حميد عقبي كاتب وسينمائي يمني مقيم في فرنسا
المنظر
(يبدو المكان بسيطاً، في اليسار يوجد المكتب والكرسي والمكتبة، في اليمين الطاولة الصغيرة المخصصة للطعام، في الوسط كنبة قديمة للجلوسبجانبها كرسي هزاز يجلس عليه شخص في الستينات من العمر، يلبس معطفاً شتوياً أسود، يبدو أنه نائم لكنه أحياناً يتحرك لهز الكرسي محدثاً صوتاً لم تتضح ملامحة من الوهلة الأولى بجوار كلب ضخم يبدو هو الآخر نائماً توجد دراجة هوائية بالقرب من الكلب.
في العمق يوجد سرير نوم ترقد عليه صديقة الكاتب لا تتضح ملامح المكان الذي تفصله عن الصالة ستارة زرقاء شفافة ويبدو مكان السرير مرتفعاً بحدود متر عن الصالة وتوجد سلم خشبي قصير للنزول والهبوط.
الديكور البسيط يدل على مسكن لشخص عازب، قرب الكنبة توجد طاولة قصيرة عادية تناثر عليها بعض الملفات والأوراق، على طاولة الطعام عدة قناني جعة وقنينة النبيذ، يبدو المكان غير مرتباً، بعض الكتب والملابس على مقعد الجلوس.
تظهر شخصية الكاتب، رجل في نهاية الثلاثينات من العمر، يكون جالساً على كرسي خلف المكتب، ينشغل بالكتابة على اله كاتبة، نسمع بوضوح صوت الضرب علىها ، في البداية لا نرى بوضوح تفاصيل المنظر، يوجد ضوء مرتعش في اليسار، نكاد نرى الكاتب بصعوبة، لكن صوت الكتابة يكون واضحاً وقوياً، ينجح الصوت في خلق إيقاعاً موسيقياً يتنوع، يرتفع وينخفض.)
ينهض الكاتب بيده عدة أوراق يبدو أنه كتبها، يكون رأسه مائلاً للأسفل، منشغلاً بقراءة ماكتبه، يدندن بهدوء، يحرك رأسه قليلاً، يسير بعدة خطواتٍ إلى مقدمة المسرح، ينظر إلى الجمهور، يبتسم، هنا الضوء يتفنن في متابعته، كما نحسُّ أن الضوء يتعمد بخلق ظل الشخصية، وكذا يؤكد على بث الظلال للأشياء الموجودة كالمكتب والكرسي والطاولة وغيرها…يتقدم الكاتب أكثر يخاطب الحضور.)
الكاتب (مبتسماً) : معذرة أيها الأصدقاء، كنت أكتب، أكتب بعض الهذيان
أتريدون سماعة، أنا لا أحب مطلقاً الخطابة، أصاب بالتوتر لسماع خُطب الساسة
أو خطيب يوم الجمعة.
سامعكم بعض هذياني، لكن لا أدري مايجب أن أفعله خلال القراءة
لست ممثلاً بارعاً، أظن يجب ألا أقفز كالقرد لإضحاككم
قد يستيقط صديقي الشخص الغريب لاحقاً قد تضحكون قليلاً، هو رجل غريب الأطور لا يتحدث كثيراً، يأتي لزيارتي، للمكوث هنا مع كلبه ودراجته جميعهم هناك ( يشير إلى مكانهم، يقترب منهم قليلاً)، قد يظل لمدة دقيقة أو ساعة، لمدة يوم أو أسبوع وربما لمدة شهر، ستتعرفون عليه ربما لو تكلم، هو يحب الصمت والنوم وكذلك كلبه.
أنتظر كذلك صديقتي، عشيقتي الطيبة قد يعجبكم جسمها الشهي، إنها نائمة بعد ممارستنا للحب عدة مرات ككل ليلة
ساطلب منها أن ترقص قليلاً من أجلكم.
( خلال حديثه يحاول شد الإنتباه إليه، يكون حديثه دون تكلف، يوزع تحركة في مقدمة المسرح، ثم يتوقف، يصمت للحظات، يرفع الأوراق، يقلبها، ثم يلقي لنا قصيدته…يتفاعل دون تكلف، أحياناً يتوقف، يصمت، قد يردد عبارة ما، أو كلمة، يهمس ببعض العبارات، وأحياناً يعلو صوته)
الكاتب : يمسك الطفل بالمسطرة والقلم الرصاص بحذرٍ
كلما رسم خطاً مستقيماً يبدو معوجاً
يعيد المحاولة مرات ومرات
لكن محاولاته تفشل..
