قضية بسط النفوذ والسيطرة, هي ما تشغل الطامحين بديمومة حكمهم, ولنا مثال قريب في صدام وحزبه, حيث كانت الفكرة الأساسية لنظام صدام, هي بناء المجتمع المعسكر والمرتبط بالحزب الواحد, فلم يكن الأمر صدفة, أو أن الظروف هي من جعلته ينتهج هذا النهج, بل حقيقة الأمر انه أسلوب حكمهم, عن طريق عسكرة المجتمع, كان هو السبب في ديمومة حكم صدام.
عمد نظام صدام لإشعال حروب عبثية, اشغل فيها أجيال المجتمع الفتية, ولم يكتفي برفع عدد الجيش العراقي.
بل أسس جيوش ساندة بغية إشغال اكبر عدد من المجتمع, فكان الحرس الجمهوري, والحرس الخاص, والجيش الشعبي والذي كان يستوعب كبار السن والموظفين, بالإضافة لفتح باب الانتساب لحزب البعث وإدخالهم معسكرات تدريب, وإرسال فئات من الحزبيين لجبهات القتال, بل وصل الأمر لطلاب الابتدائية حيث عمد لتأسيس طلائع البعث, وطلاب المتوسطة والإعدادية ويسمى فتوة البعث, حيث يخصص ساعات من الأسبوع في التدريب العسكري, ثم أخيرا فدائيوا صدام وجيش القدس, كل هذا كي يتحقق عسكرة الوعي والنفس الاجتماعية, ويمتزج الكل بالسلطة ويكون تبع لها.
عندها أصبح المجتمع العراقي لا حول له ولا قوة, تحت رحمة نظام مستبد, بنظام متسلح بجيوش ونظام استخباري عميق, ويتم إلغاء أي ثنائية فالكل يتوحد مع النظام, وإلا اعتبر خارجا على النظام, فالاندماج مع النظام يصبح وصفاً حرية, وعسكرة الجميع يصبح انضباطاً, فيتحول الجمع الى مجرد أداة للنظام, أداة فاقدة للإرادة والفكر والرأي, بل هي تابعة فقط لما ينطق به رأس النظام في وحدة عجيبة.
فهو أسلوب للسيطرة وليس للتكامل الوطني بين الحاكم والشعب, بل تسخير الشعب لخدمة الحاكم, وسلب الشعب إرادته وفكره كي لا يشكل خطر على الحاكم, هكذا أراد صدام ونظامه من الشعب العراقي, عقود تم فيها ممارسة أبشع إشكال إلغاء الأخر, وكانت العقوبات التي تهدد أي صوت يخرج من الوحدة التي يريدها النظام, عقوبات مخيفة وبشعة مثل أحواض التيزاب, أو قطع اللسان, أو قطع الإذن, أو التعذيب المهين, أو التجاوز على الإعراض.
اعتمد نظام صدام على تبعيث الشعب أي إجبارهم على اعتناق أفكار حزب البعث, أي أنها عملية قتل للعقل والوعي والسير في سفيه المجتمع, وقلع الجذور, مما جعل القيم تتغير والثوابت تنقلب, وأصبح النفاق سائدا, لأنه به النجاة من العقوبات, وتحقيق رضا السلطة, وعن طريق الاندماج مع السلطة تتحقق مكاسب مادية ومعنوية, وتصبح مواطنا صالحا, فعندما تفقد حريتك وعقلك وقيمك تكون مواطنا صالحا تحصل على رضا الحاكم ونظامه, وإلا فإمامك سلسلة من العقوبات المذلة.
فأنتجت سياسة البعث إتباع فاقدي للضمير, وجمع من فاقدي العقل النقدي, كل همهم أن يأكلوا ويشربوا ويناموا.
ألان هل تدرك من تسبب بمشاكل البلد, ومن الصنع لنا جيل من الفاسدين, ومن اوجد الأرضية الخصبة للإرهاب والفساد والجريمة, والأغرب أن تستمر مدرسة التسفيه في العمل والإنتاج, لتحويل المجتمع لمجرد تابع, فقط تغير المعلم.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر