كان الأسبوع الماضي شاهدا على هجوم غير مسبوق شنه رفسنجاني ضد الخامنئي حيث كانت وسائل الإعلام والعناصر التابعة لعصابته تدعمه وتشد من أزره. ويعود أحدث حالة إلى نص مقابلة نشرته يوم 8آب/ أغسطس وسائل الإعلام التابعة لعصابتها منها موقع انتخاب حيث أكد خلاله رفسنجاني على مشاركته في الانتخابات القادمة لمجلس الخبراء. و كان رفسنجاني قد أعلن عن هذا القرار الأسبوع الماضي أيضا. وإذ أشارت صحيفة اعتماد الحكومية (8 آب/ أغسطس) إلى هذا القرار أشادت بمواجهة رفسنجاني للخامنئي وامتدحت بذلك وكتبت تقول: «بعد بضعة أيام فقط منذ الإعلان عن الترشيح لمجلس الخبراء، بدأ آية الله ينبس ببنت شفة مسلطا الضوء حول مستقبل العلاقات مع كل من أمريكا والسعودية. ولعل الكثيرين كانوا يظنون أنه وبالإعلان عن ترشيحه يقلل هاشمي رفسنجاني من اتخاذه لمواقف هذه الأيام حيث لا يرحب بها الكثيرون ولكن تثبت ظواهر الأمر أن آية الله السياسي سيدلي بأي تصريح يراه صائبا». وتعود حالة أخرى إلى مقابلة أجرتها «مونيتور» معه ونشرته يوم 7آب/ أغسطس بعض وسائل الإعلام التابعة لعصابته. ووقف رفسنجاني خلال هذه المقابلة في وجه الخامنئي بشكل واضح وصريح وذلك من خلال عبارات نظير « يبدو ان الامريکان يحاولون الابتعاد عن الماضي » أو «’ان اداء الامريکان کان جيدا ». كما أكد رفسنجاني في آخر موقف له اتخذه يوم عيد الفطر قائلا: «تختلف السياسات الأمريكية في المنطقة مع سياسات الجمهورية الإسلامية رأسا على العقب جملة وتفصيلا» معتبرا «مواجهة الاستكبار وخوض النضال ضده» مرادفين للعبادة في « شهر رمضان » ولـ «محراب العبادة».
وشدد رفسنجاني يوم 6آب/ أغسطس على ما أكد عليه في وقت سابق حول حضوره في انتخابات مجلس الخبراء للنظام المتخلف موجها من جديد بضع ضربات ثقيلة جديدة للخامنئي وذلك من خلال عبارات نظير: «إذا تم إجراء الانتخابات بشكل نزيه، فسوف تحل جميع القضايا في البلد» و«يعتبر سلب حق المواطنين في الانتخاب إثما كبيرا ولايغفر المذنب عند المحكمة الإلهية». وهكذا يذعن رفسنجاني بكون الانتخابات في نظام ولاية الفقيه «غير نزيهة» وأن «حق المواطنين في الانتخاب» سلب منهم، وذلك من أجل أن يسدد ضربة قوية وجادة ضد الخامنئي. وهكذا يصفي حساباته مع الخامنئي حول إزالته في مهزلة الانتخابات عام 2005 وحتى بشأن مهزلة الانتخابات عام 2009.
