كلما تم الحديث عن مشاريع الوحدة العربية يتم التطرق للثوريات العربية كرائدة لتلك المشاريع، والحقيقة كالعادة هي ابعد ما يكون عن ذلك، فتلك الثوريات هي التي هدمت احلام الشعوب العربية بالوحدة، وكفرتهم بها وأوصلت دول الحضارة العربية الى مشاريع التقسيم والتفتيت الحاضرة والتي اقتصرت على الدول التي حكمتها الثوريات العربية لا الانظمة المحافظة.
***
فمشاريع الوحدة العربية الحقيقية حققها الملك عبدالعزيز بن سعود في الجزيرة العربية والملك فيصل الاول في سورية ثم العراق، حيث منع تفتتهم، والملك فاروق في مصر حيث اكد حكمه لمصر والسودان، وفي الاربعينيات وحد الملك عبدالله الأردن وفلسطين، وفي الخمسينيات وحد الملك ادريس السنوسي ولايات ليبيا الثلاث في دولة فيدرالية حولها في الستينيات الى وحدة مركزية اندماجية، كما وحد الشيخ زايد إمارات الخليج السبع وترجمت دول الخليج الست احلام شعوبها بالوحدة عبر إنشاء مجلس التعاون الخليجي.
***
في المقابل سلم النظام الثوري الذي حكم مصر بعد عام 1952 ملف السودان الى ضابط غير مؤهل يدعى صلاح سالم فتسبب في انفصال السودان ولاحقا تم تسليم ملف الوحدة مع سورية الى ضابط غير مؤهل آخر يدعى عبدالحكيم عامر فتسبب في انفصالها وخسرت مصر عام 67 والى الابد امتدادها الآسيوي ونعني قطاع غزة، حيث لم تعد دولة افريقية ـ آسيوية بل اصبحت دولة افريقية فقط كونها تعتبر شبه جزيرة سيناء جزءا من القارة الأفريقية وكان افضل لو اعتبرتها آسيوية لكون ذلك جاذبا للسياحة والاستثمار في مصر وسيناء.
***
في كتاب للدكتور القاضي الليبي محمد عبدالمطلب الهوني صدر مؤخرا تحت مسمى «سيف القذافي» تحدث فيه عن تفاصيل لقاء حضره كمستشار لسيف الاسلام القذافي مع الشيخ محمد بن زايد في الرباط الذي يقول انه اسرهم بتواضعه وعلمه، ويذكر عدة فوارق بين إمارات الشيخ زايد وليبيا القذافي، منها ان الامارات يتخذ بها القرار بشكل مؤسسي عاقل وحكيم بينما يتخذ القرار في ليبيا بشكل انفعالي ارتجالي جاهل، كما استطاعت الامارات ان تنوع مصادر دخلها في وقت بقيت فيه ليبيا القذافي على النفط كمصدر وحيد للدخل.
وفارق آخر يشير له د.الهوني هو ان تراتبية الحكم في الامارات مستقرة وهي ضمن دولة المؤسسات التي انشأها الشيخ زايد بينما شهدت ليبيا صراعات دموية حتى اللحظة الاخيرة بين ابناء القذافي.
***
آخر محطة: 1- فصّل الحكام الثوريون دولهم على مقاسهم الخاص فانهارت دولهم وانشطرت وقامت بها الحروب الأهلية فرحلت برحيلهم، بينما فصّلت الانظمة المحافظة دولهم بمقاس مصالح شعوبهم فبقيت تلك الدول واستمرت برحيل الحكام.
2- بعد انفصال السودان عن مصر ثم انفصال جنوب السودان عن السودان، نرجو الا يتسبب الاستفتاء الحالي في دارفور في انفصال دارفور في الغرب حيث سيلحقه سريعا انفصال ولايات الجنوب والشرق.
* نقلا عن “الأنباء”