فورين بوليسي
29 كانون الثاني/يناير 2014
في ظل استمرار انتشار الصراع في سوريا إلى بلدان المشرق العربي وتبنيه نغمة طائفية أوسع نطاقاً – مع وجود السلفيين السُّنة من جهة والإسلاميين الشيعة المدعومين من إيران والمتأثرين بأيديولوجيتها من جهة أخرى – من المهم أن نعرف كيف ينظر الفاعلون الرئيسيون إلى بعضهم البعض. فعلى عكس التصريحات خلال حرب العراق (2003)، تجد اللغة الطائفية بين الجانبين طريقها إلى الحوار السائد. فالقتال بين السُّنة والشيعة عاد بقوة في العراق ويتصاعد ببطء في لبنان ووقعت حوادث في أستراليا وأذربيجان وبريطانيا ومصر.
إن استخدام هذه الكلمات بلغة متشددة وفي خطابات الملالي يعكس تحولاً أوسع نطاقاً وينذر بمزيد من الخطر: اشتعال حرب طائفية وتبني استراتيجية لنزع الصفة الإنسانية عن الطرف المقابل. وهذا لا يمثل فقط أحقاد قبلية تافهة أو انعكاس بسيط على الحرب في سوريا، بل قضية إقليمية ودينية ضخمة. وإذا كان الخطاب مؤشراً على الطريقة التي سيتطور بها الصراع ورؤية المشاركين فيه، فهناك عدد من المصطلحات الأساسية التي يجب فهمها.
لقد استخدم الإسلاميون السنة، لا سيما السلفيون، ستة مصطلحات رئيسية لوصف أولئك الذين يدعمون نظام الأسد، أو يقفون إلى جانبه، أو يقاتلون معه وهي: نصيريون، رافضة، مجوس، صفويون، حزب اللات، وحزب الشيطان. وقد اعتمد خصومهم الإسلاميون الشيعة أيضاً ألقاب خاصة بهم تجاه معارضيهم السنة، وتشمل بعض المصطلحات الرئيسية : ناصبي، تكفيري، أموي، ووهابي. وبالنسبة لكلا الجانبين، تستخدم هذه المصطلحات لتصوير الأعداء على أنهم ليسوا أكثر من كفرة عازمين على تدمير الإسلام. ومن ثم، لا يمكن أن تكون هناك سوى عقوبة واحدة وهي: القتل.
عندما يستخدم الإسلاميون السُّنة كلمة “النصيري” فهم يشيرون إلى أبو شعيب محمد بن نصير، مؤسس الديانة العلوية خلال القرن الثامن. وتستخدم هذه الكلمة لتصوير الطائفة العلوية على أنها تتبع رجلاً وليس الخالق ومن ثم ليست لها أصول سماوية. وعلى الرغم من استخدام الجهاديين العالميين لمصطلح “نصيري” قبل سنوات عديدة كمصطلح يُسيء لنظام الأسد والعلويين بشكل عام، إلا أن غالبية السوريين، ناهيك عن أهل السنة في بلد آخر، لم يشاركوا في استخدام هذا المصطلح. بيد أنه أصبح شائع الاستخدام في صفوف الثوار وخارجهم بين دوائر علماء الدين وغيرهم.
ومن السهل العثور على أنصار لـ «الجيش السوري الحر» يستخدمون مصطلح “نصيري” عند الحديث عن الناس الذين يقاتلونهم. وعلاوة على ذلك، في حزيران/يونيو عام 2013، قال حسن عبود، زعيم «أحرار الشام»، أقوى فصيل في «الجبهة الإسلامية»، في مقابلة على قناة الجزيرة العربية: “إن ما يحدث في سوريا هو أن الدولة حُكِمت بفكرة نصيرية، وهي جماعة شيعية صعدت إلى سدة الحكم وبدأت بالتمييز ضد السُّنة. فقد منعتهم من ممارسة شعائرهم الدينية ورسمت صورة للإسلام بعيدة كل البعد عن معنى الإسلام، مع تقاليد وممارسات ليست إسلامية على الإطلاق. وأرادت أن تمسح الإسلام الحقيقي من البلاد”.
