مليار هندي زائد واحد

iragisomeriمنذ سنوات طويلة وانا اطرح نفس السؤال على اي هندي اقابله.
هل تفتخر بكونك هنديا؟
بعضهم يجيب بلا تردد،نعم فالهند مسقط رأسي.
والبعض يقول انني هندي وهذا يكفيني
وبعضهن ،وكلهن طبعا سمراوات مثل التوفي المفقود من سوق العراق منذ اكثر من 20 سنة، يكتشفن ماوراء هذا السؤال ويجبن بمرح: الهند عريقة في كل شيء حتى في فقرها.
ومنذ مايقارب الثلاث سنوات قررت ان اكون هندي الهوى عماري النزعة عراقي الجذور بصراوي ( هوى الشرجي).
ومنذ ذلك اليوم تملكني احساس بانني الد اعداء نفسي،لو قدر لتاريخنا ان يستوعب الف صفحة لكانت 999 منها مزورة،ولو قدر للكذب اليومي الذي يمر علينا منذ الآف السنين لوجدنا انه قد سبق طوفان بغداد بمراحل،لو قدر ان يحكي مؤروخونا عن حضارات العراق منذ ايام سومر وبابل واكد لأختفى الورق من كل اسواق العالم،لو قدر ان نسجل عدد الديكتاتوريين منذ حمورابي لشاب الوليد.
لا استطيع الاسترسال ولكني اطرح سؤالا واقسم انه ليس منقصة مني ومنكم ايها الاحبة.
بماذا يفتخر العراقيون الان؟ لو جمعتهم جلسة تضم وجوها عديدة.
ماذا سيسمعون من الالماني غير ان يقول لهم انه خرج من حروب مدمرة ليقود بلاده نحو فضاء المعرفة ويكون من اغنى بلدان العالم ثقافة وثروة ومستقبل واضح.
سيقول له الروسي،ان شعبه عانى الامرين وناسه كانوا يأكلون القطط في معركة ستالينجراد وغيرها واذا ارادوا ان يفتخروا الان فلديهم جايكوفسكي ولينين وديستوفسكي وغوغول وغيرهم العشرات الذين مازالوا يعيشون حتى كتابة هذه السطور.
سيقول لهم الامريكي،هذا الذي لايعرف الا ازقة الحي الذي يعيش فيه،لانهتم بنفطكم فحين ينضب فسنصدر اليكم التكنلوجيا.
ويضحك الياباني بوجهه المسطح وهو يقول: نحن الذين نغير حياتكم نحو الافضل،فلا خدم منازل ولا سيارات اجرة،ولابنوك مصفحة،ولا شرطة تمسك الهراوات بالشوارع العامة.
كثيرون سيقولون اشياء تثلج الصدر الا نحن.
نحن نملك كل شيء ولدينا الاستعداد ان نخسر كل شيء في لحظة ما.
لو جرى للرصافي ماجرى في شارع الرشيد في بلد يحترم الناس فيه رواده لتغيرت عشرات الحكومات، ولو كان مثل الوردي في بلد آخر لنصبوا له عشرات النصب،ولو كان لديهم مثل السياب والجواهري وعبد الجبار عبد الله وكامل الدباغ ومحمد سعيد الصكار وعشرات غيرهم لحق لهم ان يبزوا الاخرين بقوة الحجة.
اما الهند التي تجاوز سكانها المليار فلها موقع في النفس لايزاحمه فيه أي موقع ماعدا سكان العمارة.
اول دولة تشع بالديمقراطية وتنير بها طريق الاخرين،واول جمهورية فيها أربعة أديان رئيسية هي الهندوسية والبوذيةوالجاينية والسيخية، ولم نسمع الا فيما ندر انهم يتعاركون فيما بينهم ( يعني مثلنا بالضبط).
ومنذ استقلالها في العام 1947 وهي تمد العالم بكل الخدمات واهمها تعبيد طريق الديمقراطية الحقة،ولعل كبار السن منكم يتذكرون كيف تجري طقوس استلام السلطة مع الشعار الوطني : جانا غانا مانا، أي : انت ايها الفن يامالك عقول الناس او انت ايها الفن ياحاكم عقول البشر.
مرة اخرى لا اريد ان ابخس من قيمتنا ولكنها زفرة قد تذوب حين ارى اولادي يقرأون لنازك الملائكة وفوزي كريم وبلاسم حسين وجمعة اللامي و….. و….
لم انس احدا من كل العمالقة ولكن الزفرة تقول : اننا مثل بعض انواع الدببة تقتل اولادها الصغار خوفا عليهم من الموت على يد الآخرين.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.