يخضب المجنون ساق الشجرة
يتخيلها ترقص
يدعو رفاقه لتصوير المشهد
يختلف الرفاق في إختيار حجم اللقطة وزاوية التصوير
تحدث الفوضئ
تصاب الشجرة بالإغماء في مخيلتهم
يحاولون إفاقتها برش الماء والكولونيا
لا أحد من الناس يفهم
لماذا هؤلاء يحيطون بقنينة نبيذ فارغة؟
( نسمع مؤثر صوتي للشارع، يتوقف الكاتب للحظات كأنه هو الآخر يستمع لهذا الصوت ثم يكمل القراءة)
يركض المطر خارج محطة القطارات
يعطس المتشرد في وجه الكنيسة المجاورة
يصاب المسيح بالزكام
يغادر الكهنة إلى الحانة
أحدهم يستسلم لإغراءِ النادلة
في الدور السفلي كانت خزانة الواقيات الذكرية فارغة
على الرصيف كان القس الطاعن في السن
ينتظر زميله،
يحسّحسُّ على صدره ثم تهبط يده إلى مابين فخذيه
مرت عاهرة مبتدئة
همزت له
إرتبك
سقط كأس النبيذ من يده
في تلك اللحظة مرت مظاهرة حاشدة للسحاقيات
أسرعت العاهرة لرقص رقصة زنجية.
( هنا يبدو أن الرجل النائم على الكرسي الهزاز يشخر، يهز الكرسي، نسمع بوضوح صوت قطار)
يرتفع صوت القطار نحسّه كأنه يمر بالقرب من المكان
(يحلو للكاتب التفاعل مع هذه الأصوت، عندما يتوقف الكاتب لسماعها، نحن أيضاً نسمعها بعد لحظات، أي أن هذه الأصوات من وجهة سمع الكاتب، … يكمل القراءة )
أنا كنت في حالة اللاوعي
لا أجد الحروف لخياطة كلمات تصف الأحداث
كنتُ بزاوية في حانة فارغة
كان ضجيج الصمتِ مرتبكاً
أسمع صوت المذياع
تارة يغني
وتارة أخرى يتحدث عن حربٍ قادمة
يتحدث عن زيكا
عن مهرجانات الموت
عن فتوحاته وجنونه
يبدو أنه يشعر بقوته المدمرة
حتى الكائنات السماوية أصبحت تخافُ غروره
(هنا يتوقف الكاتب للحظات، يظل في مكانه صامتاً، نرى إضاءة في العمق، مكان السرير حيث تنهض الفتاة النائمة، تشعل ضوء فاتح، تكون بفستان نوم قصير جداً وشفاف، تدير جهاز المذياع، نسمع موسيقا فرائحية، ترقص الفتاة متفاعلة، يبتسم الكاتب، ينخفض الضوء حوله، بينما يظل الضوء متألقاً وبهيجاً مع رقصة الفتاة، يكمل الكاتب قصيدتة، تظل المؤسيقا والرقص كخلفية)
أنا كنتُ أظنه أميرة جميلة كما وصفه جان كوكتو
كنت أظن لديه أوقات فراغ وهويات شخصية
مثلاً يمارس السباحة عارياً في الجزر المهجورة
أو أن له عشيقات يعاملهن بلطفٍ
ويحكي لهن حكايات كوميدية
يحكي لهن عن عياداتِ الإنتحار الفخمة
يدفع أحدهم مليون دولار من أجلِ ميتةٍ فخمة
أو العريس ينتحر يوم صباحيته بفيلم النوم في العسل
الأطفال اليوم يعرفونه أكثر منا
يخافونه
ينزعجون تصرفاته
هل كان الموت طفلاً ذات يوم؟
هل كان يتقن رسم الزهور الملونة؟
هل يغني؟
أم أنه يهوى الرقص فقط؟
(يكمل الكاتب قراءة النص، يعود إلى مكتبه، يجلس، يباشر بالضرب على الآلة الكاتبة القديمة، يرتفع الصوت ممتزجاً مع المؤسيقا، تمر لحظات تكمل الفتاة رقصتها، تطفئ الضوء، تنزل حيث الكاتب، تكون بفستان النوم الأخضر الشفاف والقصير، تبدو شابة جميلة في الخامسة والعشرين من عمرها، تظهر تفاصيل جسدها المغري، تقترب من صديقها، تعانقه بحرارة، يحتضنها بشوق، يكللهم الضوء ببقعة زرقاء ناعمة)
الفتاة (معاتبة) : لماذا تركت السرير ياحبيبي؟
الكتابة دائماً تأخذك مني، تعال لنمارس الحب مرة أخرى
أنا مشتاقة إليك.