إن ما زج حقاً بمصطلحات مثل النصيرية في الحوار العام الأوسع نطاقاً هو استخدامه من قبل علماء دين كبار، غالباً ما يوسمون بـ “معتدلين”، من أمثال يوسف القرضاوي. ففي مؤتمر عقد في القاهرة في حزيران/يونيو 2013 (ودعا إلى الجهاد في سوريا وحضره فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر)، قال القرضاوي إن النصيريين أكثر كفراً من اليهود أو المسيحيين. وتلك الأمثلة تُبرز كيف أنه عند مستويات مختلفة من هذا الصراع يروج عدد من الفاعلين لهذا الخطاب من أجل إزكاء التوترات الطائفية وتشويه العدو. وقد يكون ذلك أحد الأسباب وراء تدفق مثل هذا العدد الكبير من المقاتلين السُّنة الأجانب إلى سوريا.
والنتيجة الأخرى لجهود نزع الإنسانية عن الطرف المقابل هي الجرائم التي ارتكبتها قوات الثوار، من بينهم غير السلفيين، ضد الإنسانية والتي وثقتها منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ضد المدنيين العلويين في شهر آب/أغسطس 2013. وفي تجسيد لجاذبية هذا الخطاب، حدث الهجوم على اللاذقية بدعم كامل من قبل العديد من الجهات المانحة الكويتية.
كما تورطت جماعات إسلامية شيعية في جرائم حرب محتملة. ففي مقطع فيديو من شهر تشرين الأول/أكتوبر تم بثه على موقع يوتيوب، قام مقاتلون بإعدام ما تفيد التقارير بأنهم ثوار سوريون تم أسرهم وذلك تحت مزاعم وتبريرات دينية. وأثناء عمليات الإعدام قال أحد الرماة المنفذين للإعدام “إننا نؤدي تكليفنا ولا نسعى لثأر شخصي”.
وهناك مصطلح آخر أصبح أكثر شعبية في المعجم الإقليمي وهو “الرافضة” في إشارة إلى الشيعة الإثنا عشرية – أكبر طوائف الشيعة. وعلى عكس النصيريين، لم تكن الرافضة مجموعة مهمشة قبل النزاع السوري لأنها كانت قد استخدمت في الاتجاه العام للخطاب الديني السعودي فضلاً عن التعليم.
وكلمة الرافضة تشير إلى الشيعة، لأنه وفقاً لأولئك الذين يستخدمون هذا المصطلح، لا يعترف الرافضة بـ أبو بكر وخلفائه بأنهم كانوا الحكام الشرعيين بعد وفاة النبي محمد عليه السلام. وفي السياق السوري، استخدُمت الرافضة للدلالة على إيران (وهو بلد ذات غالبية شيعية) بسبب دعمها لنظام الأسد.
وفي أواخر 2012، عندما تم إحراق “معبد” شيعي (لاحظ أن مجرد استخدام مصطلح “معبد” يأتي في محاولة لنزع صلة الشيعة بالإسلام)، استخدم الثوار السوريون مصطلح الرافضة بشكل متكرر. كما حاول الجهاديون السنة في سوريا غرس هذه الرؤية المناهضة للشيعة في السكان المحليين من خلال الجداريات في القرى والمدن التي استولوا عليها. وقد أظهرت إحدى لوحات جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في حلب ما يلي: “قتال المرتدين النصيرية والرافضة هو واجب”. كما استغل قادة وجماعات داخل «الجبهة الإسلامية» هذا المصطلح في سياق الحرب الدينية ضد الشيعة. وفي حالة واحدة، في تموز/يوليو 2013، صرح القائد العسكري لـ «الجبهة الإسلامية» وزعيم «جيش الإسلام» زهران علوش قائلاً: “سوف يغسل مجاهدو الشام أقذار الرافضة والرافضة من الشام، سوف يغسلونها إلى الأبد، بإذن الله، إلى أن يطهروا بلاد الشام من أقذار المجوس الذين حاربوا دين الله. لذا انطلقوا يا مجاهدين لدعم إخوتكم، انطلقوا لدعم إخوتكم، نحن، في «لواء الإسلام» [الاسم السابق لـ «جيش الإسلام»]، نرحب بالمجاهدين من جميع أنحاء العالم ليكونوا عوناً ودعماً لنا، للقتال في صفوفنا، صفوف السنة [تقاليد الرسول محمد عليه السلام]، وسنة رسول الله، الذي رفع راية التوحيد عالية، إلى أن يتم إذلال المجوس والقضاء عليهم، والذين هم أعداء الله”.
