جوزيف شلال 2012 / 9 / 29
المقدمة :
بعد سقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري وتحرر العراق في 09/04/2003 من قبضة العائلة المتسلطة على رقاب العراقيين لاكثر من 35 عاما , لم تقف دولة اسلامية او عربية مع خيارات غالبية الشعب العراقي لا حكومات ولا شعوب بالرغم من ان شعوب هذه الدول تحكمها انظمة استبدادية وفاشية وغير شرعية ودكتاتورية لا تعرف معنى الحرية والديمقراطية بل تمارس ابشع انواع القمع والقهر والعنصرية والطائفية الدينية باعتبارها سلطات راديكالية ولديها دساتير وقوانين رجعية متخلفة , وجاءت هذه الانظمة اما عن طريق الانقلابات العسكرية ومساعدة الخارج او بالتنصيب من الخارج او الوراثة . . .
على ايدي هؤلاء النازيون الجدد دمر العراق وقتل شعبه وذبح المئات باسم شريعة الغاب والله اكبر منذ عام 2003 والى هذه الساعة . يبررون ذلك لان بعض المعارضات العراقية والغالبية العظمى من الشعب العراقي استعانوا بالاجنبي الكافر اميركا ودول التحالف التي خلصت العراقيين من النظام السابق .
الكيل بمكيالين صفة متلازمة من صفات الدول والشعوب المهزومة والمغضوب عليها والفاشلة والمتخلفة ذات النظم المتعفنة الثيوقراطية التي تتشبث بالدين طريقا لها وتبني دساتيرها وقوانينها لخدمة طائفة معينة واحدة فقط لا غير , اما بقية الطوائف والمذاهب الاخرى سواء كانت تنتمي الى الاسلام او غير الاسلام ان تذهب الى الجحيم لكونهم من الدرجة الثانية او الثالثة او من ادنى المراتب الاخرى , وهي تقسيمات استخدمت من قبل النازية والفاشية قبل اكثر من 7 عقود من الزمن .
هؤلاء العربان البدو الرحل الذين جاءوا من صحراء الجزيرة التي تسمى اليوم السعودية قد نسوا تدخل الغرب خاصة اميركا لصالح كوسوفا وقد سكتوا عنها لانها مسلمة ومن الطائفة البكرية السنية . وهناك تدخلات اخرى في افريقيا ايضا سكتوا عنها لنفس الاسباب وانطلاقا من قولهم انصر اخاك ظالما او مظلوما , هذه هي العدالة الالهية الخاصة بهؤلاء التي لا نعرفها .
بعض الدول الاسلامية والعربية وهي كثيرة فيها قواعد اجنبية وجيوش واسلحة ومراكز القيادة ومكاتب اجهزة المخابرات والاستخبارات والتجسس , وتعتبر شبه محتلة من قبل الغرب الكافر وخاضعة للهيمنة الامريكية ودول حلف الاطلسي الغربي . تناسوا ايضا لولا الدعم المادي والمالي والمعنوي والعسكري والمخابراتي لهذه الانظمة لما بقيت الى الان تحكم بهذه الطرق الهمجية التسلطية وتمارس الفساد والسرقات وكل انواع الفحشاء والمحرمات . . .
لكن عندما استعانت المعارضات والشعب الليبي بالقوة العسكرية الاطلسية الغربية متمثلة بالناتو وبدعم امريكي واوربي لاسقاط النظام القذافي المجرم لم تكن العملية حرام ! لكن اعتبروها حلال لان الضرورات تبيح المحذورات والممنوعات , لا بل من افتى بقتل القذافي وعلى راسهم القرضاوي المحرض على الكراهية والطائفية والتفرقة العنصرية .
الموقف من عمليات التغيير في المنطقة ?
لا نعتقد بوجود انسان عاقل او شريف او محب لارضه ووطنه ان يقبل بان تستمر هذه الانظمة اللامثيل لها لا في الماضي ولا الحاضر ان تبقى تحكم الى ما لا نهاية اي الى الابد , في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا وباقي الانظمة التي تعتبر غير شرعية . هذه الانتفاضات او هناك من يسميها ثورات وهي ليست هكذا قاموا بها مجموعات من الشباب والطلاب والجماهير التي تتطلع الى الاعلى والى الحرية والديمقراطية والحياة العصرية والانفتاح والعولمة والتعايش الحضاري مع الاخر . . .
