مقابلة مع شخصية نسائية مندائية الدكتورة ليلى غضبان الرومي

lailaelromiمجلة الصدى

الدكتورة ليلى الرومي
عانت المرأة العراقية من ظروف قاسية بحكم مستوى تطور بلادها، وتعرضت اضافة الى عدم منحها في احيان كثيرة الحق في العمل ، الى عادات وتقاليد بالية قيدت حريتها وفرضت عليها قيودا وضعتها في موقع متخلف في الحياة ووضعت عليها اعباء مستمرة. وقد سبب التخلف الاقتصادي والاجتماعي بالارتباط مع السياسات الرجعية المتخلفة طيلة العقود الخمسة الاخيرة في تاريخ الشعب العراقي اضافة الى العادات والتقاليد البالية، في معاملة المرأة بصورة غير انسانية، ضاعفت المعوقات في طريقها للمساهمة بالحياة العامة وابقتها اسيرة نفوذ العائلة في اعمال البيت، كما ان الامية كانت عائقا جديا في تطور مستوى الوعي عند النساء العراقيات.
الا ان المرأة من الجانب الاخر ساهمت في الثورات والانتفاضات الفلاحية والمعارك العمالية والمظاهرات الوطنية. واستطاعت عبر نضال مستمر فرض جزء من تحررها واقرار بعض من حقوقها. وقد ساعد في ذلك عوامل عديدة ومن ابرزها سعة وعمق كفاح الشعب ضد قوى الظلام، وبروز قيادات نسائية عملت داخل احزاب ومنظمات نسائية قديرة وعلى راسها رابطة المرأة العراقية التي، قدمت عشرات التضحيات، ودخل العديد من كوادرها السجون والمعتقلات، بعد ان تحملت جميع نساء العراق فواجع الحرب، وفقدان المكاسب التي حصلن عليها عبر نضال مجيد.
والدكتورة ليلى الرومي واحدة من المناضلات التي وعت بان تحرر المرأة العراقية كاملا لا يتم الا في اطار تحرير المجتمع برجاله ونسائه، لان تحرر المرأة كاملا مرتبط بتحرر المجتمع. وقدمت هذه المرأة الجليلة الكثير بعد انقلاب 8 شباط الفاشي الاسود، لتصبح واحدة من الرموز النسائية المناضلة التي نضعها في قلوبنا بكل اعتزاز حتى هذا اليوم.
وفي هذه الظروف التي يمر بها وطننا تزداد مسؤولية المرأة في مجتمعنا. وكذلك تزداد اهمية مساهمتها في نضال القوى الوطنية .وموقعنا المندائي يعيد نشر هذا اللقاء المهم مع الدكتورة ليلى الرومي الذي نشرته مجلة ” الصدى” التي يشرف على تحريرها زميلنا في اللجنة الثقافية الدكتور سعدي السعدي.
مقابلة مع شخصية نسائية مندائية الدكتورة ليلى غضبان الرومي
الصدى : هل للدكتورة ليلى ان تعطينا لمحة سريعة عن حياتها، المحيط العائلي الذي نشأت فيه؟
د. ليلى: ولدت في مدينة العمارة ونشأت في بيئة مندائية متفتحة ومتطلعة لكل ما هو خير في الحياة في ذلك الوقت. كان والدي مدير مدرسة ابتدائية في العمارة وهو كانسان تربوي له تطلعات ثقافية، فقد ربى فينا حب العلم والمعرفة منذ نعومة أظافرنا أولاداً وبناتاً وكان لم يفرق بين البنات والأولاد في معاملته لنا. كنا نذهب إلى قلعة صالح اثناء العطل الصيفية وهناك تعلمنا بعض تقاليدنا وعاداتنا المندائية.