( ثم تنزع نفسها برفق، تنتبه إلى الأوراق، تأخذها، تتصفحها بإهتمام)
الكاتب : حبيبتي أنا كذلك مشتاق إليك، مشتاق لإحضانكِ وقُبلاتك
للذة ترجف بنا، تذهب بنا إلى البعيد
لكن صديقي الغريب هنا، إنه نائم هو وكلبه هناك
لا يجب أن نزعجهما.
( تنظر الفتاة حيث يشير بيده، تبدو مستغربة، تسير حيث الرجل والكلب، تلتفت، كأنها لا ترى وجود لهما، تعود حيث يقف صديقها الكاتب، تعانقه بحنان، تظل ملتصقة به..تتحدث)
الفتاة : حبيبي لا يوجد أحد هنا غير أنا وأنتَ، أنت تتخيل، ربما هذا الشخص والكلب والدراجة أشياء بداخلك قد تكون تعني حاجات أخرى، تحدثني عنهم دائماً لكن لا وجود لهم في الواقع، عليك العودة إلى الطبيب النفسي أو أخرجهم في قصة أو رواية أو قصيدة، لا أريد أحد معنا هنا حتى نمارس الحب دون خوف.
( يبتسم الكاتب يبتعد قليلاً، ثم يمسك بحبيبته التي تدفن وجهها في صدره، ينظر متأملاً جهة جلوس الرجل والكلب، يكون الضوء واقعياً، يتحرك الرجل، النائم، يبدأ بالنهوض، ينهض، يصعد على الدراجة الهوائية الواقفة، يحرك الدواسات، ينبعث الضوء من المصباح الأمامي للدراجة، ينخفض الضوء في هذه المنطقة ليتيح لضوء الدراجة الحضور، يبتسم الكاتب مسروراً ..يرد على الفتاة)
الكاتب : حبيبتي أنا أهذي نعم، هو أيضاً يبدو لي لا يراكِ معي هنا، ام أنه يتظاهر بهذا كونه يسمعكِ تنكرين وجودة، ربما هناك أشياء يؤمن بها بعض الناس، ولا يرونها، وأشياء يرونها ويتجهلونها، موضوع الرؤية والإيمان بالأشياء تختلف من شخصٍ إلى آخر، علينا ألا نرغم كل شخصٍ للإعتراف بما نراه أو بما نؤمن به.
الفتاة ( معجبة بما قاله حبيبها أو أنها لم تفهمه كله، تقبله في فمه، ثم تسير في إتجاه طاولة الطعام، يتوقف الرجل على الدراجة الهوائية، يظل في مكانه، يداعب كلبه الذي بدأ في النهوض، يسير الكاتب للحاق بصديقته يمين المسرح لتناول الطعام، تباشر الفتاة بإعداد سندوتشات حيث يوجد على الطاولة بعض الخبز والمربى والجبن وقنينة نبيذ، يأخذ الكاتب قدحاً يصب فيه نبيذاً يتجه لعرضه على الرجل الغريب تهبط بقعة ضوء صفراء مدهشة تغمر مكان الكلب والرجل الذي يُخرج من جيبة حبه سيجار يشعلها ينفث الدخان إلى أعلى، ، تكون الفتاة منشغلة بعمل السندوتشات ثم الأكل وهي تدندن ولا تنتبه لصديقها تغمرها بقعة ضوء أزرق، يقف الصديق امام الغريب والكلب، يتأملهما، يعرض قدح النبيذ، يسارع الكلب للتمرغ بالكاتب، يرفض الغريب القدح، يجر كلبه، يداعبه، يعود لمكانه على الكرسي الهزاز.)
