رسالة موجهة إلى
السيد مسعود برزاني رئيس إقليم كوردستان
السيد نيجرفان برزاني رئيس وزراء إقليم كوردستان
السادة المحترمين في قيادة الأحزاب الكردستانية جميعها و خاصة الاتحاد الوطني الكوردستاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني
في الجزء الثاني من هذه الرسالة طرحنا سؤالا يمثل بشكل كبير جوهر الرسالة و هو يتعلق بالمعوقات التي حالت دون تحقيق حكومة الإقليم اي شيء ملموس من مشروع أحياء مندلي… في الحقيقة خلال هذه الأيام وردت تعليقات من بعض الأصدقاء المهتمين بالموضوع و قد وعدت بطرحها في سياق محاولة فهم هذه الإشكالية المهمة خاصة من وجهة نظر تنموية واقعية…
لكني اود بنقطتين مهمتين ترتبطان بشكل كبير بهذه الإشكالية … أولاهما …. تتعلق بدور وسائل الإعلام العراقية و خاصة الكوردية و الكوردستانية في عملية التنمية من خلال إبراز صورة المناطق المهمشة و محاولة إدراج تنمية هذه المناطق ضمن أولويات اهتمام الرأي العام في المجتمع العراقي و الكوردستاني… مشاركة وسائل في العملية التنموية هي اما خجولة لا تتجاوز نوعا من السبق الصحفي التبسيطي الساذج أو أنها تمثل درجة متطرفة من التسيس …مع …او ضد السلطة القائمة….. في هذه الحالة فان الاهتمام الاعلامي بمسالة التنمية أما تظهر صورة وردية لكنها غير حقيقية للدولة او انها تظهر صورة بائسة قد لا تتفق ايضا مع الواقع بهدف إحراج السلطة …. في كلا الحالتين فان الصورة التي تقدمها وسائل الإعلام هي صورة غيرة صادقة و لا علاقة لها بالتنمية الا بما تمثل هذه التنمية أداة سياسية لتمجيد أو نقد السلطة …
في قضية مندلي و منذ إطلاقنا لمشروع أحيائها فان أية واجهة اعلامية …خاصة كانت ام تابعة للدولة او الاحزاب الرئيسية …لم تقدم اية تغطية تتعلق بهذا المشروع أو بأي معنى من معاني التنمية … صحيح ان بعض القنوات التلفزيونية و كذلك تقارير بسيطة جرى إجرائها لكن أيا من هذه التحقيقات لم تقم بإجراء مسح و لو مبسط للاقتراحات التي قدمناها كما انه لم يتم إجراء حديث مع احد من مجموعة العمل أو غيرهم بشكل يتم خلالها تقديم رؤية عن إمكانية تحقيق المشروع أو اي مشروع بديل لإحياء و إعادة بناء مندلي… نعم هكذا رغم ان الحقيقة التاريخية التي لا يمكن نكرانها هي انني شخصيا كنت معروفا جدا لدى الكثير من وسائل الإعلام في كوردستان بل كنت محط أنظار اغلب وسائل الإعلام هناك خاصة في السليمانية سنة 2001 حيث كانت جميع القنوات التلفزيونية تتسابق لإجراء مقابلات معي و عرض آرائي و مناقشاتها … حينها كانت الصحافة ناشئة و الجميع يبحث عن شخصية ترفع من شاًنها…. كما ان المواضيع المطروحة تتعلق بوضع كوردستان المستقبلي حيث ان حرب الأخوة كانت ما تزال تجري أيديولوجيا و سياسيا و ظهرت في الأفق التحديات الدولية الجديدة …. نظام دولي جديد و مفهوم العولمة… كل هذا خلق حاجة ماسة إلى مثقف يستطيع ان يشرح و يناقش الأمور بشكل موضوعي و علمي…. فكنت انا هناك مصادفة لإجراء بحوث فتم الاستفادة من إمكانياتي بشكل كبير فكنت ادعى الى القاء محاضرات في مراكز بحوث و محاضرات عامة بالإضافة إلى وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة حتى أطلق عليً لقب دكتور العولمة…. لكن يبدو ان ظروفا كثيرة قد تغيرت عندما طالبت بشمول مندلي بركب التطور الايجابي في كوردستان فلم يتبنى الفكرة احد بهدف خلق راًي عام في المجتمع الكوردستاني حوله…
النقطة الثانية…تتعلق برؤية حكومة إقليم كوردستان عن التنمية خاصة مناطق المحيط…في هذا الصدد و مع كل احترامي للأخوة المسؤولين على مشاريع التنمية فان رؤية نقدية تنموية تؤشر ثغرات كثيرة رغم الأنجازات الهائلة التي يفتخر بها الجميع…. هذه الثغرات تشمل مجمل العملية التنموية في كوردستان و لكنها واضحة بشكل أكبر في مناطق المحيط… أما المناطق المتنازع عليها و التي تقع خارج الحدود الإدارية الحالية فإنها بمجملها تعتبر خارج الاهتمام و الخطط الاستراتيجية و التنموية في خارطة اهتمامات الإقليم … طبعا بعض الاستثناءات و من اهمها بالنسبة الى مندلي هو خانقين و التي تحدثنا عنها في الجزء الثاني أو الماضي…
هنا أو ان أعيد ما ذكرته في الجزء الأول فيما يتعلق بطلبي من كاك عمر فتاح رئيس الوزراء أثناء استقباله لنا… وفد مندلي.. حيث قلت له…. ( .. ما اود ان اسمعه منك الآن أمام كاميرة التلفزيون هو التعهد بإدخال مندلي ضمن دائرة اهتمام الإقليم…. رد كاك عمر بانه يعلن ذلك و سيلتزم بذلك…)…طلبي هذا كان يحتوي على العنصرين الذين أتحدث عنهما اي وضع موضوع مندلي في جدول اهتمام الاقليم و هو العنصر الأول و كذلك دور الإعلام و هو العنصر الثاني… لان تلاقي هذين العنصرين يعتبران مهمين جدا في اختيار مشاريع التنموية حيث تلعب عناصر كثيرة أخرى ايضا منها الأمن و البيئة و الموارد و الإنتاج و التسويق بالإضافة إلى عوامل أساسية اخرى أشرنا إلى بعضها و سنناقش بعضها الآخر لاحقا… لكننا حاولنا وضع الكثير منها ضمن مشروعنا لإحياء مندلي كما ذكرنا في الجزء الأول … ربما في جزء لاحق سندخل في بعض التفاصيل لكني اود في هذا الجزء التركيز على العلاقة بين الإعلام و الدولة في مسالة مندلي..