دخلت المدرسة الابتدائية والثانوية في بغداد، وكانت المدرسة المركزية للبنات من اكثر المدارس دفعاً لتلميذاتها في التشجيع على الحصول على العلم والدرجات العالية التي تؤهل للدخول في الكليات. كنت من المتفوقات في الصفين الرابع والخامس الثانوي .. ولكن للاسف فصلت لأسباب سياسية لمدة سنة واحدة ، كان ذلك عام 1955 وكنت حينها طالبة في الصف الرابع الثانوي في زمن نوري السعيد وحرب السويس.
دخلت الكلية الطبية للعام الدراسي 1957 – 1958 ووصلت الى الصف السادس فيها عندما حصل انقلاب 1963 على حكومة قاسم وعندها زج في السجن اعداد كبيرة من شباب وطلاب الكليات كما وقتل البعض منهم بسبب انتمائهم الى الجمعيات الطلابية والديمقراطية. وبقيت في السجن ثلاث سنوات أي لغاية 1966 وعندما خرجت من السجن رفضت الحكومة في ذلك الوقت ارجاعي الى كلية الطب رغم كوني في السنة السادسة النهائية وكان قد تبقى لي ثلاث شهور على التخرج حينها. حاولت الحصول على قبول في جامعات وكليات طب خارج العراق ورغم كل محاولاتي إلاّ أني لم أحصل على القبول في معظم الجامعات التي قدمت لها. وأخيراً سافرت الى بولونيا حيث كان أخي موفق يدرس هناك وساعدني هو والجمعية الطلابية العراقية (اتحاد الطلبة) على الحصول على مساعدة للدراسة في بولونيا. عندها أخذت سنة لتعلم اللغة وعدت سنتين من الدراسة، وكانت اللغة البولونية لغة صعبة، ولكني توفقت في دراستي وتخرجت سنة 1969 بدلاً من 1963 ..
سافرت الى انكلترا عام 1970 وعشت هناك واشتغلت كطبيبة منذ ذلك الوقت.
الصدى: ما هي المصادر الثقافية التي كونت شخصيتك أو أثرت في تكوينك الفكري والثقافي خصوصاً في المراحل المبكرة من حياتك؟
د. ليلى : ان المجتمع الذي عشته كان مجتمع مثقف حيث كان الكثير من المندائيين معلمين ومدرسين وكان والدي من أول المعلمين المندائيين المتخرجين عام 1922 وكان يؤمن بالتعليم وكذلك الدكتور عبد الجبار عبد الله ابن عمتي والذي عيّن رئيس جامعة بغداد في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم. وكان الكثير من الشباب المندائيين متطلعين للثقافة والمعرفة. وكنا نقرأ الأدب العربي والعالمي الذي يصلنا عن طريق لبنان ومصر والترجمة العربية للكتب من الاتحاد السوفيتي، فبالاضافة الى دراستنا كانت لنا تطلعات ثقافية واسعة، وأنا لتذكر أننا كنا نقرأ كثيراً من الأدب المنشور في ذلك الوقت اثناء العطل الصيفية ومن عمر مبكر وبتشجيع من الوالد.
الصدى: منذ متى وانت في الغربة؟ هل يمكن أن تحدثيننا عن رحلة حياتك في الغربة، ابرز المحطات التي تركت بصماتها على حياتك في ابعادها التي ترغبين الحديث عنها؟
د. ليلى : تركت العراق سنة 1966 ليس رغبة مني وانما تركته متغربة لغرض إكمال دراستي. كنت قد قررت الرجوع للعراق حال اكمال دراستي ولكن كلما أطلب من الوالد ذلك كان يجيبني ان الوقت غير مناسباً، خوفاً على حياتي . فأنا كنت من المغضوب عليهم من النظام الفاشي البعثي السابق وكان رجال الأمن يفتشون عني حتى بعد تركي العراق ويأتون الى بيتنا لسؤال الوالد عني .. وهكذا اضطررت الى ان ابقى في انكلترا .. اول الأمر من أجل التخصص. وقد وجدت ان العناية بالاطفال المرضى عمل نبيل، فتخصصت في امراض الأطفال وأخذت الـ MRCP والـ FRCP من كلية الأطباء الملكية في بريطانيا بنجاح وتفوق .. وكنت دائماً أود العودة الى العراق لأخدم وطني وانتظر الفرصة للرجوع ولا أزال لحد الآن انتظر هذه الفرصة رغم كل هذه السنين.