ورغم ذلك، فكون الرافضة مصطلح مشين يستخدم بشكل متكرر للإشارة إلى الشيعة لا يعني أن الجهاديين الشيعة وأنصارهم لم يجدوا سبلهم الخاصة للتعامل مع هذا اللقب. فقد تبنوا في بعض الأحيان شكلاً من أشكال إعادة الاستخدام، حيث أخذوا مصطلح الرافضة واستخدموه بطريقتهم. وهذا يعكس كيف أن بعض الجماعات حولت الألفاظ المسيئة إلى ألفاظ أكثر إيجابية أو شكل من أشكال الهوية الذاتية. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي المهتمة بالعديد من الإسلاميين الشيعة المدعومين من إيران والعاملين في سوريا، يضع بعض مدراء المواقع مقابض تستخدم مصطلح الرافضة كعلامة على تحدٍ ساخر لأعدائهم. وفي إحدى الرسائل من قبل صفحة مرتبطة بموقع التواصل الاجتماعي لـ «عصائب أهل الحق»، جماعة شيعية عراقية تدعمها ايران ولها قوات في سوريا، قام شخص بتصنيف المقاتلين من قبلها على أنهم رافضة. وهناك حتى “وكالة أنباء الرافضة”.
وإذا كان مصطلح الرافضة شائع الاستخدام بين صفوف الإسلاميين السلفيين السُّنة، فإن مصطلح “الناصبي” (الجمع “نواصب”) مفضل في اللغة السياسية الشيعية لوصف أعداء الشيعة من السُّنة. والكلمة ذاتها موصف لأولئك الذين يكرهون عائلة النبي محمد عليه السلام. ووفقاً لما أورده الباحث في الإسلام الشيعي كريستوف مارسينكويسكي، فإن من يوصفون بأنهم نواصب في الفقه الشيعي “يعتبرون غير مسلمين”. بيد أنه على عكس تبني الشيعة لمصطلح الرافضة، فإن العديد من الإسلاميين السُّنة يختلفون بشدة مع هذا اللقب.
كما أن استخدام هذا المصطلح يعكس أن الشيعة الذين يقاتلون في سوريا يتبعون فتاوى دينية تدعو إلى شن حرب دينية مقدسة، والتي تأتي في المقام الأول من رجال الدين المدعومين من إيران. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أصدر آية الله العظمى الحائري فتواه الأولى المتاحة للجمهور يصف فيها الثوار السوريين بأنهم “كفار” ويدعو فيها أتباعه إلى قتالهم في الجهاد. بيد تبرز فتوى الحائري تعارضاً مثيراً للسخرية. والمصطلح الآخر الشائع المستخدم من قبل الجهاديين الشيعة تجاه أعدائهم السنة هو “التكفيريين”. والتكفيري هو مسلم يعلن أن مسلماً آخر كافراً. ويسمح هذا الإعلان بقتل المتهم بهذا اللقب.
لقد دأب رئيس «حزب الله» اللبناني سيد حسن نصر الله على استخدام هذا المصطلح بصورة منتظمة لوصف جماعات حاولت مهاجمة «حزب الله» وحلفائه الذين يقاتلون في سوريا. وترجع الرواية وراء هذا المصطلح في جزء منها إلى محاولة إظهار الجماعات الإسلامية المدعومة من إيران على أنها تؤمن بالوحدة الإسلامية الحقيقية وليس الاقتتال الداخلي. ورغم ذلك، فإن المصطلح يستخدم بانتظام بالاقتران مع الصورة المرسومة للشيعة ومع الرسائل الطائفية الموجهة للشيعة بشكل علني.
إن اتهام الأعداء بكونهم تكفيريين سمح أيضاً للمنظمات الإسلامية الشيعية المدعومة من إيران بتدعيم روايتها التآمرية. فالإدعاء الأكثر شيوعاً وتكراراً هو أن إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والتكفيريين يتحدون لتدمير «حزب الله» وسوريا والإسلام.
وبالإضافة إلى النقد اللاذع الذي وُجه لنظام الأسد وإيران لأسباب دينية، فإن العديد من الإسلاميين السُّنة انتقدوا «حزب الله»، حيث أطلقوا عليه “حزب اللات” و “حزب الشيطان”. وهذا الأخير لا يحتاج إلى تفسير، في حين يشير الأول إلى إلهة عربية قبل الإسلام كانت تُعرف باسم اللات، والتي كان يسود اعتقاد بأنها ابنة الله، وهذا يعني وصف «حزب الله» بأنه جماعة من الملحدين وليس مؤمنين حقيقيين، لذا يتعين سحقهم على غرار تجطيم الأصنام في عهد النبي محمد عليه السلام.
