نشأت , واشتغلت وعشت ,بأكثر من قرية مصرية , بخلاف ما زرته من القري الأخري والمدن الكثيرة .
في كل قرية – وبكل مدينة – يوجد ضريح لشيخ – وربما اكثر – . يعتبره القرويون – وأهل المدن – , ولياً من أولياء الله . وانه كان صاحب معجزات , أو حسب تعبيرهم ” كانت له كرامات ” وبعض الكبار في السن – ومن ورائهم الأصغر منهم . يروون قصصا وحكايات عن كرامات – معجزات – هؤلاء الشيوخ ..
فهذا الشيخ . مشي فوق الماء ورآه الناس . عيانا بياناً ..
وذاك الشيخ . من أهل الخطوة . رآه بهض الحجاج بالمدينة المنورة . وسلموا عليه . ثم اختفي . بدون أن يسافر و وبدون تأشيرة أو باسبورت . بمجرد خطوة منه يكون قد وصل للمدينة المنورة . وبخطوة أخري يكون قد عاد … وتلك أمور لا تحتمل جدلاً حولها أو تشكيك فيها ً ..
هذا ليس قاصرًاً علي المسلمين وحدهم . فبالأمس- أقرب شيء , وعلي سبيل المثال – 24 ابريل 2013 فوجئت في موقع التواصل الاجتماعي بالانترنت ” الفيسبوك “. بواحد من احدي الطوائف الدينية المصرية الأخري – وهو أخ عزيز – . ينشر صورة – تخيلها كفنان – عن معجزة – من هذا النوع – ذائعة الترديد . بين أبناء طائفته . لرجل قديس . استطاع نقل جبل المقطم – بالقاهرة – . من مكان لآخر – في العصر الفاطمي . وصارت تلك الرواية . عند أبناء تلك الطائفة الدينية . لا تحتمل جدلاً حولها أو شكا فيها ً . كما لو كانت من صميم ثوابت العقيدة !.
والجدير بالتوقف عنده والتأمل : انه , هو ومن احتفوا بما قدمه عن تلك المعجزة . هم من أثقف مثقفي الطائفة ومن أنشط نشطائها .. ..
فذكروني بما يرويه المسلمون أيضاً عن معجزة واحد من الشيوخ الأولياء المشاهير جداً ” السيد البدوي ” – ضريحة ومسجده الكبير . بمدينة ” طنطا ” شمال القاهرة بحوالي مائة كم . حيث يزوره سنويا ملايين المصريين سنوياً .
وقد تعلمنا في صغرنا أن ننشد منشوداً فلكلوريا عن السيد البدوي :
” الله الله يا بدوي جاب اليسري ” : أي أتي بالأسري , بعمل اعجازي , يبين كرامة له عند الله .
وبالبحث فيما هو منشور عن ” السيد البدوي ” بالانترنت ( وبما أن مثقفين ونشطاء , نافذون في الايمان بمعجزات أولياء الله ! ) ننقل لكم أولا . ما يقوله مهندس استشاري – مصري -. يعمل بشركة أمريكية كبري عن السيد البدوي – كتبه في تعليق . بجريدة ” المصريون ” باسم ” المعلم ” :
. – الا ان اولياء اللة لا خوف عليهم ولاهم يحزنون – آية بالقرآن –
اليس للصالحين بركات ونورهم يسعى بين ايديهم
اذهبوا الى ابن عبد الوهاب فهؤلاء المتصوفة الصالحين هم من نشروا الدين بين عامة الشعب بحلو حديثهم وتبسطهم فى الدعوة
انا مش درويش انا مهندس ميكانيكى استشارى واعمل فى ارقى الشركات الامريكية وان شاء اللة فى هذا المولد سأذبح عجلا وساوزعة على الفقراء ومن لا يتناولون اللحم الا فى المناسبات والاعياد
ومدد يا سيدى البدوى , يا جلاب الاسير يا ابو الفتيان .
السيد البدوى . مد من الشباك ايده —– جاب الاسير بحديده
اى سلفى هنشوفة فى المولد هنكسر راس امة
http://www.almesryoon.com/permalink/33766.html
— —
ومن هنا .. حيث أن ” سمعان الخراز” – القديس – . نقل جبل المقطم ..
وأن ” السيد البدوي ” – الشيخ -. مد يده من الشبك فأحضر الأسري من الأسر , بقيودهم الحديدية في أياديهم ..
وحيث أن هذا , ليس وحسب ايمان وحكايات القرويين البسطاء , في خمسينيات القرن الماضي . وانما كما رأيتم ..هو ممتد معنا حتي اليوم . في زمن الفضائيات والانترنت والموبايل ..طويل ..
هكذا : يكون مشوار مصر طويييل . طويل ..
