مقالة مشتركة بقلم كل من هنري ماير وايليا آرخيبوف ودانه خرابجه وبلومبرغ: ترجمة عادل حبه
بوتين وخامنئي
اقدام موسكو المفاجئ على سحب القوات الروسية من سوريا يمكن أن ينطوي على خطر إحداث فجوة في المواقف المشتركة لروسيا مع حليفتها الرئيسية إيران في هذه الحرب. فإيران وعلى الرغم من نفاذ صبر موسكو المتزايد من عناد بشار الأسد، إلاّ أنها مازالت متمسكة بموقفها من احتفاظ بشار الأسد بموقعه كرئيساللجمهورية العربية السورية.
لقد صرح محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيرانية على قرار موسكو بسحب قواتها المقاتلة من سوريا على أنه “مؤشر ايجابي” على التزام موسكو بالاتفاق الذي تم قبل ثلاثة أسابيع حول الحل السلمي للأزمة السورية. ولكن من جهة أخرى، أشارت الصحف الموالية لإيران إلى أن الخطوة الروسية الأخيرة من شأنها أن تعرّض الجيش السوري للأخطار، مما يضطر إيران هي الأخرى إلى سحب قواتها من الأراضي السورية. ويعلق رجب صفروف مدير مركز الأبحاث الإيرانية في موسكو على هذه الخطوة ويقول:” لقد كانت مفاجئة كاملة العيار بالنسبة إلى إيران. فمن الواضح أن قرار موسكو من شأنه أن يضعف مواقع الأسد في المفاوضات مع المعارضة”.
لقد وقفت قوات حزب الله في لبنان لفترة طويلة إلى جانب قوات بشار الأسد الذي يخوض الحرب، ولكن مجيء القوات الجوية الروسية أدى إلى تغيير ميزان القوى لصالح تقوية القوات الموالية لبشار الأسد التي بدت بعد خمس سنوات من الحرب على حافة الهزيمة. ويعتقد المحللون أن تركيز موسكو بشكل أكثر على الحل الدبلوماسي، يمكن أن يثير الخلاف بين حلفاء الأسد، لأن إيران تعارض أي مسعى لإضعاف مواقع الأسد من أجل الاحتفاظ بنفوذها في سوريا.
رحيل الأسد
ويعتقد الكسندر بابكوف، مساعد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في دوما الدولة الروسي إن خطوة بوتين هي ضرورية من أجل دفع الأسد صوب المفاوضات وإيجاد حل للأزمة السورية في وقت يجري فيها العودة إلى مفاوضات السلام الجارية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة. ففي حديث تلفوني له مع بلومبرغ أشار إلى أن:” المسألة الأصلية هي مدى المرونة والميل الذي تبديه الحكومة الحالية في الوصول إلى اتفاق”. وقد صرح وليد المعلم، وزير الخارجية السورية، قبل الشروع بمفاوضات جنيف أن نظام الأسد سيسمح للمعارضة بلعب دور محدود في الحكومة المقبلة، وسيظل مكان الأسد “خط أحمر”. وقد نشرت جريدة الأخبار اللبنانية القريبة من حزب الله والأسد تقريراً جاء فيه أن دمشق أعلمت الكرميلن أخيراً أن الحكومة السورية لا توافق على اقتراحات الأمم المتحدة. فعلى أساس مشروع السلام الذي يلقى الدعم من قبل الدول الكبرى، فإن مؤسسة جديدة تشمل الحكومة وممثلي المعارضة وستتولى كل صلاحيات السلطة التنفيذية، وبعد سنة يتم إجراء انتخابات المجلس ورئاسة الجمهورية.
ويشير الكسندر شوميلين، مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط والتابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى أن “تقسيم السلطة لا يعني في النهاية سوى رحيل الأسد. إنها لحظات مصيرية في تاريخ سورية، فحتى لو لم يرحل الأسد بسرعة، فيجب عليه الرحيل خلال أشهر ويتنازل عن سلطته”.
ضغوط حقيقية
لقد صرحت المصادر السورية لجريدة السفير اللبنانية إن قرار خروج القوات الروسية كان مفاجئاً، وفي وقت تستعد فيه القوات الموالية لبشار الأسد لاستعادة المدينة التاريخية بالميرا (تدمر) من داعش. وانتقدت هذه المصادر الاتفاق الروسي الأمريكي حول الهدنة المحدودة، وقالت إنها تؤدي إلى تخفيف الضغط على المعارضة. ونقلت وكالة مهر للأنباء الإيرانية، تصريحاً لعلي شمخاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن الوطني الإيراني، قال فيه إن الانسحاب المحدود للقوات الروسية :” لم يكن مفاجئاً بأي شكل من الأشكال، ويجب أن يستمر تقدم القوات السورية ضد الإرهابيين”. أما سالم المسلط، الناطق بأسم المجموعة الرئيسية في المعارضة السورية، فقد عبر عن تفاؤله بالقرار الروسي واعتبره نهاية للدعم الروسي اللامحدود للأسد، وقال:” إذا ما مورست ضغوط حقيقية، فإن المفاوضات ستؤدي إلى نتيجة. وإذا لم يمارس الضغط على الأسد، فإنهم سيتلاعبون من أجل كسب الوقت”.
وحسب ما أورده ديميتري بسكوف، الناطق باسم الكرملين، فمن المنتظر أن يقوم جان كيري وزير الخارجية الأمريكية بزيارة إلى موسكو ويلتقي بفلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية من أجل التنسيق في عملية السلام في سوريا. علماً أن الغرب مازال متشائماً، فقد عبر بيتر وستماكات السفير البريطاني السابق في أمريكا، بأنه على اعتقاد بأنه مازال الأمر غير واضح حول قرار بوتين بانسحاب القوات من سوريا، هل هو استكمال مأموريتها في تقوية الأسد والحفاظ على دوره كلاعب أساسي في المستقبل؟ أم أن هذه القرار ينطوي على خشية روسيا من الوقوع في مستنقع شبيه بالمستنقع الفيتنامي.
نتيجة جذرية
ويشير بيتر وستماكات في حوار تلفزيوني مع بلومبرغ الى ما يلي:” في الحقيقة نحن لا نعرف هل أن قرار بوتين هو خطوة تعبر عن الالتزام الحقيقي بالعملية الدولية أم لا؟”. فعلى حد قول أحد المسؤولين الروس الكبار، فإن بعض الحملات الجوية في سورية ستستمر. وحسب مصادر مجموعة “اوراسيا”، فسوف لا يجري المس بالبنية التحتية العسكرية الروسية في سوريا، ومن ضمنها القاعدة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في اللاذقية. ولذا فإن القدرة الهجومية فقط هي التي سيجري تحديدها. ويشير رجب صفروف إلى أن قلق إيران من أن تنحو موسكو منحى راديكالياً يؤدي إلى :” بالنسبة لإيران أن تصبح سورية بدون الأسد ليست سوريا التي تحلم بها إيران”.
Related
About عادل حبه
عادل محمد حسن عبد الهادي حبه
ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي.
في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد.
إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي
إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد
نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد.
في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه
إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956.
دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك.
شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956.
بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة.
أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد .
حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك.
بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية.
أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل.
عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق .
عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب
إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى.
عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب.
في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق.
إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا
خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة.
بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى.
إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال.
تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري.
يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية.
متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).