الصدى: ما هي العبر والدروس التي يمكنك ان تزودي بها جيل الشباب الناشئ، بعد أن تربى ضمن المفاهيم الصدامية الفاشية والدكتاتورية، وبعد أن وجد نفسه تائهاً في بلدان الغربة يبحث أو لا يبحث عن هوية؟
د. ليلى : ان لكل انسان ظروفه الخاصة، ولكن المهم أن على الانسان الذي يعيش في الغربة ان يحافظ على جانبين في شخصيته .. أولاً ان يندمج ولا ينعزل عن المحيط الذي يعيش فيه وان يتعلم من هذا المحيط كل ما هو خيرّ وجميل وثقافي ليحسن من شخصيته ووضعه في هذا المجتمع الجديد .. وفي نفس الوقت أن لا ينسى ثقافته الأولى وارتباطه الاجتماعي والعاطفي بالعراق وأهل العراق، من ثقافته الأولى وارتباطه الاجتماعي والعاطفي بالعراق وأهل العراق، من ثقافة واطلاع ومعرفة ودين وعادات اجتماعية .. إن هذا الاختلاط الفريد يكوّن من شخصية الانسان شخصية فذة وناجحة، ولكن لا أن يكون واحد دون الآخر فلا تقوقع بالعراقي ولا رفض لكل ما هو عراقي وعربي ومندائي .. يجب ان نحترم ونستفاد من تراثنا وفي نفس الوقت نتعلم من المجتمع الجديد الذي نعيش فيه.
الصدى: قلنا “يبحث عن هوية”، ما هي الهوية التي تعتقدين أنه يجب على جيل الشباب البحث عنها، هل هي الوطن والوطنية، أم هي المندائية، أم هما الاثنان، هل هي الانتماء الى حضارة وتاريخ، والى اي حد يكون هذا الانتماء مفيداً للنشأ الجديد ضمن تحديات العصر الحالي والغربة والعولمة .. أم أن لك مفهوم آخر حول الهوية؟
د. ليلى : هوية الشخص العراقي تختلف من شخص الى آخر .. فهناك عراقيين تغربوا وابتعدوا عن وطنهم بالمسافة والفكر .. وهناك عراقيين تغربوا وتقدموا في مجتمعاتهم الجديدة ولكن بقوا فكرياً وعاطفياً وثقافياً محافظين على ارتباطهم بالوطن وحاولوا المساعدة بما يقدرون من الناحية العملية ومن الناحية الثقافية والعاطفية. وقد حاولوا الحفاظ على نوع الهوية
identity
التي هي خليط من الوطنية والمندائية والعربية ومن الفكر الغربي.

الصدى: تشكلت للطائفة تشكيلات تنظيمية ومؤسسات مختلفة منها الثقافية ومنها الاجتماعية ومنها الدينية ومنها متخصصة في الدفاع عن حقوق الانسان وغيرها .. ومن البديهي أن أي تجربة جديدة يكتنفها في بادئ الأمر صعوبات نتيجة عدم تراكم الخبر في هذا المجال، وقد يكون عدم تبلور الاهداف المتوخاة من هذه التشكيلات وقد تتداخل مهمات لا يمكن لجمعيات فتية تحمل وزرها .. ما هو برأيك الاسس الواجب اتباعها في جمعيات ومؤسسات كهذه لضمان النجاح والاستمرا ولغرض ان تكون الجمعيات فاعلة في اسناد المندائيين في بلدان الغربة؟
د. ليلى : ان قيام المندائيين بجمعيات محلية في وطنهم الجديد شئ مهم جداً لبقاء الطائفة .. وكل واحد مناّ له صفات ومميزات مختلفة عن الآخر وبامكانه المساعدة في مجال أو آخر. والاتصال بين الجمعيات يخلق جو من التعارف ويساعد على اقامة علاقات بين المندائيين في الخارج والداخل. ومن خلال الجمعيات يمكن تقديم المساعدة من نواحي عديدة، اجتماعية وعائلية واقتصادية وحقوق انسان ودينية وغيرها. النجاح يبنى على اساس احترام الافراد لبعضهم البعض وتفانيهم من اجل انجاح الجمعيات، واحترام استقلالية كل جمعية على الرغم من ارتباطها مع الجمعيات الأخرى في اعمال مشتركة.
