اكرم هواس
قبل كل شيء اود ان اعبر عن اعتذاري… لان عنوان هذه المقالة ربما سيغضب البعض و ربما يزعج كثيريين اخرين و ربما يسعد اخرين… اعبر عن حبي و تقديري للجميع و اتفهم الجميع… مشاعرهم و فهمهم… احساساتهم … فرحم و ترحهم… نقدهم و غضبهم… انا احب الجميع رغم اختلافاتهم في الرؤى و الاهداف… في اختزال بعض الاشياء و تعميم البعض الاخرى.. لكن..
نحتفل هذه الايام بعيد الاضحى المبارك… و قبل فترة قصيرة احتفلنا بعيد الفطر… و بين هذا و ذاك… و قبل هذا و ذلك هناك احتفال و احتفال… هنا و هناك باعياد المسيحيين و اليهود و الصابئة المندائيين و الزرادشتيين و الايزيديين….و… و اعياد ميلاد هذا و ذاك من الانبياء و الصالحين و الرموز السياسية و الاعياد الوطنية و اعياد الشعوب و اعياد الحضارات القديمة و الجديدة…. السلسة طويلة… فالكل له عيد و الكل له الحق ان يحتفل…. لكن…
اسئلة شرعية و منطقية تظل دون ان تجد اجابة… لماذا تزداد وتيرة القتل و الدماء كلما اقتربنا من عيد او فككنا منه..؟؟… لماذا تنشط طاحونة الموت كلما قررنا ان نفرح..؟… لماذا تقرع طبول الحرب كلما شمرنا الذراع للبناء…. لماذا تتفكك الاواصر كلما توجهنا بالدعاء الى الله ان يجمع شملنا… لماذا يظهر من بيننا من يفرقتا كلما هممنا ان نرص صفوفنا…. لماذا.. و لماذا… و لكن…
في الاعياد تزداد ايضا وتيرة النفاق… نعم في داخل كل منا منافق… و على لسان كل منا نفاق… نظن اننا نخفيه… تزداد التهاني و التبريكات والتمنيات… و رغم ان التاريخ الانساني مليئ بحضاراته المختلفة و اديانه الكثيرة و مصلحيها الكثيرون… و المدافعون عن الحق و الذين يخافون الله…و الساعيين لنشر العدالة…. و كثير من الذين ارادوا ان يصنعوا الجنة على الارض من الرأسماليين و الاشتراكيين و اللليبراليين…و المجاهدين في سبيل الله و المستضعفين…. و لكن…
لم يخرج علينا احد ليخبرنا… كيف يمكن ان نهنئ الذين يتعرضون للقتل… ماذا نقول للذين تهدم على رؤوسهم بيوتهم… كيف نهنئ الذين يزجون الى السجون… بل كيف نهنئ المرضى و الضعفاء… كيف نهنئ الذين يفتقدون لقمة العيش…و الذين يفترشون اللارض و ترقد اعينهم من الوهن و بطونه خاوية… غدهم مثل يومهم… مستقبلهم مثل ماضيهم…قلوبهم ليس فيها غير الهموم و الالام و الاهات… كيف نهنئ احدا لم يعرف معنى الهناء… كيف نبارك لاحد شيئا لم يذق طعمه… كيف نهنئ طفلا فقد اما او ابا… و كيف نهنئء امرأة اغتصبت.. كيف نقول لاحد …كل عام و انت بخير…و هو لم يتعرف على ما يفصل بين الخير و الشر… ؟؟؟؟.. و لكن..
هل يكفي ان نقول ان هذه مشيئة الله…. هل يكفي نخفي ما نشعر به و لا نعلنه.. الحمد انه لست انا… … و نغرس رؤوسنا في رمال… بل في وحل انانيتنا… هل عرفنا انه كلما ازداد انواع الطعام على موائدنا… ازداد عدد الفقراء حولنا… كلما رنت طبول افراحنا… زاد انين المحرومين من جيراننا… كلما زاد زهونا بانفسنا… ازداد بؤس مسلوبي الارادة خلف جدراننا…؟؟؟؟… و لكن..
ألم يقل النبي سليمان… كما ينقل لنا القران… ( ربي اغفر لي و هب لي ملكا لا ينبغي لاحد بعدي) (سورة ص الاية 35)..؟؟ هل النفاق هو نهجنا الابدي… و هل نحن محكومون بانانيتنا…ربما…و لكن…
جميل جدا ان نتفائل… و الاعياد هي مناسبة للتفائل… تفائل الافراد و الجماعات… او بكلام اخر… ان الاعياد هي مناسبة لتفعيل الميول الايجابية في الافراد و الجماعات… هي محاولة لدفع الناس باتجاه نسيان الخلافات و البدء من جديد… نعم هكذا… و عليه ربما هي من المنغصات الشديدة ان نتحدث عن المأسي و الموت في هذه المناسبات…و لكن..
اليس الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع احد ان ينفيها… لا المتفائلون و لا المتشائمون…. ثم هناك اشكالية اخرى… لابد من التفريق بين امرين يختلطان عند البعض رغم تناقضهما الشديد… التفاؤل و السذاجة… الاول ايجابي بناء و الثاني مهلك مدمر… فهل نستطيع ان نختار…؟؟… و اخيرا…الم يدعونا ربنا في القران ان لا ننسى و لا نغفل عن قول الحق…(و ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) (الذاريات 55)… و المؤمنون هنا هم كل المحتفلين… كل الذاكرين و الغافلين… كل الطيبين و المنافقين.. كل المتفائلين و كل الساذجين… و اعياد الجميع مباركة… هكذا نتمنى…