ملاحظات من زمن الطفولة (عصر الدبلجة انتهى و عهد الدبلجة عاد)

انتشار الأمية و ضمور التعليم, الفضائيات العربية تروج للدبلجة كما كان التليفزيون الأيرانى سابقاً الدبلجة للعربى …

فى السابق ركزت الدولة على التعليم المنتظم و التعليم الشامل فى خطة لمحو امية الأمة و الأسباب هى بدون تعليم لا يمكن ان تنهض الأمة و بالتعليم الجاد المنطقى و ليس نمطية تلقين الأرقام والحروف.

و لقد قامت كل الدول العربية بغض النظر عن نوعية النظام بتطوير وسائل التعليم و منهجيتها و توسيعها ففى الثقافة العربية سيل من الخطاب اللغوى و الدينى يحث على التعليم و شموليته فلهذا نجد حتى افقر الدول العربية يكون التعليم بها مجانياً.

فى عهود الخمسينات حيث بداية الانتشار البطيء للتلفزة, نجد ان الدبلجة كانت موجودة فى كل الأفلام و المسلسلات و خصوصاً الإيرانية و التركية, و الهدف فى الدبلجة التواصل الثقافى مع العرب و المسلمين لتمرير ثقافة الآخرين علينا و يعكس حجم الجهل والأمية فى تلك المجتمعات.

إن اول مدرسة فى العالم قد أسست فى بلاد ما بين النهرين قبل خمسة آلاف سنة حيث عرف السومريون الكتابة لأول مرة فى التاريخ, تحدثنا الوثائق السومرية المكتوبة التى استخرجت من تحت الأرض فى جنوب العراق و هى اكثر من ألف لوح طينى و كانت عبارة عن تمارين مدرسية و كان التعليم آنذاك نظامياً و تم تدريس شتى انواع المعرفة الإدارية و الاقتصادية و بعدها يصبحون مؤهلون للعمل فى الدولة و الحكومة و لقد أُكتُشَف العديد من الألواح للكتابات الأدبية. و كان الطالب يسمى ابن المدرسة والمدرس فهو الأخ الكبير و مدير المدرسة يدعى أب المدرسة و كانت الدراسة نوعين, علمية و أدبية. فى الربع الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد احترف السومريون صناعة القواميس – السومر – اكدية و تلك هى أقدم قواميس عرفها التاريخ.

تلك هى زيارة قصيرة لتوضيح أثر الحضارة العراقية على جذور التعليم فى العالم و كون التعليم جزء لا يتجزأ من الانسان – الحضارة – التاريخ و المدنية العراقية التى كان اشعاعها يطل على الكون مثل حركة الشمس اليوم.

لاحظت هذه الأيام العديد من المسلسلات التى تعرض على الشاشات و خصوصاً الشاشات الخليجية فى اعلانها توضح بأن هذا المسلسل مدبلج و هذا يدق جرس من اتجاهين:

الأول: لماذا مدبلج؟ ولماذا لا يكون مترجم؟ هل هنالك انحسار فى الكم التعليمى فى الوطن العربى؟ أم هى سياسة التدليل و الليونة التى فى نهايتها ان يعتمد المشاهد على الدبلجة و الأفلام المدبلجة و بالتالى تستطيع اجهزة الإعلام من عرض ما يريدون من ثقافة مبرمجة ممسوخة فى عملية غسيل دماغى للإنسان العربى؟

الثانى: هو بسبب تراجع التدريس و اتساع رقعة الأمية فنلاحظ حالياً فى العراق تطل علينا ارقام مرعبة فرنكنشتانية عن عدد الأميون فى العراق و الذى وصل الى خمسة ملايين أُمى فى حين و فى سنة 1996 و فى لب مؤامرة الحصار على شعب الحضارة الأولى وقفت الأمم المتحدة ذلك اليوم تصفق لإعلان العراق خالية من فيروس الأمية و فكيف عاد و فى خلال تسعة سنوات فقط هدم ما بناه العراقيين فى خمسة آلاف اعوام؟

للذين يدعون بعدم وجود نظرية المؤامرة, هم انفسهم مؤامرة. هل علمتم لماذا أُحتُل العراق و بقية الوطن؟ انه فيروس الأمية.

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.