ربما كانت بدايات انتقال العلامة الإسلامي ( مصطفى محمود) من العلمانية إلى الإسلام ، فيما سيسميه ( العلم والإيمان) ، خلال أكثر من 400 حلقفة تلفزيونية كانت تتوازى تزامنيا منذ السبعينات مع التحولات الكبرى التي شهدتها الساحة التركية التي كانت تشهد ارهاصات تقشر حركة الأخوان المسلمين الأتراك من إهابهاالتقليدي المحافظ عن حزب العدالة والتنمية ( الإسلامي الليبرالي العلماني) ، مما يسمح بالقول ل أن العالم الشيخ مصطفى محمود هو المفكرالإسلامي الأول الذي وضع الأسس الفلسفية والمعرفية لحزب سياسي مدني إسلامي وهو ( حزب العدالة والتنمية التركي) كحزب للمصالحة بين العلمانية والإسلام ….تخطى جميع الحركات الأخوانية التقليدية بما فيها العربية والمصرية العريقة، وخلفها وراءه تجتر شعارات ( الاسلام صالح لكل زمان ومكان) ، إذ هم يقصون الجميع بما فيها حلفاؤهم ( العلمانيون القوميون واليساريون ) الذين كانوا يقدمونهم للعالم الخارجي الدولي والغربي كقوى وطنية مدنية ديموقراطية تجاوزت الشمولية الأحادية الدينية والمذهبية….. مما جعلها تنهار في مصر سريعا أمام أي تحرك شعبي سيركبه الجيش لاسقاطها بعد فترة قصيرة ، فيما أن هذه الحركة العسكرية في تركيا كان قد أقشلها الشعب التركي بعد أكثر من عقد ونصف في تركيا لاحقا ….
الراحل الكبير مصطفى محمود لم ينتبه إلى خسارة الحركة الشعبية المصرية له، إلا بعد أن تحول الجامع الذي كان باسمه إلى رمز من رموز الثورة المصرية، حتى اضطر الشيخ القرضاوي إلى أن ينعاه بعد وفاته دون أن يفعل ذلك جميع الحركات الإسلامية والعلمانية مع الأسف، وهو المفكر الإسلامي الوحيد الذي رفض أن يقابل ربه بـ ( الكلام ) فقط، وذلك بعد أن بنى مسجده وملحقاته الطبية ومراكزة العلمية والفلكية، وبعد تكفله ستنين ألف ( 60 ألف أسرة ) مصرية بدخل شهري رغم أنه من أصول مجتمعية وسطى ..
فقد خلف أيضا وراءه اليسار الشيوعي الذي كان معه في أول شبابه، فلم يجد سوى أن يبني الجوامع مادام جماعته اليساريون ( البروليتاريا) لم يبنوا المصانع للعمال …وكان بالمقابل فنانون كالسيدة أم كلثوم ترعى مئات إلاف الأسر وذلك قبل الثورة ، وهكذا كان الفنانون المبعدون من المفكرين والكتاب ( مصطفي محمود ) الذي كان يكفره الأخوان لرفضه مبدأ ( الشفاعة)، والذي يكفل الجنة للصوص والقتلة والمجرمين بشقاعة النبي، بما يشابه الانحلال الخلقي والفساد لايدديولوجية السلطة الطغيانية الراهنة في الوساطة ( اعمل الذي يعجبك ، وصلي على الذي يشقع لك ) … بل والذين يبلغون بأحكامهم الفضائية التلفزيونية ( وجدي غنيم) الأخوانية على أم كلثوم بأنها كانت “فاسقة”، وهي المتفردة مع الشيخ مصطفي محمود بأنها من أكبر المحسنين المتبرعين والمتكفلين للأسر المصرية الفقيرة من ما هم مكفول و(معروف بالدين و”الشطارة والفهلوة” بالضرورة) ….