منذ طفولتى لدى علامة استفهام كبرى فككت رموزها اليوم فقط …
لقد عوقبنا لأشياء لم نقترفها, فلقد ولدنا بالفطرة و لقد كانت عملية التثقيف البيتى ناقصة و هلامية و دائما تخفى عنا حقيقة التطور الجسدى, و الفكرى, و علاقات الإنسان بالإنسان الآخر و عجز كامل فى تفسير الأسئلة المطروحة من قِبَل الجيل الناشئ الجديد “الأعمى”. بدلاً من ان نتعلم فى البيت, نتعلم من الجيران و الحارة و الحى و المدرس و المربية و الكب المدرسية المتوارثة عن عدم دراية و تفحص ينقل جيل الى جيل بدون تبديل.
المعرفة هى الوجه الآخر للحقيقة فبدون معرفة تقع فى دائرة الخطيئة, فكيف إذاً كانت المعرفة مبرمجة كما هى الآن و فى القرن السابق و خصوصاً فى منتصفه, كيف ينشأ جيل لا يعلم حقيقة ما يدور حوله؟ و خصوصاً فى أمور الشخصية و كل ما تسمعه حرام و عيب و لا تناقش فكل شىء عليك أن تقبله و إلا سوف يحل عليك عقاب الإله. إذن هى ثقافة قفل باب التفكير و تحويل الإنسان الى مسجل عتيق, ويسجل و يدور يسمع الآخرين كما سجل له.
v الجريمة و العقاب:
لا تخرج ن التعليمات و القوانين و الأنظمة المرعية و التربية الأبوية و الاجتماعية و الدينية, إذن هى منظومة الديمقراطية الكاملة. نَفِذ و ناقش و عندما تناقش عليك الصمت و الاستماع للأكبر سناً, عبودية السن و ثقافة الصمت.
هل الفرد مسئول عن سلوكه هو السؤال؟
هل الأفراد من العوائل المفككة و المتهالكة مسئولة عن سلوكها؟ هل الفقراء مسئولين عن الجوع الذى يدفعهم للجوء للأنماط السلوكية المرفوضة اجتماعيا و الانتماء لمنظومة العمل الخفى و الأحزاب السياسية و إيجاد مصادر رزق خارج حدود الأخلاق و القانون. فالجوع مفتاح الشيطان الذى به تتحول الطاهرة الى باحثة عن اسكات نداء المعدة بأية ثمن و خصوصاٍ ذا كانت لديها (كومة عيال) و خصوصاً فى زمن القحط و الحروب و الاستبداد. و لماذا المجتمع الغنى لا يساعد الفقير فى منظومة أخلاقية غير قانونية تسمى القلب ألكبير؟ إن جريمة الفقير نصفها شبع الغنى و النصف الآخر عدم عدالة توزيع التعليم و الخبز.
لكى نقضى على الفقر توسع دائرة العلوم و تتخم البطون و بعد ذلك حساب و بشدة. الفقر و الجوع بالإضافة للجهل هو السبب الحقيقى لمأساة اليوم.
عصابة تسمى ميليشيا, قتلة مأجورين يسمون شركات أمنية, قاتل بإجازة من الدولة يسمى شرطياً, قاتل نيابة عن الحاكم يسمى عسكرياً, مجرم يسمى محقق, موزع العقوبات يسمى قاضى, الوحيد الشريف هو الذى ينفذ حكم الإعدام لأنه يمثل القانون و إنسانياً لا ينتمى للجنس البشرى.
فالمجرم بقانون محمى و شبعان و المجرم بلا قانون سوف يذبحه السلطان و الله هذه عدالة الخصيان.
القانون عندما يوضع له شروط:
1. التعليم.
2. إتخام البطون.
3. حماية المرأة و الطفولة و كبار السن.
4. توفير السكن.
5. توفير الملبس.
ثقافة (م3) = (مسكن – ملبس – مأكل) + تعليم
عندما توفر المجتمعات و الدولة (م3) عندها تحاكم البشرية, فكل الظواهر الغير إنسانية نتاج هذه الأنهار الثلاثة. إذن هى المسئولية و ليست العدالة العرجاء.
فالمدينة الفاضلة لها أسقف تحمى الإنسان و ملبس يستر عورته, و مأكل يقتل جوعه, و مدرسة لتصنع منه أداة منتجة لنفسه و للآخرين, و تمنع الحاجة عنه.
أيها البشر جِفوا دموعكم و اقتسموا خبزتكم.. و الله ينصركم.
العدالة لا يصنعها الشبعان …