وفي الدوحة في أواخر ربيع 2013، أجاز القرضاوي بقوة الجهاد في سوريا ووصف «حزب الله» في وقت لاحق بأنه حزب الشيطان: “يأتي زعيم حزب الشيطان لمحاربة أهل السنة… نحن الآن نعرف ما الذي يريده الإيرانيون… يريدون مواصلة المجازر لقتل السَّنة… كيف يمكن لـ 100 مليون شيعي [في جميع أنحاء العالم] أن يهزموا 1.7 مليار [سني] ؟ فقط لأن [السنة] المسلمين ضعفاء”. وفي وقت لاحق تمت الإشادة بهذا البيان من قبل مفتي المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل الشيخ.
وعلاوة على ذلك، فإن بعض هذه المصطلحات توطد في ثقافة الحرب حتى أن هناك أناشيد تستخدم كصيحات حشد ضد الأعداء. وفي حزيران/يونيو أصدرت شركة إنتاج الأناشيد على الإنترنت “مسامع الخير للإنشاد” نشيداً مناهضاً لـ «حزب الله» باسم “هذا حزب اللات ناد للقصير يتمادى”. كما ظهرت الأناشيد في الكاريكاتير السياسي. فقد أعاد البعض صياغة اسم نصر الله إلى نصر اللات، بمن فيهم رجل الدين الكويتي الشيخ شعبية الشافعي العجمي. بل إن أعداء نصر الله جسدوه على أنه مصاص دماء إسرائيلي، الأمر الذي يبرز الطبيعة التآمرية للطريقة التي ينظر بها الأفراد إلى التحالف الشيعي غير القائم مع إسرائيل ضد المسلمين السُّنة.
كما أن الإشارة إلى “إمبراطورية بني أمية” التي كانت قائمة بين القرنين السابع والثامن تعد موضوعاً آخر لكلا الجانبين. فقد ورد في خطاب علوش دعوته بأن “مجد الأمويين سيعود إلى الشام على الرغم منكم [على الرغم من أنوفكم] والأمر ليس متروكاً لكم لكي تسمحوا بذلك أم لا”. ولا يشعر الجهاديون الشيعة بحنين للوطن عندما يتعلق الأمر “بمجد بني أمية”. وهم غالباً ما يستخدمون مصطلح “أمية” أو “بني أمية” للإهانة.
وبالنسبة لهؤلاء المقاتلين، فإن ذكريات المظالم التاريخية الماضية التي تعرضوا لها على يد بني أمية تمثل جزءً جوهرياً لمبرر وجودهم ومشاركتهم في سوريا. وقد جاء الإعلان الأول لتواجد المقاتلين الشيعة المتشددين في سوريا متدثراً في الادعاء بأن القوات كانت تدافع عن ضريح السيدة زينب الواقع في جنوب دمشق. وشعارهم، “لن تُسبى زينب مرتين” يتذكر قصة زينب، حفيدة النبي محمد عليه السلام وابنة علي، أول إمام شيعي. فبعد “معركة كربلاء” المحورية في القرن السابع، قام يزيد بكشف حجابها وإرغامها على السير حافية. ويُنظر إلى المعركة نفسها على أنها لحظة أخذ فيها الانقسام بين السنة والشيعة منحنى خاصاً. فقد كان يزيد أول قادة بني أمية ويراه الشيعة تجسيداً للشر والخداع.
وهناك صورة منشورة لجماعتان نشطتان على الفيسبوك هما «منظمة بدر» و «عصائب أهل الحق»، تزعم بأن الشخص الوارد فيها ذهب إلى “مسجد بني أمية [الواقع في دمشق حيث كان يوجد بلاط يزيد في الماضي] وأكال لهم الشتائم” بينما كان حاملاً لما يقال إنه علم «حزب الله».
والطريقة الأخرى التي صور بها الإسلاميون السُّنة الإسلام الشيعي على أنه يمثل معتقدات إسلامية غير صحيحة هي إطلاق اسم “المجوس” عليهم. ويشير هذا المصطلح إلى الزرادشتية (كما تسمى أحياناً بعبادة النار)، التي تتبنى المذهب الشيعي كقناع لدين منحرف في الماضي. وقد استخدم علوش هذا المصطلح أيضاً، على الرغم من أنه لم يصبح شعبياً كمصطلحات أخرى.
