مسيحيو المشرق والعلاقة مع الاستبداد والحكام الطغاة

مسيحيو المشرق والعلاقة مع الاستبداد والحكام الطغاة: كثيرون يتساءلون عن سر وقوف غالبية المسيحيين الى جانب الحكام الطغاة في دول المشرق ؟؟.. في سوريا،لا ننفي وقوف الشارع المسيحي، خاصة بشقه الكنسي، الى جانب بشار الأسد ونظامه ، رغم إدراك المسيحيون بأن بشار طاغية ودكتاتور ونظامه استبدادي قمعي فاسد . بيد أن هذا الموقف ، لا يعني بأن المسيحيين يرفضون انتقال سوريا الى نظام ديمقراطي تعددي عادل. المسيحيون يدركون جيداً بأنهم والفئات المستضعفة هم أكبر المستفيدين من نظام وطني ديمقراطي يحقق العدل والمساواة بين المواطنين السوريين. لكنهم يخشون ارتدادات سقوط الاستبداد وما سيحصل من فوضى وفلتان أمني ، سيكون المسيحيون ابرز ضحاياه، مثلما حصل لمسيحيي العراق على اثر إسقاط الطاغية صدام حسين، حيث كان مصيرهم القتل والخطف على الهوية والتهجير والسطو على ممتلكاتهم . نعم ، مخاوف مسيحيي المشرق لها ما يبررها ، في التاريخ القديم وفي الماضي القريب وفي الحاضر الراهن. أنهم يخشون من هيجان “الشعوب والأقوام الاسلامية” التي يعيشون بينها وهي بغالبيتها الساحقة بعيدة عن قيم الديمقراطية ومفاهيم الحرية واحترام حقوق الآخر… إثناء الحملات العسكرية الأوربية على الشرق المعروفة بـ “الحروب الصليبية”، ثار المسلمون على مسيحيي المشرق، حيث كان ينظر اليهم على أنهم “عملاء الصلبيين ومتهمون بالتواطؤ معهم”. مما اضطر الحكام المسلمين (الخلفاء) الى حماية المسيحيين من الهجمات الوحشية والهياجانات الشعبية المسلمة عليهم….. رغم مضي قرون طويلة على تلك الحقبة السوداء وسقوط دولة الخلافة الاسلامية ونشوء الدول الوطنية في المنطقة ، نظرة غالبية المسلمين لم تتغير كثيراً الى الانسان المسيحي . مسيحيو المشرق، مازالوا بنظر غالبية الشعوب الاسلامية، حتى بنظر الكثير من مثقفيهم “مشكوك بوطنيتهم .. بقايا الصليبيين.. متواطئون مع الغرب الكافر .. اقوام وافدة دخيلة على المنطقة .. أهل ذمة) .. هذا الواقع المرير الذي يعيشه مسيحيو المشرق ، انكشف وانجلى مع ظهور تنظيم الدولة الاسلامية- داعش الارهابي .. إذ راينا كيف تعرض المسيحيون في كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا ، الى حملات تطهير عرقي وديني في المناطق التي اجتاحتها عصابات داعش.. حتى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية، تكاد تخلو من المسيحيين….. بقي أن نشير، أن أحد المعارضين السوريين في لقاءات موسكو ، عندما بدأت “رندة قسيس” بالتحدث ، همس بأذن صديقه” انها من بقايا الصلبيين” ..
سليمان يوسف

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.