أربعة أعوام ونصف العام مضت على انطلاقة الثورة السورية، التي حملت مطالب أساسية للسوريين من أجل تغيير حياتهم ومستقبل بلادهم، وهي مطالب محقة، لم يكن لأحد في العالم أن يرفض دعمها وتأييدها، الأمر الذي احتال عليه نظام الأسد بوصف ثورة السوريين بالإرهاب والتطرف، والارتباط بالخارج وأعداء سوريا.
ودفعت تطورات الأحداث السورية بما فيها من قتل وتدمير وتهجير، وبما حملته من تحديات وتهديدات للدول المحيطة بسوريا والأبعد منها للانخراط في مبادرات من أجل حل سياسي، يخرج بالوضع السوري من مجرياته واحتمالاته، فتوالت مساع سعودية وتركية وأردنية وقطرية للتوسط مع نظام الأسد، قبل أن تدخل الجامعة العربية على خط المساعي، لكن جهود الجميع أحبطت، ومساراتهم فشلت لصدامهما بمسار العنف والدم الذي اختطه النظام، وأصر عليه طريقًا وحيدًا في التعامل مع ثورة السوريين.
ومهد فشل مسارات الحل العربية والإقليمية لدخول دولي على الموضوع السوري، عبر حلقة وسيطة، فكان كوفي أنان مبعوثًا مشتركًا للأمم المتحدة والجامعة العربية لمعالجة الوضع عبر جولات ولقاءات وحوارات، كان الأهم فيها وصوله مع مجموعة العمل الدولية إلى ما صار أساسًا دوليًا متوافقًا عليه في الحل السوري، وهو بيان «جنيف1» الصادر في يونيو (حزيران) 2012، باعتباره يحمل نقاطًا، يمكن البناء عليها. غير أن إصرار نظام الأسد وممانعة حلفائه وخصوصا روسيا وإيران والصين، أفشلت المضي على طريق «جنيف1»، ودفعت أنان إلى إنهاء مهمته وسط يأس، كان واضحًا على وجهه في آخر زيارة له إلى دمشق، التقى فيها الأسد، واقتنع منه، ألا تغيير في موقف وسياسات نظامه في الموضوع السوري.
وكررت تجربة المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي فشل سابقه. ولم يكن «جنيف2» في بدايات 2014 رغم اختلاف تفاصيل وجهود ولقاءات التجربتين، سوى تعبير عن انسداد أفق معالجة الوضع السوري بفعل إصرار نظام الأسد على رفض الحل السياسي وسط عجز دولي وإقليمي عن الوصول إلى خطوة، تجعل الحل ممكنًا بأخذ النظام أو إجباره على الدخول في مفاوضات جدية ومثمرة، تستفيد من فرصة ارتكاب النظام جريمة الكيماوي، مما جعل الإبراهيمي يتخلى عن مهمته، التي راهن كثيرًا على تحقيق نجاح أو إحداث اختراق فيها.
إن فشل مسارات الحل المتعددة، والتطورات الميدانية في سوريا، التي كرست صعود التطرف والإرهاب وجماعاته، وتزايد حدود الكارثة الإنسانية، وتجاوزها الحدود السورية، كانت حاضرة في تكليف ستيفان دي مستورا مبعوثًا دوليًا للموضوع السوري في العام الماضي. ولأن الرجل لمس فشل سابقيه في إنجاح مسارات مبادراتهم، فقد سعى إلى بداية مختلفة، انطلقت متواضعة في الاشتغال على وقف القتال في حلب شمال سوريا، غير أن النتائج كانت سلبية، فغير تكتيكاته بالعودة إلى معالجة كلية للوضع السوري على نحو ما فعل أنان والإبراهيمي، لكن مع توسيع قاعدة الحوار والنقاش واللقاءات مع المتصلين بالملف السوري وأصحابه.
جهود دي مستورا وصلت إلى حدود الفشل المعلن مع تقديمه لتقريره مؤخرًا للأمم المتحدة، والسبب كما ظهر في العميق من تقريره وفي تصريحاته إصرار نظام الأسد وحلفائه على المضي في مسار العنف الذي تم اختياره من البداية، وبهذا وصل دي مستورا إلى ذات النتائج السابقة في مسارات حل القضية السورية، لكنه لم يغلق باب جهوده بالإعلان عن خطة، لن تجد فرصتها للنجاح في ظل المعطيات الراهنة، لكنها ستبقيه حاضرًا في الجهود الدولية، وهو أمر مطلوب كما يبدو، حتى لا يترك الملف السوري خارج الرعاية الدولية ولو شكليًا.
خلاصة الأمر، أن مسارات الحل السياسي في سوريا، والتي توالت على مدار السنوات الماضية فشلت في الوصول إلى نتيجة، تصنع حلاً، أو تضع القضية على سكة حل، ومقابل فشلها، فإن مسار العنف والدم الذي تبناه النظام، هو الوحيد من المسارات الذي لم يتوقف، ومستمر في تصعيده لإعادة إحكام قبضة النظام على سوريا والسوريين، رغم كل ما أصابه من خسائر سياسية وبشرية.
إن السبب الرئيسي لما صارت إليه مسارات الحل في سوريا، تمثله حالة عجز تحيط بالمجتمع الدولي الناجمة عن عوامل أبرزها انقسام دولي، حيث ما زالت روسيا ومعها دول أخرى، تدعم نظام الأسد، وتسعى إلى تسويقه عبر محاربة الإرهاب والحفاظ على الأقليات، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وادعاءات أخرى، بينما يفتقد الطرف الدولي الآخر وفيه الدول الغربية والولايات المتحدة ودول بينها تركيا لقوة الإرادة السياسية في إقرار حل سياسي والمضي به عمليًا، وفي انقسامه في النظر إلى القضية السورية بين الاعتراف بها قضية شعب أو اعتبارها جزءًا من الحرب على الإرهاب، والحق فإن النظرة الأخيرة، تعزز مسار العنف والدم الذي اختاره النظام ومستمر فيه.
المصدر الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **