المصري اليوم
هذه صورة يومية من مصير أمة يتحكم بها رجال الجهل.
ينادى المؤذن للصلاة فيغلق البلد إغلاقا شبه كامل. كل الأماكن مقفلة. حتى أكثر المراكز حيوية وحساسية. الصيدليات. الأسواق التجارية. البقالات. المخابز. المطاعم… الجميع يرفع يافطة مكتوبا عليها/مغلق للصلاة. يبادر موظفو الجهات الحكومية والخاصة وأقسام الشرطة بترك مكاتبهم وتعطيل أعمال مراجعيهم عند دخول الصلاة، وقد يتوقف كثير من طلبة المدرسة عن متابعة جدولهم اليومى ريثما تؤدى الفريضة. أى جهة تخطر ببالكم مغلقة لحين انتهاء الصلاة. يتكرر تطبيق هذا النظام خمس مرات فى اليوم والليلة. حالة جادة من انتهاك الخصوصيات والحريات. وتعطيل كامل للمصالح والاقتصاد والحياة.
قانون يبعث على الكسل ويشارك بتردى الحالة المادية المتهالكة فى دولة بترولية ضخمة. حتى اليوم ليس هناك أى مبرر وجيه يفسر إيقاف الحياة وقت الصلاة، غير أنه رضوخ مطلق لمؤسسة دينية تبتعد كثيرا عن الدين الحقيقى. ثم يصادفك رجال جهل يطوفون فى الشوارع والأسواق، منادين بأنه قد آن أوان الصلاة فأغلقوا كل شىء وارموا ما بأيديكم وتوجهوا صوب القبلة، أما من يخالف الحظر فعقوبته وخيمة. إجبار على ممارسة الشعائر لا تقبله أى سماء.
فى أحلك اللحظات الطارئة تتوقف على عجالة لتعبئة سيارتك فتفاجأ بأن وقت صلاة الظهر قد دخل وعليك انتظار قرابة ثلاثة أرباع الساعة حتى تفتح محطة البنزين. وأياً كانت الضرورة الملحة التى استدعت وقوفك هناك فلن يتزحزح النظام.
كأن الرابط مع الله يتطلب إشرافا ورقابة وعقوبة سلفية، وكأن من شروط الجنة تعطيل الحياة.
الطريف أن العدد الضخم من القوى العاملة الموجودة ينتمى لديانات مختلفة غير الديانة الإسلامية. وهؤلاء لا يجدون حلا غير التسكع حتى نهاية حالة الطوارئ المعتادة.
الصلاة تحولت لعادة، تحولت لقانون، لنظام. والروحانيات روتين جماعى يومياً.
هناك جموع صابرة وصامتة. وهناك قطعان سعيدة وراضية.
مصير محبط تتجه له بقية الشعوب لأن امتدادات الجهل تحكم المنطقة. حتى فى أكثر أماكنها انفتاحا وحرية. رجل بلحية كثيفة مقرفة تصل لخاصرته يظهر على الشاشة وبيده سلاح يحارب به المجهول، معرفتك بتاريخ أولئك الهمج تدفعك للاعتقاد بأنه حين يتحدث سيتكلم الأفغانية أو لهجة عربية من اللهجات التى تسود تنظيم القاعدة فتفاجئك لهجته اللبنانية. من خطر بباله أن يأتى يوم يظهر به ذلك المحارب الطالبانى فى لبنان. من خطر بباله أن يوضع النقاب والحجاب فى لبنان.
الثوار يريدون إحياء عهد السلف، الثوار يطمحون بحياة طالبانية جديدة. لكن فكرة طالبان تتنافى مع فكرة أى ثورة. كان على الجميع أخذ الحيطة. فمنذ متى يؤمن الإسلامى بالثورة غير تلك التى يضمن بها الحكم لا صالح الوطن؟ منذ متى يؤمن الجاهل بأحقية الخروج على طاعة ولى الأمر؟
كلنا نترقب ما سيحدث بمصر يوم 30 يونيو كى نعرف مصير الربيع، وكى يتضح مسمى محدد للثورات. فإما أن يعنونها التاريخ بثورة إرهابية مدمرة وإما ثورة حرية كبرى.
كلنا ننتظر ما سيحدث بمصر «وانتظر إنا منتظرون»