طيبة طفلة بالعاشرة من العمر, تعيش مع أبويها في قرية عشوائية تقع قرب احد معسكرات الجيش, تلك المعسكرات تعرضت للقصف الشديد من قبل التحالف الغربي الذي اسقط نظام صدام, وكان القصف بصواريخ وقنابل غريبة, بعد انتهاء الحرب كانت طيبة دوما تعاني من صداع شديد, لكن كان الأب يكتفي بشراء حبوب ” البراسيتول”من قبل مضمد المنطقة, وتطور الأمر إلى حد صراخها ليلا من قسوة الألم, عندها أخذها أبوها إلى مدينة الطب لعلاجها.
فتبين أنها مريضة بالسرطان في الدماغ, ونسبة نجاح العلاج ممكنة, لكن يجب إن تسفر حالا إلى الخارج, لان العلاج غير متوفر في العراق, وكيف يمكن السفر وتحصيل العلاج, وأبويها مجرد موظفين صغار, ورحلة العلاج تحتاج لآلاف الدولارات, فاستسلموا للقدر, إلى أن توفيت الطفلة, فلا علاج في العراق.
● أسلحة محظورة تم تجريبها في العراق
في الحروب الأخيرة التي كان السبب بها صدام ونظامه, عمد الغرب إلى تجريب مختلف الأسلحة المحظورة, لأنه وجدها فرصة لمعرفة أمكانية أسلحته الحديثة, فكانت القنابل والصواريخ والطلقات في الأغلب لا تحتوي على القوة الدافعة والانفجارية فقط, بل معاملة مع المواد المشعة والنووية, حتى أنهم كانوا يعطون جنودهم علاج معين لحظة الاستخدام, وكانت فضيحة الإصابات السرطانية بين الجنود الأمريكان بعد الحرب الكويت, لكن بقي العراق غير مهتم للموضوع السرطان, لأنه لا يمثل تهديد لحكم صدام, بل يصيب فقط الفقراء.
وحصل تلوث كبير في العراق, وهكذا انتشر مرض السرطان, والنتيجة عوائل تعاني من مرض لا علاج له, وضاع حق العراقيين لأنه لا يوجد مدافع عنهم, كان من الممكن جلب تعويضات بالملايين, مع شرط توفير العلاج على الدول التي استخدمت الأسلحة المحظورة مثل أمريكا, لكن ضعف الهمة والكسل والخضوع أضاع حقوقنا.
● دول تهتم بشعوبها ودول تهملهم
دول العالم تجعل في أولوياتها الصحة, فتضع برامج للنهوض بالواقع الصحي, ومعالجة الإمراض الخطيرة, وتؤسس لها مراكز متطورة لعلاجها, وتسهم بجزء كبير من المصاريف لأبناء الوطن, لأنها تحس بالمسؤولية اتجاه الشعب, وخصوصا لإمراض السرطان, حيث أسست مراكز بحثية, ومستشفيات متخصصة, كي تحل مشاكل شعوبها, وهذا هو الدور المطلوب من الحكومات, حسب العقد المبرم بين الشعب والحكومة.
لكن كل هذا مفقود تماما في العراق, فالطبقة السياسية الحاكمة غارقة في الفوضى, وهي لا تهتم بالشعب ومشاكله, بقدر اهتمامها بصراعاتها السياسية وتقاسم الكعكة, بل أن سوء الإدارة هو ما ميز فترة الحكم, وهكذا فالشعب يعيش خيبة أمل كبيرة, فالحكومة تجاهلت مشاكل الناس ولم وتسعى لحلها.
● الحاجة لمستشفيات متخصصة مدعومة حكومياً
كنا في حفلة عرس وكان احد الأصدقاء الحزن ظاهر على ملامح وجهه, فسألته عن السبب فقال: كان لي صديق رسام, اسمه مهند, موهوب فالكل يشيد به وبرسوماته, والتي تأخذ منه وقتاً طويلا, وكان يطمح لان يكون ذو شان كبير في عالم الفن, لكن جاء القدر ليغير حياة مهند, حيث أصيب بورم خبيث, في يده اليمنى, فاخبروه الأطباء في بغداد, انه إمام خيارين, إما بتر يده أو إن يسافر للخارج فهناك يوجد علاج ناجح, لا يضطره لقطع يده, لكن مهند من أين له مبالغ السفر, وهو من عائلة فقيرة, فتم بتر يده أول أمس, لتتبخر أحلام حياته, عندما شاهدته بيد واحدة, حزنت كثيراً, أتذكره بالماضي كيف كان يمرح ويضحك ويرسم كل شي رائع, ألان هو إنسان أخر مكتئب جدا, لا يتكلم إلا قليلا, اخبرني أمس انه يشعر بأنه ميت.
مرض السرطان يحتاج لوقفة حكومية, فهو منتشر بشكل كبير, لذا الحاجة شديدة لمستشفيات حكومية متخصصة, بأحدث الأجهزة, مع أطباء متخصصين, وان تكون بأسعار رمزية, كي يمكن معالجة كل عراقي مريض بالسرطان, كنوع من المسؤولية بعنق الساسة اتجاه أبناء البلد.
● نداء استغاثة
انه نداء استغاثة لجهتين يمكن أن تؤثران وتحققان حلم الجماهير:
الجهة الأولى: الحكومة: نحتاج لهمة حقيقية, من قبل القائمين على مركز القرار, فمرض السرطان يفتك بالعوائل الفقيرة, ولا من مهتم للازمة, كأن مصائب الفقراء من المباحات, فمن المهم أنشاء مستشفى عملاق متخصص بعلاج مرض السرطان مع توفير احدث الأجهزة وأفضل الأطباء واحدث أنواع العلاج, هذا واجب بعنق الساسة اتجاه الشعب.
الجهة الثانية: الأعلام: اليوم على الإعلام يجب إن يقوم بحملة منسقة, كي يجبر الساسة على فعل شيء للمرضى, فالساسة لا ينتبهون إلا عند تعرضهم للخطر الإعلامي, عندها يتحركون بدافع الحفاظ على السمعة, ننتظر من الإعلام الشيء الكثير.