كانت هناك والى الان فتاوى في بعض الدول من قبل شيوخ وعلماء الاسلاميين ضد النزول الى الشوارع وتغيير الانظمة , لكن عندما ايقنت ورات بان هذه المسيرات اعطت مفعولها وستؤدي في النهاية الى رحيل الانظمة , بقدرة قادر نزلوا الى الشوارع وانقلبوا 180 درجة واقاموا الصلوات في الساحات والشوارع واعلنوا ان المسيرات يجب ان تنطلق من الجوامع وبعد اداء الصلاة لكي يعطوا صبغة دينية بان هذه هي ثورات الاسلاميين ضد الحاكم الظالم وهكذا سرقت الثورات والانتفاضات واستخدمت شتى انواع الفتاوى وخطابات منها غير اخلاقية واهانت الاديان وباقي مكونات وقوميات ذلك البلد .
بعد ان شاهد العالم وراينا ما حصل ويحصل كل يوم في هذه الدول من فوضى وتدمير وارهاب وسرقة المتاحف والمحلات التجارية والبيوت والبنوك واجهزة الصرف الالي والاعتداء على الحريات والاديان الاخرى ومقدساتهم وتهديم قبورهم واضرحتهم ومزاراتهم , ونبذوا حتى باقي الطبقات الاخرى بما فيها الذين قاموا وشاركوا بالثورات من الشباب والعلمانيين والطلاب والاحزاب غير الاسلامية . . . , لهذه الاسباب والتداعيات الاخرى وغيرها اطلقنا عليها اسم / ثورات الخريف والشتاء العربي , اي ثورات الثيران الهائجة الهمجية المتوحشة المتخلفة العنصرية , مع احترامنا للاصلاء والشرفاء الذين قاموا بهذه الثورات والانتفاضات وكنا معهم في تلك الايام فقط .
موقف نوري المالكي من الربيع العربي :
كل مراقب للاحداث لم يستغرب من موقف نصف الحكومة العراقية تقريبا مما يحصل في بعض الدول العربية وربيعها العربي . في مقدمة هذا النصف الحاكم في العراق السيد نوري المالكي رئيس الوزراء . لا يوجد موقف واحد موحد صريح داخل الحكومة العراقية مجتمعة , المكونة من الشيعة والسنة والاكراد , هناك تباين وتضارب وتناقض في المواقف بين الاطراف الثلاثة تجاه كل دولة وحالة ونظام التي تشهد تطورات وعمليات التغيير .
ما يهمنا هنا هو موقف السيد رئيس الوزراء نوري المالكي مما يحصل الان في المنطقة وتحديدا سوريا . التصريحات الاخيرة للمالكي في وسائل الاعلام كان واضحا وصريحا بقوله / لهذه الثورات لصوص ركبوا الموجة , وان تنظيم القاعدة الارهابي سرق ايضا ثورات دول الربيع العربي , وان القاعدة بدأت تصل بعملياتها للعراق مجددا وانها انتشرت باليمن وتونس وليبيا وسوريا , واضاف السيد المالكي يجب التمييز بين الربيع العربي وبين منظمات القاعدة والارهاب . . .
هذه المواقف من قبل السيد نوري المالكي بما يحصل في بعض الدول العربية , تعتبر عملية تشخيص دقيقة وصحيحة ومقبولة ولا تقبل الشك . كنا نطمح ان يكون موقف الحكومة العراقية الكاملة باطرافها الثلاثة نفس هذا الموقف والتحليل الصائب والواضح والصريح في نفس الوقت . نعم نقول / ما يجري الان في هذه الدول هي عمليات تغيير من السيئ الى الاسوأ , ومن الفاشية الى النازية وبالعكس .
