في المقالة الاولى تطرقنا الى الثيمةالرئيسية لمفاهيم الثقافة و خاصة فيالبنية الاجتماعية في المجتمعاتالافريقية … في هذه الحلقة اود انأشير الى الحراك الثقافي الأفريقي وخاصة فيما يتعلق بحياة مجموعاتافريقيةً تغيير أنماط حياتهم نتيجةالتقاطع بين رغباتهم و طموحهم فيخلق نقلة نوعية في ظروفهمالاجتماعية من جهة و من جهة ثانيةبين مجموعة من العناصر الاخلاقية والتربوية التي يرتبط إنتاجها بايجادميكانيزمات التغيير ذاتها…
بكلام اخر… نحن ازاء نوع من الحراكالشعبي الذي يتنازل فيه بعض الشبابعن عناصر مهمة في التراث الأفريقيالتقليدي من اجل دعم و تقوية عناصراخرى في الهوية الثقافية – الاجتماعيةللفرد و الجماعة الافريقية …
في مداخلتي الشخصية في جلسةالخبراء التي كانت مخصصة للبيان والتوصيات النهائية أعربت عن رغبتي فيان ارى بحوث ترتكز على دراسة العناصرالثقافية التي توفر الشرعية الاخلاقيةلخلق التوترات و الصراعات و بالتاليالحروب الأهلية و الدمار….
هنا… و في الاسبوعين الاخيرينسنحت لي فرصة للاقتراب و لو بشكلمبسط من هذه الاشكالية …
في اغادير … المدينة الساحرة فيجنوب غرب المغرب…اصطدمتبظاهرة قد تشكل نواة لخلق بؤرصراعات افريقية- افريقية… و لكنهذه المرة لاسباب لا تتعلق بالواقعالاثني او الديني او السياسية بين الدولاو القبائل الكبرى…
كما انها لا تتعلق بغزو خارجي اوبقضايا وطنية كبرى… إنما تتعلق بنوعمن الصراع على القوت اليومي واحترام الحدود الاجتماعية بين سكانمناطق شعبية مغربية و زائرين من دولافريقية مجاورة جاءوا ببطون جائعة وأهداف منسية او غير واضحة… زائرون… الغالبية العظمى منهم شبابجميلي الهيئة و المنظر و القليل جدامن الفتيات الجميلات جدا…
هذه المجموعات لم تتورط بشكل كليرفي عمليات تجارة البغاء كما تفعلالألاف من النساء اللواتي يقدمن منمنطق داخلية … و لا يستطيعون هؤلاءالشباب الإفريقيين الحصول على عمللان المغرب أصلا يعاني من فقر وبطالة… كما ان هؤلاء…يختلفون عنالإعداد الكبيرة من الشباب الأفريقيالذي يستخدم دول شمال افريقياخاصة ليبيا و مصر و الى حد ما تونس.. لهدف واضح … و ان كان هدفادمويا… و هو الوصول الى الجنةالأوروبية ..
زائروا المغرب الإفريقيين جاءوا لينعموبخيرات المغرب لان الملك محمد يعتبرأب افريقيا و هو لا يستطيع ان يفرقبين ابنائه في الانتقال الحر في ارضافريقيا و هكذا كان… هذه النظرية التييُؤْمِن بها اغلب المغاربة… و لذلك فهميتعاملوا مع اخوانهم الإفريقيين بكلاحترام… لكن هذا الاحترام لوحده لايوفر لقمة العيش و لا يوفر مأوى… لذلك تجد الإفريقيين يفرشون الارضعند محطات القطارات و في بعضالشوارع و يتسولون بإعداد كبيرة منالمارة و لكن بشكل خاص من السياراتفي تقاطعات الطرق و الشوارع … واحيانا يتهجموا على سائقي السيارات وبستخدمو العنف لاستحصال ما يمكنالحصول من أموال و ممتلكات متنقلةمثل التليفونات و الشنط وووووغيرها… و في احيان قليلة قد يصلالامر الى الضرب كمان ان حالاتاغتصاب النساء قد تحصل بين الحين والاخر…
في بعض المدن الكبرى… احدهم ذكراسم مدينة مراكش… و ربما في مدناخرى… فانه قد ظهرت نواة امبريونيكية لفكرة “مقاومة هؤلاءالغزاة” و بالتالي تطورت حالات منالصراعات هنا و هناك لكنها لم تصلالى درجات تنذر بخلق خلل عام فيالمجتمع خاصة و ان الشرطة تراقبالأمور بحذر شديد و هي حريصة فيعدم الخروج من حدود الطاعة للرغبةالملكية في أبوة افريقيا…
طبعا هذه الابوة الافريقية… و مع كلالاحترام للارادة الملكية و التزاماتهاالاخلاقية … الا انها اذا وضعت في اطارمنطق العقلانية السياسية في ادارةالمصالح العامة للبلد فانها لابد تتعلقبقضية الصحراء الغربية و اعترافالاتحاد الأفريقي بجمهورية الصحراء وبالتالي فإنها تشكل محاولة عقلانية منجانب المغرب و على رأسها الملك فيتغيير موقف الاتحاد الأفريقي و العودةالى الاعتراف بالمغرب الموحد …
هذه المحاولة تأخذنا الى نظرية اخرىيتحدث عنها بعض المغاربة و مضمونهاان السلطات الجزائرية هي التي تجمعهؤلاء الشباب الإفريقيين و تنقلهمبحافلات خاصة الى الحدود المغربيةفي أماكن تخلو من نقاط مراقبة … والهدف الجزائري هو خلق فوضىاجتماعية داخل المغرب..
لا نعرف بالضبط ما هو الرد المغربيلان الجميع مرتبط اخلاقيا بالارادةالملكية خاصة ان الملك يتمتع بشعبيةكبيرة و يرعى مشاريع تنموية مهمةلتحسين ظروف الفقراء و الطبقاتالمهمشة…. لكن ما يمكن ملاحظته انالخلاف المغربي – الجزائري انتقل منالإطار السياسي و المرتكز على قضيةالصحراء… الى نمط ثقافي – اجتماعي… بحيث ان صورة الحزائري وقيمه الثقافية و الاجتماعية اصبحتمحل تندر و استخفاف في العديد منوسائل الاعلام المغربية و حتى بينالشباب و النخب على حد سواء ..
وسائل الاعلام المغربية تتحدث فيتقارير يومية عن تفاقم العجز فيالاقتصاد الجزائري… كما انها تركز كثيراعلى صفقات الأسلحة المتدفقة علىالجزائر و تحرص على إبراز تناقضمؤلم يتمثل في ان نفقاتها… رغم تفاقمالأزمة الاقتصادية… تتجاوز نفقات دولعربية تعيش حالة حرب واقعية مثلالعراق و ليبيا و سوريا و اليمن… (موضوع تطور العلاقة بين المغرب والجزائر و خاصة فيما يتعلق بتسارعوتيرة التسلّح الجزائري يحتاج الىدراسة مستفيضة ربما نتطرق فيمقالات لاحقة)
فهل سيلعب الزوار الأفريقيون دورا فيتهشيم البنية الاجتماعية في المجتمعالمغربي المتجانس الى حد كبير … وهل يشكل هؤلاء سببا اضافيا في دقطبول الحرب بين المغرب و الجزائر وربما بمشاركة دول اخرى … ام انهمسيزرعون الحكمة الافريقية التقليدية ويرسخون تراث التعايش السلمي رغمالالام..؟؟؟ سنتابع في مقالاتلاحقة…حبي للجميع..