في هذا الإطار فان جهود مجموعة العمل و جهودي الشخصية لم تتوقف فقد التقيت فور عودتي الى السليمانية من مندلي ( كما شرحت في الجزء الاول ) بصحفي كان يعمل في مكتب الإعلام المركزي الذي يدير كل الإعلام الرسمي في إدارة السليمانية و شرحت له الأمر و كان مطلعا عليها بشكل لكني لا ادري ان كانوا قد نشروا اي تحقيق ذلك لأني غادرت عائدا إلى أربيل و من ثم إلى الدنمارك… من ناحيتهم جرت اتصالات بين أفراد مجموعة العمل و كاك ملا بختيار و كانوا يخبروني ان لقاء سيحصل مع مام جلال رئيس الجمهورية أو دكتور برهم صالح الوزراء العراقي… لكن للأسف كان الوقت يمضي دون تحقيق اي شيء…
أما انا فقد كتبت رسالتين إلى مام جلال و إلى الدكتور برهم ( ذكرت ذلك في الجزء الاول) كما استمرت اتصالاتي مع كاك ملا بختيار و ايضا كاك عادل مراد بالإضافة إلى المسؤولين في مقرين الحزبين و الديمقراطي في بغداد و مندلي…أحيانا كنت أتلقى رسائل مشجعة و أحيانا محبطة …. إحدى الرسائل الإيجابية كانت في السليمانية عند عودتي من مندلي…. حينها اتصل بي كاك رزاق الفيلي و كان وزيرا للامور الخارجية في ادارة السليمانية و قال انه معي و سيساعدني في كل شيء…. لكن سرعان ما جائتني رسالة محبطة في اليوم التالي….. احدهم …. و يبدو انه كان ضابط في قوى الامن … اسايش… قال لي…. يا دكتور ما قمت به شيء كبير و رائع…. لكن للاسف فانهم لن يحققوا شيئا منه…..
لكن محاولاتي و محاولات مجموعة لم تتوقف كما اسلفت و آخر مؤشر إيجابي وصلني في وقت لاحق كان مفاده ان كاك عدنان مفتي الذي كما ذكرنا انه كان رئيساً لبرلمان كوردستان الموحد قد قام بتقديم ورقة مشروع إعادة أحياء مندلي … و هي عبارة عن التقرير الذي كنت قد قدمته إلى رئيس الوزراء طان عمر فتاح و نائبه كاك عماد احمد عند إتمام زيارتي إلى مندلي…. نعم كاك عدنان قدم هذه الورقة آلى الاجتماع المشترك لقيادتي الحزبين الشريكين اي الحزب الديمقراطي و حزب الاتحاد الوطني في دوكان … ( للتذكير قياة الحزبين اتفقا على اجتماعات دورية في دوكان و صلاح الدين بمشاركة كاك مسعود و مام جلال و جميع أعضاء المكتبين السياسيين و هذه الاجتماعات الدورية ما تزال مستمرة لحد الان )…. لكن ماذا كان رأي القيادات و ماذا تقرر بشان قضية مشروع مندلي ….. ثم مالذي حدث لحصة مندلي من ميزانية إقليم كردستان لسنة 2006 ( ذكرنا هذا في الجزء الأول من هذه الرسالة)….. هل ما زالت مندلي ضمن ميزانية الإقليم ام تم إخراجها في السنوات التالية و لماذا…؟؟؟…
أسئلة كثيرة ظلت بلا جواب رغم أهميتها القصوى على الأقل بالنسبة للمهمشين من أهل مندلي …. و ازاء هذه الحالة كان من المنتظر و الطبيعي ان تتفاعل معها وسائل الاعلام … و هي تمثل صحافة حرة… كما انها تمثل اتجاهات كلها تنصب في اتجاه متابعة هذه القضايا…هناك القوميون و الاشتراكيون و الليبراليون و الاسلاميون …و… و…. لكن يبدو ان لا قومية مندلي و لا حقوق الانسان فيها و لا قيمة العدالة في التوزيع و لا قيم الاخلاق قد شفعت لاهل مندلي و لا استطاعت ان تقنع أحدا من من الصحفيين في اي من وسائل الإعلام التي نمت و توسعت كثيرا في ان يتفضل و يطرح شيئا من هذه الاسئلة الكثيرة على اي مسؤول من حكومة إقليم كوردستان رغم ان الوزارة تغيرت أكثر من مرة منذ سنة 2006….
ما زلنا ننتظر ان نحصل على اي جواب…. و ما زالت مندلي تنتظر…
سنواصل… مع حبي و احترامي للجميع…
دكتور اكرم هواس / كوبنهاغن/ الدنمارك