جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك إلخ الحديث .وكم من أحاديث نبوية وآيات قرآنية تخاطب بمكانة وعظمة الأم ورحمتها على أطفالها. وفي هذا المقال لا أخاطبكم به كي ترأفوا باأمهاتكم…. لا . لأنني أعلم بأنكم لا تستطيعون العيش دونهن، ولكن أخاطبكم به لتلتفتوا إلى من تقع قضاياهم تحت أيدي القضاة وفي دهاليز المحاكم، كي تسعون بما أوصى به رسولنا الكريم عليه الصلات والسلام’ وتقتدون برحمته ورأفته وإنسانيته .
مقالي هذا سأخصصه للأم والأبناء .في أحد أسفار رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد رأى أنثى إحدى الطيور مضطربة يمينًا وشمالاً، في حركات تدل على الفزع فقال: (من فجع هذه في فراخها قال رجل أنا يا رسول الله، فقال : ردوا إليها فراخها ).اما في زمننا فكم من ام فجعت في فراخها؟؟ بسبب بعض الإجراءات القضائية أو بسبب عناد الزوج أو أهله ، كم أم فجعت على اطفالها ؟؟ وكم طفل كان مصيره الشتات دون أن يلتفت أحد لمعاناته نفسياً وذهنياً.
إن الضحية الكبرى للخلافات الزوجية هم الأطفال ،هؤلاء الحائرون بين والدتهم ووالدهم وبالأخص الأم الأم إذا غابت أو حُرمت من أطفالها ,فستكون فاجعتها عليهم كبرى،،،وهنا يعتقدوا الأخصام ،بأنهم يعاقبون الأم بحرمانها من أطفالها ،وتجاهلوا عذاب الأطفال لفقدان والدتهم واحتياجهم الكبير لها ، والذي لا يستطيع أحد أن يملأ الفراغ الذي تركته في حياة أبنائها، مهما حاولوا الإلهاء ، فالطفل لن ينسى أمه ، وسيكون هناك نقص في جانب نفسي مهم لديه مقارنةً بمن يعيش في كنف والديه .
وقد ينجح الرجال خصوصاً في مجتمعنا “الذكوري” من حرمان أم من فلذات كبدها ،، وبالجانب الآخر هم نجحوا بامتياز بإلحاق الأذى النفسي بأطفالهم،، فهم للأسف يعاقبون الأطفال قبل الأم.
جميعنا نعلم أن الأطفال لا يجرؤا بالمطالبة بالعيش مع والدتهم في حالة انفصال الأبوين ،وبالأخص إذا كان الأب متسلطاًً ،والأكثر الفتيات فهن الأقل جرأةً بالمطالبة بالعيش عند احد والديها فلا تستطيع أو تتجرأ بالمطالبة بحقوقها إلا في سن التاسعة عشر . فالأطفال الحق الأول لهم أن يعيشوا مع والدتهم دون تعجيز أو تسلط أو ظلم .
وبما أننا دخلنا في حقوق الطفل هنا… أتمنى من اليونيسف أن تضع مادة تُطبق عالمياً بأن من أبسط حقوق الطفل أن يعيش مع والدته ما دامت قادرة، دون الرجوع للمحاكم والمماطلات في الدوائر الحكومية، دام انها سُميت اليونيسف أي بـ”حقوق الطفل.
أما الأضرار التي يلحق بالأطفال البعيدين عن أمهاتهم ، فهم مهددون بـأحد هذه السلبيات ..”التوحد الأسري أو طيفه” أو “الانحراف السلوكي” العزلة أو الاكتئاب ” الإحساس بالنقص عن الأطفال الآخرين” أو عدم الثقة بالنفس ” كثرة التمرد” سرعة الانفعال “بالإضافة “للتشتت الذهني والفكري” ,، وقد أثبتت دراسات أنهم أكثر انحرافاً بالسلوك و أكثر عزله عن المجتمع .
أما الأم فهي أكثر عطفاً وحرصاً على اطفالها ، وأكثر خوفا وحفظاً ورحمة بعد الله سبحانه وأذكر لكم حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال:
( أترون هذه طارحة ولدها في النار ) قلنا : لا ، وهي تقدر على أن لا تطرحه ، فقال : (( لله أرحم بعباده من هذه بولدها)) وهنا من هذا الحديث يتبين للجميع ، بأن مهما كبرت رحمة الأب فلا يوجد على الطفل أرحم عليه من والدته بعد الله سبحانه.
كم من قاضٍ حرم أمّاً من أطفالها بسبب أنها لا تملك المال أو لسبب النسل أو لأنها من جنسية غير جنسية ولدها ،وكم من زوجٍٍ أو أهله جعلوا أمهات أبنائهم يركضن من دائرة حكوميةٍ لدائرة مفجوعاتٍ على أبنائهن ،، وللأسف.. أنّ من يهاجمون الأمهات ويحاربوهن في أطفالهن تناسوا بأنهم هم أنفسهم لا يقدرون ولا يستطيعون العيش على بعد امهاتهم وهم في مناصبهم ومع زوجاتهم .
وفي النهاية أذكر لكم قصة “سلوى المطيري” … تلك الشخصية المثيرة للجدل ، هي إحدى آلاف الأمهات اللائي فجعن بأطفالهن ، والتي أخذ منها مراهقي الحس و جاهلي العواطف و الإنسانية أضحوكة ، وقام الإعلام و القنوات الفضائية بانتهاز فاجعتها كأم على طفلتها ، فدققوا على سلوكها الحاضر ، وشهروا بها وسخروا منها ، ولم ينظروا لها عندما كانت بعقلها قبل أن تنُزع طفلتها من بين أحضانها ، وتجاهلوا بأن فاجعتها كأم اوصلتها إلى ما هي عليه الآن..
فشكراً أيها الإعلام عندما تتشدق بفضائح المظلومين والمفجوعين وتتكتم على الظالمين المتمردين .،