بمعني لو تواري الأخوان والسلفيون – اضطراراً – .. فالبقاء للسيد البدوي ولسمعان الخراز ( وهما مجرد مثالين من كثيرين غيرهما , شيوخ وقديسين بالمئات , بل بالآلاف ..) .
كيف يمكنك الجدل . حول كرامات ومعجزات ” السيد البدوي ” . مع المهندس الاستشاري . هذا – وغيره – من المريدين , وهم ما بين اطباء , وأساتذة جامعيين , ورجال قضاء كبار – بخلاف الدراويش الصوفيين , وعددهم يقارب ضعف عدد جميع الأقليات الدينية المصرية 20 مليون مسلم صوفي ! ( وفي تقديري انهم خلايا وديعة أو نائمة . – اخوانية – . فالخلاف بينهم وبين الاخوان . خلاف عائلي , داخل بيت العائلة . أصابع مختلفة في كف واحد ؟ ) .
وكيف يمكنني المجادلة في معجزة ” سمعان الخراز ” . ونقله لجبل المقطم . مع أحد من المؤمنين بها – ومنهم فنان – رسام رائع وكاتب – وهو أخ عزيز وصديق ودود – وان لم نتقابل من قبل – وآخر ناشط معروف وكاتب , وثالث مخرج تليفزيوني وناشط وكاتب أيضا . وجميعهم أخوة أعزاء – – وكانوا الثلاثة وراء الصورة التي نشرت بالفيسبوك – كما أشرنا – عن معجزة ” سمعان الخراز ” في نقل جبل المقطم – ؟؟
في كل يوم سوف تخسر صديقاً جديداً , بل وأصدقاء .. ان أصريت علي مناقشة تلك المسائل بعقلانية . دون مجاملة ! .
مأساة مصر وباقي دول المنطقة – بؤرة الأديان الابراهيمية الثلاثة – ربما لم تعد يلزمها كتابة وكتاب . لأجل الخروج منها .. فلماذا ؟
لانه بعدما كتب رفاعة الطهطاوي ,ولطفي السيد , وقاسم أمين , وسلامة موسي , طه حسين ” مستقبل الثقافة في مصر ” والعقاد وتوفيق الحكيم ولويس عوض , ونجيب محفوظ . كل ما أمكنهم كتابته . ولأكثر من مائة سنة . كُتبهم تتداولها الأجيال . . كان الحصاد النهائي هو :
قيام دولة اللادولة ,.-..في ظل حكام من الاخوان والسلفيين ,وجماعة الأمر بالمعروف , وميليشياتهم .- ! ويقود هؤلاء :
أساتذة جامعون , علماء , وأطباء ومحامون , ومهندسون ورجال قضاء ., بالتعاون مع حزب نخنوخ , وبالتحالف مع أجانب – دول أجنبية – (!) .
هل كان يمكن للقاضي والمفكر ” قاسم أمين ” أن يتصور . انه بعد أكثر من 100 مائة سنة من تأليف كتبه وكتاباته البينات . عن تحرير المرآة . سوف تكون ممثلة النساء بالبرلمان المصري .عام 2012 امرأة محجبة .. ” المحامية – أم أيمن – ” !؟
يبدو أن الكتابة – والجدل النظري -. قد استنفذا دورهما .
تلك الكتب . خرائط , تصميمات . لم تعد تحتاج الا لمن يطبقها .. بأكثر مما تحتاج لببغاوات ترددها . أو مطابع تطبع المزيد منها .
من أراد المزيد من الكتابة عن حرية المرأة وحقوقها . فعليه بقراءة `قاسم أمين `. فهو لم يقصر .
ومن أراد كتابة عن مستقبل باهر لمصر وشعبها . فليقرأ ما كتبه أحمد لطفي السيد وسلامة موسي وطه حسين ” مستقبل الثقافة في مصر ” .ولويس عوض . فهؤلاء لم يقصروا .
ومن أراد اقتصاداً مصرياً سليماً . فعليه باقتصاد ” طلعت حرب ” فخريطته لم تقصر .
ومن أراد غناءّ وموسيقي يدفعان للنهوض والتقدم . فعليه ب ” سيد درويش “. فهو لم يقصر .
ومن أراد استطالة وتجديداً فعليه بالوقوف علي حجر الأساس أولاً . أي ما قدمه هؤلاء الرواد ..
ومن أراد لفاً , ودوراناً . . مبدعاً وجميلاً, و( تطبيل في المتطبل ) فعليه بكل من جاءوا بعد هؤلاء الرواد.
نعم .. يبدو أن الكتابة – والجدل النظري -. قد استنفذا دورهما .
ونظن الشفاء سيأتي بالثورة وبالعلم الحديث ( الثورة المدروسة , ذات الخطة والبرنامج ).. فهما أصدق أنباءً من الكتب. وهما معاً , أقدر علي حسم , جدل عقيم . طال لأكثر من قرن . و لا تبدو له نهاية .