواه وتفاصيلهِ المُمّلة !
لأنّهُ تخيّلوا البديل . معظم الشعب المصري يخرج ضدّ الرئيس المُنتخب والذي فشلَ في إدارةِ البلاد خلال عام كامل بإعتراف حتى المتباكين على الديمقراطية في مصر . ورفض الرئيس رفضاً قاطعاً الإصغاء لصوت الملايين . فماذا ستكون النتيجة لو لم يقف الجيش مع الشعب ؟
وهل سيّصح موقف الجيش ويسامحهُ أحرار العالم , لو ساند الرئيس وجماعتهِ من دون الشعب ؟
ألن يكون الموقف ساعتها أسوء من أسوء ديكتاتورية عسكرية ؟
لأنّهُ في تلك الحالة سيجتمع طغيان العسكر مع فاشية المتطرفين دينياً !
العقل والحكمة والأخلاص والضمير الوطني إضافةً الى الجرأة والشجاعة هي التي دفعت الجنرال عبد الفتاح السيسي ( وزير الدفاع ال 44 في تأريخ مصر الحديثة ) , الى عزل محمد مرسي ورسم خارطة طريق مع عقلاء مصر , ليتم تطبيقها خلال فترة محدودة .
وهاهي النتائج الإيجابية تتوالى كما نرى ونسمع يومياً .
ليس فقط في إيقاف تداعي الدولة المصرية التي أراد الإخوان تحويلها الى موقع خلفي للخلافة الإسلامية القروسطية .
بل إعادة الإعتبار لكل مؤسسات الدولة التي طالتها يد الإخوان بالتخريب
من القضاء الى الإعلام الى الثقافة الى التعليم ,الى باقي الأشياء .
وها نحن نرى التعديل الدستوري من الخبراء المختصين ( لجنة العشرة ) تُعدّل قدر المستطاع , الدستور الإخواني الكارثي لعام 2012 والذي اُعدّ وطُبخ ونُشر بليل كالح كوجوه واضعيه !
على العقلاء الإستفادة من دروس التأريخ , كي لا تتكرّر الأخطاء مجدّداً .
فلا حياة ولا تطوّر ولا نهضة للدولة المدنية بوجود الأحزاب الدينية . خصوصاً عندما تركب السلطة , والثورة الشعبية التي كانت ورائها !
أمّا عن المواقف الدوليّة فتلك تتغيّر ( شعبياً ) حسب المزاج الشعبي العام وهذا بالطبع يقف غالباً مع شعب مصر ضدّ الإخوان .
لكن ( حكومياً ) فإنّ المواقف تتبع المصالح قبل المبادىء حتى لو تمّت التضحيّة بسمعة الرئيس مثلاً .
فالرئيس الأمريكي أوباما , خسر لأجلِ مصلحة أمريكا التي يعتقدها هو وحزبهِ ,مصداقيتهِ في الشرق الأوسط .
فمن تردده المتكرر في الشأن الفلسطيني ــ الإسرائيلي .
الى موقفهِ ( البائس ) من الحالة المصرية اليوم .
الى ( وهذا هو الأهمّ ) , مسحهِ خطوطهِ الحمراء بيديه , بعد توعدّهِ مراراً النظام السوري بأشدّ العواقب في حالة إستخدام السلاح الكيمياوي .
فإن كان أوباما نفسه لم يلتزم بخطوطه الحمراء , فمن سيلتزم بها ؟
***********
الخلاصة / ما هو الحلّ ؟
يقول الطبيب و المفكر المصري وسيم السيسي ( ولا أظنّهُ قريب الجنرال السيسي ) .
جَفّف المستنقع , يختفي الناموس !
ثمّ يضع (( التعليم الفاسد )) في مقدمة هذا المستنقع الكبير .
وأن تكون دساتيرنا متوافقة مع (الإعلان الدولي لحقوق الإنسان ) .
وأن يكون حقّ الإنتخاب ضمن شروط حدّ أدنى من التعليم .
حيث يقارن بين إنتخاب رئيس الجامعة , بواسطة أساتذة الجامعة والمختصيّن , بينما إنتخاب رئيس الجمهورية ( وهو أهمّ بالتأكيد ) من العامي والشامي , والمتعلم والجاهل / فكيف يصّح الأمر ؟
في الواقع مهما شئنا المجاملة , فالناس ليسوا سواسيّة في التعليم والمعرفة والثقافة وطرق التفكير .
ثمّ يتطرّق الى (( اُمّ المشاكل )) حسب ظنّي وهي قضية الإنفجار السكاني الذي يتباهى بهِ المشايخ وينصحون بالتكاثر الفئراني , بينما أثبتت كلّ الدراسات العلمية وعلماء الإجتماع :
أنّ الشعب الذي يتكاثر كالأرانب , يموت حتماً كالأرانب !
وبالطبع يتحدّث وسيم السيسي عن أهميّة حُريّة التفكير كأهّم حرية على الإطلاق ويقارن بين :
(( المُخّ القديم )) عند الإنسان والذي يحوي الغرائز جميعاً وعمرهُ ملايين السنين . و (( المُخّ الجديد ))
CERBRAL CORTEX
الذي عمرهُ بضعة آلاف من السنين فقط , ويضّم القيم والمباديء والتفكير وطرقهِ العديدة .
رابط مقالة الدكتور وسيم السيسي في / المصري اليوم
http://www.almasryalyoum.com/node/2057431
*****
كتب نيتشه عام 1885 , ( وكأنّهُ ) يُخاطب الإخوان في مصر اليوم :
أردتم إقرار الصواب لشعبكم في عبادتهِ , سميّتم ذلك إرادة الحقيقة .
و الآن وددتُ لو تلقوا عنكم أخيراً جلد الأسد كلياً .
***
لتكن لكم جرأة أولاً على تصديق أنفسكم .
فالذي لا يُصدّق نفسهُ , يكذب على الدوام !
تحيّاتي لكم
رعد الحافظ رعد الحافظ(مفكر حر)؟
24 إغسطس 2013