الشرق الاوسط: بيل فريليك
على الرغم من أن عبء اللاجئين الذي يقع على كاهل البلدان المجاورة لسوريا ثقيل ويجب ألا تتحمله بمفردها، إلا ان استمرار فرار الناس خوفا على حياتهم في مناطق عازلة داخل الحدود السورية يمثل خطرا قد يؤدي إلى حصارهم بدلا من حمايتهم.
وهذا هو بالضبط ما أشار إليه الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان في الرابع من أبريل (نيسان)، قبل أن تنضم إليه أصوات أخرى مثل وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، الذي وجه دعوة مماثلة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، ورئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، الذي تحدث في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي عن تأمين «ملاذات آمنة» داخل الأراضي السورية، ومشيرا إلى التدفقات المحتملة للاجئين بقوله «سوف نوقفهم ونبقيهم في بلادهم».
ويبدو أن هناك خطوات تتخذ بالفعل الآن لإنشاء مثل هذه المناطق الحدودية. وتعمل الولايات المتحدة مع السلطات الأردنية على تدريب قوى المعارضة السورية في ما قد يكون محاولة لإقامة منطقة عازلة على الحدود الجنوبية لسوريا للهاربين من الجيش والنازحين من المدنيين. وتشير كلمة «عازلة» إلى أن الغرض من هذه المناطق هو عزل الدول المجاورة عن آثار الصراع السوري، كما تشير تصريحات مسؤولين بارزين في الدول المجاورة إلى أن وقف تدفق اللاجئين بات يمثل أولوية بالنسبة لهم.
ولقد لاقي اللاجئون السوريون ضيافة ملحوظة من قبل البلدان المجاورة التي استقبلت 1.2 مليون لاجئ حتى الآن، ولكن المؤشرات تدل على أن هذه الضيافة قد وصلت إلى الحد الأقصى لها.
وقد احتشد 50,000 نازح على الجانب السوري من الحدود التركية بالقرب من بلدة أطمة السورية، وهو ما يثير التساؤلات حول فتح الحدود في واقع الأمر.
وبالنسبة للحدود العراقية، فقد تم إغلاق المعبر الحدودي الرئيس مع سوريا وهو معبر «القائم» منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما تم إغلاق الحدود الإسرائيلية أمام السوريين، ولا يوجد أي حديث بشأن فتحها من الأساس، أما الحدود الأردنية فترفض دخول أربع فئات، هي: كل الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا؛ وأي شاب في سن الخدمة العسكرية؛ واللاجئون العراقيون الذين يعيشون في سوريا؛ وأي شخص لا يحمل وثائق، على الرغم من القصف الوحشي في سوريا الذي لا يدمر المنازل والممتلكات فحسب، ولكنه يدمر الوثائق أيضا!
ويؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق من حقوق الإنسان الأساسية وهو «الحق في التماس اللجوء والتمتع به في بلدان أخرى هربا من الاضطهاد». ومن الحقوق الأساسية للإنسان عبور الحدود طلبا للحماية.
وقد يفضل بعض النازحين السوريين البقاء داخل بلادهم، ولاسيما أن قوى المعارضة قد نجحت في فرض الاستقرار على المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتقدم المنظمات الإنسانية الدولية بعض المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار، ويتعين عليها أن تقوم بزيادة مساعداتها لتلبية الاحتياجات.
وبينما تقدم الجهات الدولية الفاعلة المساعدات عبر الحدود أو حتى تفكر في التدخل بشكل أقوى داخل سوريا باسم المساعدات المدنية أو الحماية، فلا ينبغي أن يستخدم هذا كذريعة لمنع فرار الناس الذين يشعرون بالخطر على حياتهم.
إن إبقاء النازحين داخل الحدود السورية ليس هو الحل الذي يضمن لهم سلامتهم، ويتعين على الحكومات خارج المنطقة أن تعمل على زيادة دعمها للدول المجاورة لسوريا للحد من تأثير التدفقات الهائلة للاجئين.
وهناك عدة طرق للقيام بذلك: أولا، من خلال تلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين؛ النداء الإنساني للأمم المتحدة للأزمة الإنسانية السورية لم يتم تمويله إلا بنسبة 50 في المائة فقط. ثانيا، من خلال توفير الدعم الثنائي لتعزيز قدرة دول خط المواجهة والمساعدة على دعم مجتمعاتها المتأثرة ومنع ردة الفعل المضادة للاجئين. وثالثا، من خلال دعم الإجلاء الإنساني، حسب الحاجة، بناء على طلب من دول خط المواجهة وبالتنسيق مع وكالة الأمم المتحدة للاجئين.
وفي نهاية المطاف، لا تعد استراتيجية الاحتواء على المدى القصير هي الحل، لأنها لا توفر الحماية للاجئين ولا الاستقرار للبلدان المجاورة ولا تقدم حلا للأزمة نفسها. ويتعين على المجتمع الدولي أن يعمل بفاعلية على معالجة أسباب النزوح، فضلا عن توفير الاحتياجات المؤقتة للنازحين.
* مدير سياسات اللاجئين
في منظمة «هيومن رايتس ووتش»