الكاتب (كمن يهذي وحده) : أشتاق لإكتشاف عالمك الغريب، ليتك تتكلم، ليتك تهذي، ستظل لغزاً يحيرني، لكني أحسُّ بسحرك الغريب، لا أدري من أين جئتَ؟ لماذا تختارني؟ لا أحد يرأك ربما غيري هنا، هي ربما تدعي عدم رؤيتك! ربما تغار من إهتمامي بك، أعلم أنك تريدُ أن تقول شيئاً يمكنك أن تهمس به، لو تحب يمكنك الصراخ.
: صوت خارجي
(هنا نسمع بكاء طفل صغير، يكون الصوت في البداية ضعيفاً ثم يرتفع أكثر ليثبت حضورة)
(يظل الكاتب في حالة تأمل للغريب ثم لصديقته، يشرب من كأس النبيذ مع إرتفاع صوت بكاء الطفل وهيمنته، تسود العتمة المسرح، هنا يخرج الكاتب شمعة من جيبه وولاعة، يُشعل الشمعة، يسود الظلام كل المسرح، ينبعث الضوء من الشمعة، يحرص الكاتب على السير بها في إتجاه المكتب، يخطو بحذرٍ شديدٍ ليحافظ علىها مشتعلة، نُحس بهبوب نسمة وريح خفيفة تعترضه، فعلاً تُفلح هذه الريح في إنطفاء الشمعة، يعود الكاتب إلى الوراء، يُشعل الشمعة، يتقدم بحرصٍ، تعود الريح، تنطفئ الشمعة، يعود لإشعالها يتقدم وهو يحميها بكفه، يصل إلى مكتبه، يُسرع بالضرب على الآلة الكاتبة، هنا يعود الضوء، يختفي صوت بكاء الطفل، ينظر إلى حبيبته مبتسما، تأتي مسرعة للإرتماء في أحضانه..تحدثه)
الفتاة : حبيبي أنت لم تأكل، هل رأيت علبة سجائري؟
( تتجه للبحث عنها قرب الكنبة، يكون الكلب والرجل في مكانهما، لا تشعر بوجودهما، تعثر على علبة سجائرها، تُسرع نحو صديقها، تضع في فمها سيجارة من ذلك النوع الرقيق بنكهة النعناع، تطلب منه إشعالها، يُخرج من جيبه الولاعة، يحاول لا تشتعل بسهوله، بعد عدة محاولات ينجح، تكون هي مبتسمة، تُحدق فيه، تضحك ضحكات مثيرة وهي تحثه أن يشعل سيجارتها، تنفث الدخان في وجهه ثم تتجه بخطوات بطيئة كأنها ترقص، تتقدم لتكون قريبة من الجمهور، تدخن سيجارته متلذذة)
الفتاة ( داعية حبيبها)
: تعال هنا ياحبيبي، عليك أن تأخذ قسطاً من الراحة
(مخبرة الجمهور ) :
هو كلما ينغمر في الكتابة تقل شهيته الجنسية، الكتابة ضره تنافسني، لكنه يكتب عني في كل ألأحوال أنا الرابحة دوماً، نمارس الجنس بلذه أو يكتب عني
تكمل سيجارتها، تؤدي رقصة خفيفة معبرة مع إرتفاع المؤسيقا، ثم تصل إلى حبيبها ترتمي في حضنه، يتبادلان لحظات رومنسية، يغمرهما ضوء أزرق، في الجهة الأخرى ينهض الرجل الغريب، يصعد على دراجته، يفعل كما فعل في المرة الأولى، ينبعث الضوء من مصباح الدراجة، يتحرك الكلب يتابع فعله، بعد لحظات يتحرك الكاتب يحمل الفتاة التي تضحك بشهوانية، يصعد بها الدرج المؤدي إلى المكان حيث السرير، يشتعل الضوء هناك من
خلال الستارة ، نراهما يرقصان ثم نراه يخلع شميزه، تسود العتمة المكان، نسمع صوت مرور القطار)
الصوت : صوت مرور قطار يبدأ ضعيفاً ثم يثبت حضوره بقوة