والمصطلح الآخر الذي يُستخدم أحياناً هو “الصفوي”، الذي يشير إلى السلالة الصفوية التي حكمت إيران في الفترة 1501-1736. وهو أكثر شهرة بسبب كونه السبب في تشيّع إيران، التي كانت تعيش فيها مجموعة من السكان السُّنة. وأحياناً يستخدم هذا المصطلح بصورة تعبير جديد هو صهيوني صفوي للدلالة على أن هناك مؤامرة بين إسرائيل وإيران ضد المسلمين السنة.
ويشير الفيديو الأول لـ «أحرار الشام» الذي نُشر في نيسان/أبريل 2012 – والذي منذ ذلك الحين أُزيل من على الانترنت، ولكن تم وصفه من قبل «مجموعة الأزمات الدولية» – إلى طبيعة ومخاطر الانتفاضة ضد نظام الأسد. وقد “وصفت جماعة «أحرار الشام» بأن الانتفاضة هي جهاد ضد مؤامرة صفوية لنشر المذهب الشيعي وإقامة دولة شيعية من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان وفلسطين. وادعى البيان بأنه إذا نجحت المؤامرة لتحقيق ذلك، فسيكون الأمر انتصاراً للصهيونية، ‘لأنه من المعروف جيداً أن الرافضة لا يقاتلون العدو؛ هم فقط يشهرون سيوفهم ضد السنة’ “
وبالمثل، في آب 2012، صرح عضو البرلمان البحريني عبد الحليم مراد، لدى زيارته للواء «صقور الشام» في سوريا – والذي لم يكن في ذلك الوقت في معسكر السلفيين وكان يدعو لقيام دولة مدنية ونوعاً من الديمقراطية – أنه من الممكن الانتصار بمساعدة «صقور الشام» عن طريق ذبح الصفويين “الحاقدين”. ويبرز ذلك مدى استشراء الطبيعة الطائفية الموسعة للصراع السوري، في حين يُنظر إلى جماعة مثل «صقور الشام»، التي كانت مناهضة علناً لـ «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (التي أذكت حقاً جذوة الطائفية في العقد الماضي)، على أنها تلعب دوراً مهماً رئيسياً في المعركة للقضاء على محاولة إنشاء “الهلال الشيعي”.
لقد تبنى الإسلاميون الشيعة نوع الرد الخاص بهم على التهمة الموجهة إليهم بأنهم ليسوا أكثر من صفويين يتشدقون بالحداثة حيث أطلقوا على أعدائهم “وهابيين”. والكلمة مرتبطة بشكل مباشر بأولئك الذين يتبعون تعاليم السُّني السلفي محمد بن عبد الوهاب، عالم الدين الرائد الذي أثّر على أيديولوجية المملكة العربية السعودية – عدوة إيران عبر الخليج العربي. إن استخدام لفظ وهابي كلقب سلبي ليس بالأمر الجديد. فعقب الهجوم الإرهابي في مدينة زهدان في إيران عام 2010، ذهب المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي إلى حد إلقاء اللوم على “الأيادي الآثمة والشريرة للوهابيين المغرضين والمضلًّلين”. ومع انفجار الأوضاع في سوريا ووجود تدخل سعودي وإيراني مباشر واضح للعيان، فإن هذا اللقب يساعد على وسم جميع خصوم الشيعة من السنة بأنهم ليسوا أكثر من وكلاء أيديولوجيين انشقاقيين تابعين للرياض.
إن طبيعة هذه الألقاب والجماعات التي تتبناها يجب أن تقدم صورة كاشفة ومثيرة للقلق عند محاولة فهم تفاقم الصراع السوري. ويبرز ذلك المخاطر بالنسبة للعديد من الفاعلين الرئيسيين داخل سوريا وخارجها الذين هم ليسوا حتى من بين الجهاديين العالميين. ويتّبع العديد من الفاعلين استراتيجية طويلة الأجل لنزع الإنسانية عن الطرف المقابل لأنهم يرون ذلك معركة دينية كونية وجودية بين السلفية السنية والشيعية الخمينية، مما يشير إلى أن مؤتمرات السلام ليس من المرجح أن تحل المشكلة السورية.
هارون ي. زيلين هو زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن ومؤسس موقع
Jihadology.net.
فيليب سميث هو باحث في جامعة ميريلاند وصاحب المدونة
Hizballah Cavalcade.
نقلا عن موقع معهد واشنطن