منين هل ريحة؟

adibelshaar20-4-2016
عزّو مراهق من أسرة تعمل في صناعة تحضير مصارين الأغنام للتصدير إلى أوربا لاستخدامها في صناعة الصاصيجو (اللحوم المقددة). استطاع عزو أن يعمل ويدرس في آن واحد. كان مفخرة للطلاب المجاهدين فتفوق في الجامعة وعين معيداً فيها تحضيراً لإيفاده للتأهيل العالي. وهذا ما حصل فعلاً فحصل على الدكتوراه من أوربا وعاد للعمل في جامعة حلب منتصف التسعينات.
يحق لعزو أن يركبه قليل من الخيلاء بما أنجز بشكل عصامي فصار في الشتاء الذي باشر فيه العمل يلبس الكبود (المعطف) الجوخ ويعتمر الشابوه عندما ينزل للعمل في الجامعة. لكن ما لم يحسب حسابه هو المثل الحلبي الشهير: “العتب على زر الصرماي”. لم يدرك عزو أن الدكتور العائد من الإيفاد لن يتقاضى أية رواتب قبل معادلة الشهادات. لم يدرك أن عملية المعادلة قد تستغرق عدة شهور.
باع عزّو بعض المقتنيات التي جلبها معه من بلد الإيفاد من أجل الحصول على مصروف لأسرته، والتي كان متأملاً عند شرائها أن يتزين بها بيت الدكتور. مضت ستة أشهر ولم يصل قرار المعادلة والتعيين فباع بقية المقتنيات بما في ذلك الكبود والشابو. وذات مساء عاد إلى البيت وطلب إلى زوجته أن تحضر له العشاء فقالت له:
-والله يارجال مافي عندنا خبز.
فهم عزو أن زوجته لاتملك ثمن ربطة خبز…اتصل بأخيه الساكن قربه طالباً منه أن يرسل له ربطة خبز ثم ختم حديثه معه:
-خاي حسوب حسابي في وردية عمل عندك في ورشة المصارين كل يوم …بتتذكر أنا كنت معلم بهل صنعة.
وهذا ما حصل فعلاً. صار يداوم في ورشة المصارين ويغيب عنها لفترات قصيرة كافية لإلقاء محاضراته في الجامعة.
العمل في ورشات المصارين له مشكلة تتلخص في أن الرائحة النتنة تعشق جسم وألبسة العامل. وبالتالي يتوجب على العامل أن يغتسل ويغير ألبسته قبل مغادرة الورشة.
ذات نهار صاح أحد الطلاب خلال محاضرة الدكتور عزو:
-في ريحة بشعة يادكتور.
أدرك الدكتور عزو أنه قد نسي أن يغتسل قبل مغادرة الورشة. مالعمل؟ صاح الدكتور:
– منين هل ريحة؟ افتحوا الشبابيك ياشباب…وسامح الله الذي كان السبب. وتابع محاضرته.
وبعد حوالي ثمانية أشعر من عودته إلى ربوع الوطن وصل قرار تعيينه وبدأ بتقاضي راتب يكفي حوالي ثلثي شهر.
وفي أول فرصة له انهزم وأسرته من ربوع الوطن.
هذه القصة خيالية ولاتمت للواقع بأية صلة.

About أحمد أديب شعار

الدكتور المهندس أحمد أديب شعار .. عاشق تراث حلب...له اهتمامات أدبية... سولزبري
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.