( يركز الضوء على الشخص الغريب، يتوقف، يأخذ قنينة بلاستيكية لمياه معدنية، يثبتها في خلفية عجلة الدراجة الهوائية، ثم يحرك الدراجة يتجول بها في المسرح، تصدر ضجيجاً، يستمتع بهذا المؤثر الصوتي الذي صنعة، كأننا مع طفل يحب الضجيج، بعد أن ظل صامتاً طيلة هذه الفترة، يتابعه كلبه، يقترب من الآلة الكاتبة، يضرب عليها يتوقف صوت مرور القطار، يتجه الرجل إلى الجمهور، يدور بدراجته، يتوقف، نحسّ أنه قادم لمخاطبة الجمهور ثم يعود للدوران بدراجته عدة مرات، محدثاً الكثير من الضجيج الصادر من العجلة الخلفية لدراجته، يراوغ الجمهور الذي يتشوق لسماعة ومعرفته، يعود إلى مكانه، يتوقف، يركن دراجته، ينزل منها، يجلس على الكرسي الهزاز يحركه بقوة، يستمتع بالفعل، يلاعب كلبه، ثم يصمت، يخرج حبة سيجار يدخنها مستمتعاً بالدخان والضوء، ثم ينهض يأخذ الطاولة من امام الكنبة يرمي بما عليها بجانب الكنبة، يتوجه بها إلى وسط المسرح ثم يتقدم أكثر نحو الجمهور، يضعها، يعود ليبحث عن شيء ما، بعد لحظات يعود معه صندوق لعبة الشطرنج، يفتحها يرتب قطع الشطرنج، يختار اللون الأسود، يبدأ في ملاعبة الجمهور، يأخذ بتحريك القطع، نفهم أنه يلاعب الجمهور، يستمتع بهذا الفعل، يداعب كلبه، تسود العتمة الخشبة، تنسكب بقعة ضوء برتقالية دائرية على المكان الذي يجلس فيه الشخص خلال ملاعبته الجمهور الشطرنج، بعد فتره، ينسحب الكلب خارجاً من بقعة الضوء، يتبعه الشخص ليغادر الدائرة تاركاً الطاولة وقطع الشطرنج، يظل الضوء كما هو في مقدمة المسرح بينما تسود الظلمة بقية المسرح، تمر اللحظات بطيئة، يخيم الصمت، ثم يتلاشئ الضوء، يخيم الظلام التام، يمر بعض الوقت، ثم نسمع صوت مرور القطار )
صوت خارجي : يرتفع فجأة صوت مرور القطار، يمتزج مع بكاء طفل وضربات على جدار
( بعد مرور بعض الوقت ونحن فريسة الظلام الدامس وكوكتيل من الضجيج الذي يتلاشئ بشكل تدريجي ثم يسود الصمت للحظات، يحضر الضوء تدريجياً ليكشف وجود الكاتب مستلقياً على الكنبة، تمر لحظات، ينهض، يستوي جالساً كلما التفت إلى زاوية يسرع الضوء لكشف تفاصيل وجهة نظره، ليكتشف عدم وجود الشخص الغريب وكلبه ودراجته، ثم ينهض مفزوعاً يسرع بالركض إلى مكان حبيبته تكون الصدمة بتغيرات حدثت في معالم المنظر، يجد إختفاء ذلك المكان، يحل مكانه أشبه بفاصل خشبي وبوجود مرآة في الجانب الأيسر أشبه بإطار باب، يتسمر مذعوراً لا يفهم مايحدث له، يقترب من الفاصل يدق فيه، يحاول زحزحته، يسير متلمساً هذا الفاصل، يصل إلى المرآة، يتوقف امامها يلتصق بها، يتراجع يعود كمن يحاول إختراقها، يعيد المحاولة عدة مرات، ينسكب عليه بقعة ضوء وضوء آخر ينسكب على سطح المرآة، يلتص بها، تعم العتمة بقية المكان لنعيش هذه اللحظات الساحرة للشخصية والمرآة، ثم يرتفع الضجيج القادم من غرفة مجاورة، يعلو بكاء عدة أطفال وضجيج مرور القطار، يخر الكاتب ببطئ متكوماً وملتصقاً بالمرآة، يتلاشئ الضوء، تحضر العتمة، يسيطر الظلام الدامس.)
النهاية