قصة سورية مختلفة، بعيدة عن مشاهد الحرب والقتل والذبح والغرق ومآسي اللاجئين، لكنها مرتبطة بالكارثة، إنسانياً، وتتمنى أن تتمكن من تقديم المساعدة لأبناء بلدها، والعودة إلى وطنها عندما يكون ذلك ممكناً لترد إليه الفضل.
وفي حوارها مع، السي ان ان بالعربية، عبر البريد الإلكتروني، أكدت السورية فابيولا الإبراهيم، التي فازت بلقب ملكة جمال العرب بأمريكا لعام 2015 في أغسطس/ آب الماضي، أنها ستبذل كل ما بوسعها لرفع المعاناة عن أهل بلدها من اللاجئين في المخيمات وأن تكون سفيرة تمثل بلدها بأجمل شكل في كل مكان.
من هي فابيولا الإبراهيم قبل أن تصبح ملكة جمال العرب بأمريكا؟
فابيولا الإبراهيم، سوريّة أمريكية من أب وأم سوريين الأصل ومن مواليد ١٩٩٣في بروكلين، بمدينة نيويورك. أقيم حاليا في ولاية ويست فيرجينيا، وأدرس الطب البشري السنة الرابعة في جامعة “ريسا فيرجينيا” ، وأقضي معظم وقتي في متابعة دراستي وممارسة هواياتي في الموسيقى والرسم والرياضة.
متى كانت العودة إلى سوريا ولماذا، ومتى كانت المغادرة ولماذا؟
كانت العودة إلى سوريا مدينة حلب الشهباء في سنة ٢٠٠٣ بعد وفاة والدي وبقرارٍ من والدتي لكي أتعرف بشكلٍ أوثق على أفراد عائلتي الكبيرة، ولكي أحافظ على هوية بلدي الأم سوريا بعاداتها وتقاليدها المميزة، وقد ساعدني ذلك كثيراً في تكوين هوية سورية-أمريكية بحيث أشعر بالانتماء الشديد بل والعشق الذي لا يوصف لبلدي الأم وفي الوقت ذاته أنتمي إلى الشعب الأمريكي الطيب وإلى هذا البلد الجميل الذي ولدت وقضيت فيه معظم سنوات حياتي وأصبحت جزءاً منه كما هو جزءٌ مني. وقد كانت العودة إلى أمريكا في سنة ٢٠١٠ لإكمال دراستي الجامعية هناك.
بعض التقارير الصحفية ذكرت أنك هربتِ من “داعش”، ما مدى صحة هذه التقارير؟
هذا الكلام غير دقيق إطلاقاً، فأنا غادرت حلب، وسوريا منذ سنة ٢٠١٠، قبل بداية الأحداث المأساوية فيها بسنة كاملة، وبالتالي لم يحدث حرفياً أن تعرَّضت للمطاردة من قبل داعش لكن يمكن أن نفهم الخبر بعيداً عن حرفيته بأنه مقارنة بين قدر فتاة سورية لو بقيت في بلدها ومدينتها الأصلية التي استباحتها داعش وبين ما تمكنت من تحقيقه في الولايات المتحدة، وكيف أن مدينة مثل الرقة التي جعلوا منها أفغانستان جديدة هي في الواقع صرح حضاري في العراقة، وبأن الرقة هذه مدينة تشع حباً وسلاماً وجمالاً، وليس الإرهاب إلا بدخيلٍ عليها.
أن يتم تتويج فتاة في أصولها من مدينة الرقة كملكة جمال وفي أمريكا هو رسالة بليغة لمن لم يسمع عن الرقة إلا اليوم ولم يعرفها إلا معقلاً مزعوماً لداعش.
كيف تغيرت حياتك بعد الفوز باللقب؟
الغريب والمثير في الحياة أن كل لحظة انتصار هي عبارة عن نقطة بداية جديدة. الانتصار لحظة سعادة لكن هذه اللحظة ليست إلا بداية لمرحلة جديدة يصبح فيها فوزي الماضي مسؤولية كبيرة أحملها على عاتقي. أنا أتطلع إلى أحلام أكبر بكثير في المستقبل.
أفكر في كل لحظة كيف أستثمر هذا الفوز لكي أقدم أفضل صورة ممكنة عن الأنثى العربية المتحضرة ولأحقق أحلامي القديمة في تقديم المساعدة للناس من حولي وكيف أعمل بكل جدية للقيام بواجبي تجاه البرنامج الذي صادقت عليه ووعدت نفسي بتحقيقه من قبل أن أفوز باللقب.