الغالبية العظمى من الشعوب العربية والاسلامية لا تريد انظمة ديمقراطية تحترم الانسان وان تكون لديها دولة مدنية ودساتير وقوانين لا دينية ولا شريعة الغاب . الغالبية هذه كانت السبب في الانقضاض وافتراس الثورات الحقيقية من اصحابها , السبب في مجيئ انظمة اسلامية باحزابها الرجعية المتخلفة عندما انتخبت الاخوان والسلفيين والمتطرفين والجهاديين والتكفيريين والقتلة والارهابيين والوهابيين ومن على شاكلتهم من الاجرام والوحشية واللا انساية . . .
الموقف من سوريا نموذجا :
لا زال الحديث حول موقف نوري المالكي والحكومة العراقية من الازمة في سوريا كحالة من هذه الحالات عما يحدث في المنطقة التي تسير في نفق مظلم لا يحمد عقباه . هنا نجد ان موقف نصف الحكومة العراقية هو موقف طائفي وعنصري احيانا لاسباب تعود اما للدين وللمذهب والطائفة او احيانا بمصالح شخصية ومنافع وما هو موجود تحت الطاولة من اتفاقات وترتيبات وايعازات وطلبات واوامر يجب ان تنفذ لوجود مستمسكات واثباتات وادلة لا نريد ان نتطرق اليها الان .
الموقف من البحرين مثلا كان طائفيا وباتجاه واحد , بالرغم من اننا مع ازالة هذا الحكم الملكي العميل الموالي للوهابية السعودية ودول مجلس الشر والتخلف الخليجي , وان ياتي نظام عادل وديمقراطي لا يفرق بين مكونات شعبه وبين المذاهب والطوائف والاديان .
كذلك موقف السيد نوري المالكي من سوريا لم يكن عادلا وانما اتخذ هذا الموقف لعدة اسباب او عوامل معروفة , منها طائفية , جاء بضغوطات اقليمية , لفشل الصفقات السرية بين الدول الكبرى , نجاح صفقات مع النظام السوري كالصفقة التي عقدها بشار الاسد مع الاكراد في سوريا مقابل زيادة عمليات حزب العمال ضد تركيا . . .
اذن كيف نفسر ما قام به النظام الفاسد في سوريا ضد العراق منذ عام 2003 والى 2011 من عمليات اجرامية وانتحارية ومفخخات وتدريب مسلحين وارهابيين وقتلة ومجرمين باشراف المخابرات السورية وارسالهم الى العراق لقتل الشعب وتدمير البنية التحتية وافشال التجربة العراقية ? كيف ينسى السيد نوري المالكي تلك الاحداث المريرة التي عاشها كل عراقي ? وهل الدم العراقي اصبح مباحا الى هذه الدرجة من قبل سلطة الامر الواقع في العراق ? وهل الارض العراقية تهان الى هذا المستوى دون اكتراث السلطة الحاكمة في العراق من قبل عصابات بشار الاسد من المافيا ومن ازلام النظام العفن السوري ? .
هنا لا بد ان انقل بعض ما قاله السيد نوري المالكي للعالم وللتاريخ عن افعال وجرائم بشار الارعن تجاه العراق والعراقيي /
المالكي في ايلول 1999 اتهم نظام بشار الاسد بتمويل وتسهيل وتدريب الارهابيين والقتلة ! , طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية واراد تحويل الملف كله الى دوائر الامم المتحدة ! , ذكر ان هناك لقاء ترعاه المخابرات السورية ضم تكفيريين وبعثيين ! , اخيرا سحب سفيرا البلدين للتشاور احتجاجا لما يحدث في العراق .
نعرف ان في السياسة لا توجد قيم ولا اخلاق ولا مبادئ وما الى ذلك , بل مصالح ومصالح شخصية او ضغوطات لتنفيذ الاوامر والتعليمات بالقوة او الترهيب او التهديد والخ . لكن ما هو ذنب الضحايا العراقيين وذنب العراق الذي دمر بسبب سياسة المزادات العلنية والبقاء في السلطة , وان يقف مع مجرم وقاتل وارهابي ويمارس الفاشية والنازية اكثر من الذين قاموا بمجازر الهولوكوست وهذا الحاكم يقوم بهولوكوسات ضد شعبه وقبل ذلك ضد العراقيين .