من خلْع الرؤساء إلى خلْع الحجاب

monalisaالنهار اللبنانية

موناليزا فريحة

بعدما نجح ميدان التحرير في خلع رئيسين لمصر في أقل من سنتين، ثمة من يتطلع الى تلك الساحة لتكون ميدانا لخلع الحجاب في “ثورة” تثير جدلا واسعاً وتزيد حدة السجال في شأن تحديث الخطاب الديني في المجتمع المصري.

الدعوة التي أطلقها الكاتب شريف الشوباشي الى تظاهرة في الاسبوع الاول من شهر ايار في ميدان التحرير تخلع فيها مجموعة من الفتيات الحجاب، قسمت المجتمع المصري على نحو غير متكافئ. وبعيدا من محاولات “الاخوان المسلمين” وغيرهم من الجماعات المتشددة استغلال هذه الدعوة سياسياً في محاولة لتقويض دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي الى “ثورة دينية”، من الواضح أن في منطق الشوباشي كثيرا من التطرف الآخر او المعاكس. فهو ينطلق من ان الحجاب أداة للفسق والفجور، وأن 99 في المئة من الساقطات محجبات، كما يرى أن الحجاب ضد حرية المرأة وحقوقها، مقارنا دعوته بما قامت به إحدى أبرز ناشطات الحركة النسوية العربية هدى هانم شعراوي عام 1921، قائلا إن ما فعلته أدى الى طفرة تقدم في المجتمع المصري.
هذه الاسباب “الموجبة” أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي. وتجاوزت انتقادات الدعوة رجال الدين والمؤسسات الإسلامية الى فتيات غير محجبات وافق بعضهن على كون بعض المصريات مجبرات على الحجاب، إلا أنهن اعترضن على منطق الكاتب، واعتبرن أنها لا تختلف عن دعوات التيار الديني المؤيدة للحجاب، وأن كلا التيارين يرغب في تحريك المرأة في الاتجاه المناسب له، مصادرا بذلك حقها في الاختيار.
في مذكراتها تروي شعراوي أنها أثناء استقبال الزعيم المصري سعد زغلول الذي كان عائدا من بريطانيا رفعت النقاب هي وسيزا نبراوي و”قرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفّتنا لنرى تأثير الوجه الذى يبدو ظاهرا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيراً أبداً لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد، متشوقين إلى طلعته”.
يرفض منتقدو الشوباشي مقارنة دعوته بما قامت به سابقا الناشطة المصرية الشهيرة ، بحجة أن ما فعلته لم يكن دعوة الى خلع الحجاب، وإنما ثورة على القيود التي تواجه المرأة وتحول بينها وبين المشاركة الفعالة في كل أوجه الحياة المصرية.
وعلى الجبهة الاخرى من السجال، تدغدغ دعوة الشوباشي مشاعر أولئك الذين يحنون الى “الزمن الجميل”، ويقولون إن مصر كانت أجمل من دون حجاب، في اشارة الى فترة الخمسينات والستينات والسبعينات.
الأكيد أن مصر جميلة بحجابها، وقد تكون أجمل من دونه، لكنّ الاكيد أيضاً أن أيا من شعاري “سيستمر الغلاء ما لم تتحجب النساء” و”خلع الحجاب لمكافحة الفكر المتطرف”، لا يعكس المشاكل الحقيقية الكبيرة لمصر، وأن تحميل غطاء الرأس مسؤوليات بهذا الحجم بعيد كل البعد من الواقع.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.