ما هي رؤيتك لما يحدث في سوريا وكيف تشعرين تجاه ذلك؟
أنظر إلى ما يحدث في بلدي على أنه كارثةٌ إنسانية قبل أن يكون أيَّ شيء آخر، فعندما يقرِّرُ السوري موالي أو معارض أن يخوض البحر في قوارب الموت مع أسرته وأطفاله، فذلك يدل على أنَّ الكارثة إنسانية بالدرجة الأولى والجميع متضرر منها.
البحرُ لن يسأل السوري قبل أن يبتلع جسده عن موقفه السياسي أو دينه أو طائفته، ولو أدرك أبناء بلدي الأم هذه الحقيقة لعلموا أنه لا حل للكارثة السورية إلا بمصالحةٍ تاريخية بين السوريين يحلُّون فيها خلافاتهم بطريقةٍ ديمقراطية ويتَّحدون معاً لطرد الغريب ودحر الإرهاب الذي حلَّ بديارنا.
هل يمكن أن يساعدك اللقب في تقديم المساعدة لبلادك؟
بعد كل ما حصل في بلادي لا أعلم كيف يمكن أن أتحدث عن مساعدة حقيقية، لكنني سأبذل كل ما بوسعي لرفع المعاناة عن أهل بلدي اللاجئين في المخيمات وخاصةً الأطفال وسوف أسعى دائماً لأكون سفيرة أمثل بلدي بأجمل شكل في كل مكان ليعلم من لم يكن يعرف سوريا من قبل الأحداث الاخيرة أنها بلد الجمال والعطاء وليست بلد خوفٍ وإجرامٍ وإرهاب.
هل يمكن أن تصفي شعورك عندما شاهدت صورة الطفل آلان الكردي على الشواطئ التركية؟
لا يوجد شعور في العالم أصعب من الشعور بالعجز أمام هكذا فاجعة إنسانية، فما ذنب هذه الكائنات الملائكية البريئة وماذا فَعَلَت حتى تدفعَ هي ثمن صراعات الكبار؟؟
ولكن لا أعتقد أن من لديه ذرة من الإنسانية كان عليه أن ينتظر خمس سنوات ليبكي على هكذا صورة، فالطفل آلان ليس إلا مثالاً تم تسليط الضوء عليه من بين عشرات آلاف الأمثلة عن أبرياء قضوا نَحْبَهُم بسبب الحرب الظالمة في سوريا، من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، فمن لم يمت غرقاً مات ببرميل متفجر أو قذيفة طائشة، ومن لم يمت بها مات بالسيف، أي تعددت الأسباب والموت واحد، والدم السوري بالنسبة لي سواء وهو غالي جداً على قلبي مهما نزلت قيمته في بازارات السياسيين لأنه لا يوجد عندي ما هو أغلى من الحياة فكيف بحياة أبناء بلدي وشعبي؟
وعلى جميع الدول والقوى المعنية بالأمر إن كانت صادقةً في حرصها على حياة السوريين أن تبذل أقصى جهدها للضغط باتجاه إيقاف هذه الحرب المجنونة في سوريا وليس فقط الاكتفاء باستقبال وإيواء اللاجئين، مشكورةً، فنحن بحاجة إلى حل جذري وليس إلى مسكِّنات مؤقتة.
هل تشعرين برغبة في العودة لسوريا ومتى تتوقعين ذلك؟
اشتاق إلى سوريا أكثر من أي بلد اخر في هذا العالم. اليوم قد لا يكونُ بوسعي أن أقدم شيئاً لبلدي في ظل الحرب المجنونة التي تجتاحها، ومهما حاولت أن أقدم فهو سيكون لا شيء أمام هول الكارثة وحجم الصراع، ولن يكون بمقدور وطني الأم أن يعطيني شيئاً وهو المثخن بجراحه.
لذلك أنا اليوم أبني نفسي وأتطور حتى يأتي اليوم الذي أستطيع أن أعود فيه إلى بلدي ليس لآخذ منها بل لأرد لها فضل مائها وهوائها.
ما هي الخطوة التالية في حياة فابيولا وما هي أحلامك بعد تسليم اللقب لملكة الجمال القادمة؟
أنا ما زلت مستمرة في دراستي الجامعية وفي مشواري الذي أسعى من خلاله لأكون طبيبة مشهورة وأفتتح مستشفى خيري. فوزي هذا اليوم هو “فلاش” ولحظة مضيئة ليست مهمة لذاتها بقدر ما سوف أحاول الاستفادة منها لتكون دافعاً لي للتقدم بسرعة أكبر في حياتي وتحقيق إنجازات أكثر.