ديفيد إغناتيوس : الشرق الاوسط
سعيا نحو خلع الرئيس بشار الأسد، وضعت إحدى جماعات المعارضة خطة لنظام عدالة انتقالي يتم بموجبه فرض عقوبات شديدة قاسية على الأفراد المتشبثين بمواقفهم من دائرة الأسد المقربة، ومنح عفو لأكثر أنصار الطائفة العلوية. الهدف من ذلك هو تقديم إطار قانوني يطمئن العلويين بأن هذا ليس صراعا حتى الموت، وأن لهم مكانا في حقبة ما بعد الأسد. من شأن هذه الخطة أن تشجع سيادة القانون في المناطق التي تم تحريرها من قبضة الأسد للحيلولة دون ظهور أمراء الحروب وارتكاب الأعمال الانتقامية.
تبدو خطة الانتقال القانوني هذه بالنسبة لي أفضل فكرة قدمها الثوار السوريون حتى هذه اللحظة، لأنها لا تعالج فقط وحشية نظام الأسد، بل أيضا الخطر الحقيقي المتمثل في انزلاق سوريا نحو مستنقع من الفوضى والفشل، في ظل استمرار الحرب وتعمق الكراهية. وتدعم الحكومتان الأميركية والبريطانية الأفكار المتعلقة بالمساءلة والمصالحة بوجه عام، لكنهما لم تدعما أي صيغة محددة خاصة بسوريا.
وأعدت مجموعة الدعم السورية، التي تدعم العناصر المعتدلة داخل الجيش السوري الحر، الخطة بمساعدة محامين دوليين. وتم عرض المقترح على قادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي ينضوي تحت لوائه الثوار المعارضون للأسد. ويأمل مؤيدو الخطة أن تحظى بدعم المجتمع الدولي خلال الاجتماع المقبل لمجموعة أصدقاء سوريا المزمع عقده في إيطاليا.
تشبه هذه الفكرة عملية «الحقيقة والمصالحة» التي ساعدت في حل صراعات مريرة في جنوب أفريقيا ورواندا وشمال آيرلندا.
وجاء في مذكرة قانونية أعدتها شركة «ماكيو أند بارتنرز» التي توجد في لندن وتقدم استشارات لمجموعة الدعم السورية: «إن هذا يرسل إشارة إيجابية قوية إلى الشعب السوري بأن نصر الثوار حتمي» وأن النظام الجديد «سوف يرسي العدل» ويعوض الضحايا ويتعاطف مع الجميع.
سوف تبدأ العملية الانتقالية بتحديد 100 شخصية من داخل النظام يمكن أن يعجل انشقاقها بسقوط الأسد. قد يُعرض على بعض هؤلاء الداعمين للأسد عفو جزئي في حال موافقتهم على التعاون. وكلما كان انشقاقهم أسرع، زادت الفوائد والامتيازات التي يمكن أن يحصلوا عليها خلال فترة حكم النظام الجديد في المستقبل. وفي إطار مرحلة الانتقال السياسي، سيتم تأسيس صندوق للتعويضات من أجل مساعدة ضحايا الحرب. وسيُعرض على العلويين، الذين ليسوا ضمن الدائرة المقربة من الأسد، «خروج آمن»، على نحو ما جاء في المذكرة السالف ذكرها، التي تحتوي على الخطوط الرئيسية للخطة. وأوضحت المذكرة: «التقارير الاستخباراتية توضح أن الكثير من العلويين يساندون الأسد من أجل بقائهم، لأنهم يسيئون فهم خطط (المعارضة) المتعلقة بنظام العدالة الانتقالي في حقبة ما بعد الأسد. ويشعر الكثيرون بأنهم سيُعدمون جماعيا، ويساعد ذلك الأسد على تسليح طائفة بأكملها في معركة حياة أو موت في دمشق، مما قد يعرّض دمشق لدمار شامل وخسارة أرواح كثيرة».
وحذرت مذكرة مجموعة الدعم السورية من أنه إذا لم يتم التعامل بشكل مباشر مع مخاوف العلويين من البقاء في المجتمع، لن تحل القضية بمجرد مغادرة الأسد السلطة، بل سيشكل هذا خطرا كبيرا على استقرار سوريا في السنوات المقبلة.
لتنفيذ الخطة، ستعمل المعارضة على جمع فريق من الخبراء القانونيين السوريين. ومن بين الأسماء المحتمل اقتراحها سهير الأتاسي الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان، ونائب رئيس ائتلاف المعارضة، وهيثم المالح القاضي السابق والمعارض العتيد، وأنور البني محامي حقوق الإنسان الذي دافع عن المتظاهرين الأكراد، فضلا عن قادة في المجموعات القانونية بـ«سوريا الحرة» في تركيا والأردن.
سيكون لدى المحامين السوريين، من خلال استخدام وسائل قانونية عصرية لتتبع الأصول واسترداد الأموال، العصا والجزرة، من أجل تغيير النظام. يمكن للشخص المتعقَّب إنقاذ كرامته وماء وجهه (وربما ثروته) من خلال الانفصال عن الأسد والحصول على عفو جزئي، في حين أنه يمكن أن يخسر كل ذلك إذا ظل متعلقا ومتشبثا بالديكتاتور. وسوف تشبه المحاكمات، التي سيتم من خلالها الحكم على الموالين للنظام، الأنظمة القانونية التقليدية السورية.
ومثل كل شيء يؤثر على سوريا، ينفد الوقت المتبقي على انهيار الدولة وغرقها في بحر من الفوضى. وفي ظل سيطرة الثوار على مناطق، مثل ضواحي حلب الشمالية، يتولى بعض قادة الكتائب تطبيق القانون بأنفسهم. ويتصرف بعض عناصر الجيش السوري الحر مثل الشبيحة الذين كانوا يقاتلونهم، بحسب أحد المصادر السورية. وحذر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، الأسبوع الماضي، قائلا إن سوريا «ستتحول إلى جحيم» إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية.
ما تحتاج إليه سوريا فورا هو طريق نحو نظام جديد يقوم على سيادة القانون. وتعد الخطة، التي أعدتها مجموعة الدعم السورية، أفضل خارطة طريق رأيتها حتى هذه اللحظة، وينبغي على المجتمع الدولي تبنيها سريعا.
* خدمة «واشنطن بوست»
ماقل ودل … هل الجحيم هى الحل ؟
١: حتى لو إتفقت جميع قوى المعارضة ومن بينها ألأسد ، فلن تسمح إيران بحدوث هذا ومعها فيلق القدس وبعض قياديي حزب ألله ؟
٢: إن القضية فعلا حياة أو موت ، ليس بالنسبة للأسد فقط بل كذالك لحزب ألله وإيران ؟