من أقوال المسيح عليه السلام في الإنجيل :
طوبى للمساكين فإن لهم ملكوت السماء ..”
ومن آيات القرآن الكريم :
* قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم * سورة المائدة ..”
في كل الأديان السماوية وعد الله عباده المخلصين والصادقين بجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها مخلدين أبدا ، ووعد الفقراء والمساكين بشجرة الخلد “طوبى ” يتفيأون في ظلالها فلا حر ولا برد ولا نصب يصيبهم رضوان من الله جزاء صدقهم وإيمانهم واحتسابهم وما أروعه من جزاء ..!
هنا يلفتني أحوال المؤمنين والصادقين من كافة الأديان وأنا أستعرض ما آلت إليه أحوالنا وأنا أرى تناقضات عجيبة وغير متكافئة تناقض تماما ما أنزل الله في كتبه المقدسة وما اختص الله به عباده الصادقين ، ووصلت إلى نتيجة من صنع البشر ..!
مظاهر البذخ والترف والنعيم وما يقابلها من مظاهر الفقر المدقع والبطالة والفساد ..!
فهل اقتصرت الجنة على الفقراء والمساكين فقط ، أم أن لكل مجتهد نصيب ..؟!
وهل اقتصرت العبادات والصدق والإخلاص على فقراء البشر دونا عن الأغنياء والمترفين ..؟!
هناك الكثير من الأغنياء يجتهدون في عباداتهم وعلاقاتهم الروحانية بالخالق لاتشوبها شائبة ومع ذلك هم يعيشون في بذخ الدنيا مترفين في قصورهم وتجري من تحتهم الأنهار ، ولهم فيها ما يشتهون ولحم طير مما يتخيرون ..!
بينما نجد أن الكثير من الفقراء أيضا يتساوون بصدقهم وعباداتهم ويتسامون بعلاقاتهم الروحانية مع الخالق ولكنهم فقراء معدمين ومهما اجتهدوا يبقى فقهرهم سيمة من سمات العوز والحرمان ينطبق عليهم قوله تعالى :
يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ..”
من جهة أخرى أرى الكثير من الفاسقين والكاذبين والبعيدين عن الله يسكنون القصور الممردة والمشيدة فيها من النعيم ” ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ” ، فهل هي مكافأة إلهية لهم على فسقهم وفجورهم وبعدهم عن الله ..؟!
سيقول البعض :
إن هذا النعيم استدراج الله تعالى لهم فيمد لهم مدا ويملي لهم إن كيدي عظيم ويا للسخرية ..!!
كيف يتهم الله عز وجل بالكيد وهو أقبح صفة بشرية على وجه الخصوص ، وكيف يوصف مالك الملك ذو الأسماء الحسنى بهذه النقيصة الأخلاقية ..!!
هذا الموضوع مثير للجدل والكثير من التساؤلات التي برع البعض ممن سموا أنفسهم فقهاء الأديان وعلماء اللاهوت واختصوا أنفسهم بالفهم والإدراك لكل ما ورائيات الخلق وفككوا شفرات الكتب المقدسة بتفسيرات لا يصدقها العقل والمنطق ..؟!
لماذا جعلت ” طوبى ” للمساكين والفقراء بينما حرم منها الأثرياء والأغنياء ..؟!
ولماذا يعيش هؤلاء الأثرياء في قصور تجري من تحتها الأنهار في الحياة الدنيا ولمجرد انهم يؤدون صلواتهم وصيامهم ونسكهم يذهبون إلى جنات الآخرة وبذلك هم خلقوا ليعيشوا النعيم في الدنيا والآخرة دونا عن الفقراء الذين يساوونهم الاجتهادات الدينية من صيام وقيام ونسك بنفس الوتيرة ..؟!!
ثم نقرأ في آية أخرى :
إن الأرض يرثها عبادي المخلصين …”
إذا :
الجنة والنار ، والنعيم والجحيم ، هنا على هذه الكرة الأرضية كما أراها بمنظور الواقع الذي لاجدل فيه ..!!
وإذا :
الجنات والنعيم ليست حكرا على الفقراء والمساكين وعباد الله المخلصين وإلا لما عاش الأغنياء الفاسقون والكافرون النعيم والترف جزاء كفرهم وفجورهم ..!
وجهنم ليست حكرا على الفاسقين والكافرين وإلا لما قتل الأطفال والأبرياء بذنوب لم يقترفوها ولا يد لهم فيها ..!!
فما هكذا تفسر العدالة السماوية ، ولا هكذا أراد الله لنا أن نفهمها ..!!
وإلا كيف نفسر حياة الأثرياء الذين يعيشون الفساد الأخلاقي ك ” ترامب ” الرئيس المرتقب لأعظم دولة في العالم على سبيل المثال لا الحصر بحيث اختص لنفسه مبولة في حمامه من الذهب الخالص ، وناطح السماء في مسكنه ، ووووالخ وهو الذي مثل الإباحية والفجور بأشكاله وبوله انجس من بول الخنزير في حظيرته ، وأمثاله كثر لايحصون ولا يعدون ..؟!!
هناك من سيفسر ذلك أيضا بأنها الحكمة الإلهية بيعز من يشاء ويذل من يشاء غير مدركين أن هذه إفتراءات على الله لأن الله هو العدل المقسط المسخر الذي سخر لنا ما خلق ليوزع بين عباده بإحسان ..؟!!
الموضوع يطول الجدل والنقاش فيه ولكن ما استخلصت من كل ذلك أن الجنة والجحيم خلقها بني البشر الذين تألوا على خالقهم وتحدوا أحكامه فجعلوها إما جنة ينعمون بها كيفما شاؤوا ، أو جهنم يحرقون بها أيضا من ساءهم ..!!
هنا جنتنا وهنا جحيمنا ولا علاقة لما ذكر بالأديان بنا ، فما هكذا هي الجنة ولا هكذا هي النار فما لقيصر لقيصر وما ل لله ل لله ..!
إلهنا الذي تتحدث عنه كتب الفقه واللاهوت لا علاقة له بحاضرنا المخيف الذي جعل لنا ألف إله والهي ، وألف ألف جنة ونار من صنع البشر ..!
من المحال أن تكون هذه التناقضات من صنع الله ذو الجلال والإكرام والكمال والجمال والعدل والمساواة ..!!
اذهبوا بفقهكم إلى ذوي العقول البائسة المحدودة التي تبحث عن الكمال في فتات أقوالكم وسطور ملأت كتب التضليل والخداع والضحك على العقول ..!!