وفي يوم الثلاثاء 4آب/ أغسطس بلغت هجمات رفسنجاني ضد الخامنئي في مرحلتها الجديدة ذروتها في برج «ميلاد» بالعاصمة طهران. وخلال كلمة أدلى بها رفسنجاني هناك اعتبر الاتفاق النووي تطورا غير مسبوق وجادا في النظام حيث خضناه وبدأناه وأنجزناه أنا وحكومة روحاني، وبالتالي ينبغي أن تكون الهيمنة والجزء الرئيسي للحكم بقبضة أيادينا. وجاء تلك التصريحات ردا على تصريحات الخامنئي يوم 23حزيران/ يونيو المنصرم حيث قدم الولي الفقيه في النظام المتخلف دعوة لجميع الرموز والعناصر التابعة للنظام (سوى رفسنجاني)، وزعم بأن المفاوضات مع أمريكا انطلقت بإيعازه وتحت إشرافه ذاته مؤكدا على أن الأمر يعود إلى حكومة أحمدي نجاد ولا حكومة روحاني. وهكذا أراد الخامنئي أن يثبت أنه هو الذي أمر بإجراء المفاوضات النووية ليظل يكون صاحب اليد العليا والكلمة الأولى والأخيرة في توازن القوى الداخلية في النظام في فترة «ما بعد المفاوضات». ولكن رفسنجاني ومن خلال أسلوبه الخاص في الاحتيال قد أسقط أوراق الخامنئي حيث قال إن المفاوضات التي انطلقت في تلك الفترة لم تكن تكتسي أهمية وكانت غير جادة حيث خصصوا من أجلها فريق غير محترف كما لم يكن أحمدي نجاد يتمتع بمعنويات للقيام بهذا الأمر و لذلك قد وأده في المهد.
وأما في المقابل فها هي حكومتنا التي كانت من الأساس ذي شأن بهذه القضية حيث أسقطت وهم المفاوضات مع أمريكا والآن لقد بدأ البعض «يتضورون» عبثا. وبعبارة أخرى يعتبر رفسنجاني هذه الظروف السياسية الجديدة أو هذا «التطور» بحسب تعبيره أمرا واقعا يعزز موقف رفسنجاني في التطورات اللاحقة في أعلى حد حيث «يتضور» الخامنئي وعصابته للحفاظ على موقفهم الحالي عبثا.
كما يعلم رفسنجاني أنه لطالما الأجواء تتحدث عن الاتفاق فعليه أن يستغلها حيث نشر نص كلمته هذه في موقعه الشخصي وباقي وسائل الإعلام التابعة له بشكل سريع حيث كان واضحا بشكل تام أنه لا يريد أن يتأخر في هذه المبارزة خاصة وأن الخامنئي طرح قضية المفاوضات والمحاولة من أجل مصادرتها منذ 23حزيران/ يونيو كما بدأ صراع الهيمنة مع رفسنجاني قبل ذلك في مراسم الذكرى السنوية لموت الخميني الدجال في يوم 4حزيران/ يونيو. لذلك فيما إذا تأخر رفسنجاني فستفوته الفرصة.
وصفى رفسنجاني خلال كلمته وفضلا عن القضية النووية حساباته الجزئية والعامة مع الخامنئي منذ عام 2005والسجالات والمضايقات المستمرة التي كان يتعرض لها بسبب دفاعه عما يسمى بقضية الفتنة من قبل التيار الذي كان يقوده الخامنئي فعرض له فوزه في مهزلة الانتخابات عام 2013 حيث تسلم جراءها روحاني مقاليد السلطة وقال:
«رغم أنهم (ممن كان بحوزتهم كل من الحكومة ومجلس صيانة الدستور والقوات الأمنية) تمكنوا من سد الطرق أمام المواطنين في مرحلة (رفض أهلية رفسنجاني للمشاركة في الانتخابات) ولكن وفي المرحلة اللاحقة (مهزلة الانتخابات عام 2013) نال المواطنون مطلبهم».
ومن خلال هذا المسلسل من الهجمات التي قام بها رفسنجاني والتي بلغت ذروتها خلال الأسبوع الماضي فيتبين أكثر من أي وقت مضى أن صراع السلطة والهيمنة في رأس النظام جاد وشديد مما كان يتصور في مرحلة ما قبل نهج تجرع السم. والآن وبغض النظر عن تغلب عصابة وخسارة عصابة أخرى، ها هو نظام ولاية الفقيه برمته الذي يتم إضعافه بشكل شديد وسوف يكون الطريق لنيل الانتصار النهائي من خلال الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية ممهدا أكثر فأكثر.