ايلاف
كشف السينارست مدحت العدل في كتابته لمسلسل الداعية النقاب عن الدوافع الرئيسيه لتوظيف الخطاب الإسلامي المتشدد للعديد من الدعاة ..والتي في معظمها ’تستعمل لأغراض شخصية بحتة منها النجومية ومنها العائد المادي, والذي قد يتقلب تبعا للمبالغ التي ’تدفع .. ولكنه بيّن أيضا وبما لا يدع مجالا للشك بتبني التنظيم الإخواني للعنف كوسيلة للتخلص من مختلفي الرأي أو من يعتبروهم مرتدين عن الأفكار المتطرفة التي يبثوها ليلا ونهارا .. ( كما حصل مع فرج فودة ونجيب محفوظ الذي نجا من عملية الإغتيال ) مما يؤكد زيف إدعائهم بالديمقراطية التي تستوعب بل وتؤكد على أن وجود المعارضة إثراء للرأي .. و لترسيخ حقوق الجميع ..
الأهم من ذلك أنه نجح في كسر هالة القداسة التي يتلحف بها الإخوان .. وإظهارهم أيضا كبشر منهم الكاذبون والمراوغون .. ومنهم من يلتزم بعقيدة إسلامية سمحه تغفر وتتسامح .. ولكنها تعتقد بل وتؤمن بانها الأصلح للحكم .. وغير قادره على إستيعاب إختلاف مذاقات البشر .. وغير ملائمتها مع العصر ..
نجح الكاتب .. إضافة إلى التمثيل الرائع لكل من ساهم في هذا المسلسل الرائع .. قي أن يضع نقطة هامه للبحث والحوار وهي وجود تناقضات في الديانة الإسلامية .. وهل من مصلحة المسلمين في هذا العصر الخذ بالتفسيرات المغلوطة والمتشددة .. أم أننا أمام مفترق علينا إختيار وترويج للإيجابيات السمحة منها … ففي كل حلقة من حلقات المسلسل كانت هناك مادة للبحث والنقاش … بدءا بتحريم أو تحليل الموسيقى والتي وجد فيها الداعية المتشدد غذاءا روحيا يصفي القلب وينعش الروح .. ولكنه نجح نجاحا باهرا حين وضع المشاهد أمام إستجواب خاص لكل فرد .. ما هو التديّن .. وهل من التديّن كشف أسرار البيوت التي تدخلها ..؟؟؟؟؟؟ ووضع الضمير الإنساني للداعية محل تساؤل .. حين وضع علامة إستفهام حول من هو الأعلى مرتبة والأهم .. هل هو الخبر والسبق الصحفي أم الضمير الذي يجب أن يحترم خصوصية الآخرين وما مدى الرقابة الذاتية الضرورية في الخبر الصحفي بحيث لا تستبيح أعراض البشر الآخرين !!! .
ولكن أهم ما طرحه الكاتب يبقى في المشهدين الأخيرين .. حين ترك للمشاهد وحده حرية الحكم على الإخوان .. ففي مشهدين متناقضين ترك للمشاهد الخيار .. ما هي الطريقة الأفضل والأصلح للتعامل معهم بعد رفضهم المستمر للمشاركة السياسية وإقرارهم بنية التضحية بالكثيرين من شباب مصر تمسكا بحقهم في السلطة … هل هي تركهم طليقين يعبثون بمجرى حياة الآخرين وربما إغتيالهم .. أم القبض عليهم فورا بغض النظر عن النتائج التي قد يقوم بها مؤيديهم ؟؟؟
النهاية مشابهة لمسرحية كنت حضرتها قبل سنوات عن مدى توّرّط توني بلير في إخفاء الحقائق وأخذ القرارات الفردية في الحرب على العراق … حيث تركت للمشاهد الحكم عليه فيما إذا كان أخفى الحقائق وتصرف بشكل فردي ويجب معاقبته على ذلك .. أم أنه تصرف بصدق مع الناخب البريطاني وهو برىء من تهمة إخفاء الحقائق ؟؟؟؟ تركت للمشاهد الحكم على ذلك وهو ما يصب في قلب الديمقراطية حق الناخب في معرفة الحقيقة ؟؟؟
نعم المنطقة العربية تعج بالأفكار المتطرفة .. وتعج بعنف تعجز الحكومات على التعامل معه أو تحجيمة وتعجز أيضا على وضعه أمام القضاء .. لأن هناك العديد من الثغرات في هذا القضاء الذي يرتبط إرتباطا وثيقا بالشريعة الدينية … وهو ما عمل الإخوان في كل دول الربيع العربي على تثبيته دستوريا .. والحل .. فصل الدين عن الدولة وإستيقاء الأحكام من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان .. الرجل والمرأة .. والتأخير في ذلك لا يصب في مصلحة المنطقة العربية في التقدم والتطور ولا يعني سوى تضييع الوقت .. والعبث في حياة ومستقبل شباب المنطقة كلها ….