مصروف جيب ،شكو بيها

rodenyحدثني زميل لي قائلا:
رغبت بزيارة “نكرة السلمان” سيء الصيت ذات يوم بمهمة صحفية بعد ان اخلي سبيل جميع السجناء وبات خاليا وسط الصحراء.
انطلقنا من مدينة السماوة ومعنا “الدليل”الذي سيرشدنا في الطريق،وعرفنا انه لولاه لكانت خاتمة حياتنا سنموت اما عطشانين او وجبة شهية للذئاب.
وكان دليلنا ، وهو رجل اسمر الوجه طويل القامة وله عينان حادتان،يطلب من السائق بعد عدة كيلومترات ان يقف ليفحص الطريق،وينزل ويمسك عددا من الحصوات ويفركها بيديه ثم يعود الى السيارة ويؤشر للسائق ان يسير بالاتجاه الذي يومىء له به.
ولم استطع ان اتابع معه ماقال بعد ذلك، واقر انه عيب كبير، اذ تذكرت وياليتني لم افعل ذلك ماقالته امس اللجنة الأقتصادية في البرلمان عن ضياع 30 مليون دولار مضافا اليها سلفا حكومية بقيمة 20 مليون دولار مازالت مفتوحة حتى الان.
المصيبة ان هذه الملايين التي ضاعت لم تجد اللجنة الاقتصادية اي مستندات رسمية تشير الى منافذ صرفها حتى ليبدو ان سارقها قد احضر “جنطة” سفر وعبأ فيها هذه الملايين وغادر المكان وسط الحرس الذين أدوا له التحية.
ترى هل اختارت هذه اللجنة احد اعضائها ليكون “الدليل” الذي يمسك الحصوات ويفحصها جيدا ويدلهم على الطريق.
دعونا من هذا “الدليل” فوجوده وعدمه سواء، فرأس السمكة “خايس” ولنلتجأ الى المرجعية التي اعتقد انها ستكون خير دليل بعد ان مسكت الخيط.
في آخر خطبة له قال احمد الصافي ممثل المرجعية العليا ان(على الجهات المعنية ان توفر جميع الوسائل المتاحة التي من شأنها النهوض بالمستوى العلمي والاخلاقي سواء في البنى التحتية للمدارس والجامعات او تؤكد على كفاءة المدرس العلمية بل والاهتمام بالمؤسسة التعليمية على مختلف مستوياتها وايجاد الفرص المناسبة لتطويرها والتأكيد على ثقافة حب الوطن والاهتمام به).
هذا هو احد رؤوس الخيط.
الرأس الآخر وهو مهم جدا حين قال: ان(من المهم جدا ان تتوحد المواقف في مواجهة تنظيم داعش لاسيما المواقف الداخلية لما لذلك من اثر بالغ في شد ازر المقاتلين في الجبهات وهم يذودون عن حياض الوطن ويسترخصون ارواحهم في الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات)كذلك (من المهم ان توضع خطة واضحة ومدروسة وعلمية للاصلاح الحقيقي وبتعاون الجميع بخطوات اكثر اهمية مما تم القيام به في المرحلة السابقة مع أهمية ملاحقة ومحاسبة المسؤولين عما جرى خلال السنوات الماضية من ضياع مئات المليارات من اموال الشعب العراقي في مشاريع وهمية ومقاولات مبنية على المحاباة والفساد).
ألراس ألآخر من خيط الدليل ماقاله إمام النجف صدر الدين القبانجي والذي شددعلى ضرورة تطهير الوزارات من العناصر الفاسدة، مبدياً ترحيبه بالتحالف الرباعي بين العراق وإيران وسوريا وروسيا.
وفي تصريح لالبس فيه قال: أن(من حق العراق أن يدخل في مثل هكذا تحالفات وهذا التحالف خطوة جيدة نحو مكافحة الإرهاب).
وقال ايضا إن(إعفاء 123 وكيلا ومديرا عاما خطوة صحيحة ومهمة نحو الإصلاح، مع أهمية أن تتسم الإصلاحات بالمهنية والمقاسات القانونية، وتطهير الوزارات من العناصر الفاسدة).
هل هناك اكثر من هذا الوضوح في اعطاء الضوء الأخضر للشرفاء ان يبدأوا حملتهم ضد الفساد والتفسخ الأخلاقي والاداري وغيرها كثير والحمد لله.
لننتظر ونرى

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.