الصدى: ما رأيك بالمؤتمر الثالث للجمعيات المندائية في بلدان المهجر، من زاويتين الأولى كمندائية مشاركة والثانية كعضوة في هيئة رئاسة المؤتمر؟
د. ليلى : ان المؤتمر كان ناجحاً من عدة نواحي .. اولاً خلق ظروف للتعارف وتعزيز العلاقة بين الاصدقاء والاقرباء وانا لم اجتمع بمثل هذا العدد من المندائيين منذ سنين طويلة ورأيت أفراداً من اقربائي لم ارهم منذ سنين .. كما أن هناك شعور بالتعاون بين الجمعيات والأخوة من كل الدول المشتركة، وقد كان واضح نجاح بعض الجمعيات مثل كندا وامريكا واستراليا والسويد في لم شمل الجالية المندائية في بلدانهم والقيام بالفعاليات الاجتماعية وكان المؤتمر يعكس هذه الروحية .. أيضاً هناك نشاطات من أجل حقوق الانسان ومساعدة الأخوة المندائيين الذين لهم مشاكل وخاصة في استراليا .. وايضاً ما قامت به جمعية نيويورك بالاتصال بالجهات الامريكية لتعريفهم على وجود المندائيين كطائفة دينية لها كيانها ووجودها في العراق منذ الاف السنين وعليه احترام حقوقهم الدينية.
من ناحية المؤتمر نفسه فقد بذل الأخوة في السويد جهودهم لانجاح المؤتمر من ناحية التنظيم وكانت جهودهم ناجحة جداً وواضحة.
من ناحية رئاسة المؤتمر فان الأخوان اعطوا وجهات نظرهم بحرية وتقبل ورحابة صدر ولكن في بعض الاحيان احتدت العواطف وكثر الكلام وصعّبت الجلسة. أنا في رأيي نحن العراقيين لحد الآن لم نتعلم ان نستمع للآخرين ولكن نحب ان نتكلم كثيراً ولا نعطي مجال للثاني ليعطي وجهة نظره وهذا نقص عند معظم العراقيين.
الصدى: يلاحظ من خلال ادارة اعمال المؤتمر ان لك خبرة في قيادة المؤتمرات، هل شاركت سابقاً في عمل كهذه، أو هل يمكن ان تحدثينا كيف اكتسبت خبرة كهذه؟
د. ليلى : من ناحية الخبرة بادارة الجلسات فهذه تجربة وليست جديدة حيث بحكم المكانة العلمية فقد ترأست الكثير من الجلسات العلمية وكثير من الجمعيات الطبية وكذلك حضرت عدد لا يحصى من الجلسات الاجتماعية والعلمية وغيرها .. والواحد مناّ يتعلم ويتطور من تجربته الخاصة. ونأمل أننا نستطيع ان نخدم الطائفة المندائية ولو قليلاً رداً للكثير من النعم والفوائد التي اعطتنا اياها وانا جداً متشرفة ان اعطوني هذه الفرصة لأقدم ولو خدمة صغيرة للطائفة واتمنى لكل الجمعيات والأخوة النجاح في جهودهم وهم مشكورين.

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.