كعادته حمودي يأتي إلى محطة القطارات مرة وأحدة في اليوم، يتوقف للحظات عند المدخل الخلفي ــ ينظر بإهتمام إلى الشاشة الإليكترونية المعلقة في أعلى المدخل الخاصة بمواعيد المغادرة، ينتقل بنظره لشاشة القدوم، يشعل سيجارة، يدخنها وهو يتأمل حركة بعض المسافرين، بعضهم يدخل قلقاً، بعضهم يخرج فرحاً، لكل وجه ملامحه الخاصة ولكل شخص إنفعالاته، هناك وجوه تُحسّ أنها أليفة، بعضهم يهز رأسه لتحيتك، هناك أيضاً وجوه عابسة وأخرى حزينة أو مهمومة.
ينتهي من سيجارته، يهبط إلى النفق الأرضي المؤدي لعدة منافذ توصل إلى أرصفة وقوف القطارات القادمة أو المغادرة، هنا يستمتع كعادته لسماع كوكتيلاً من الأصوات والضجيج، يحلو له الإنصات لصوت الكعوب العالية للمسافرات، يستطيع تميز وتذوق إيقاعها ( طق طق طقط قق ـ توك تيك تيك طوك ـ طوق طبق طيق تاك ..)، هنا من الطبيعي أن تجد من يركض للحاق بقطاره المغادر أو لإستقبال شخص عزيز، هذا الممر الأرضي يحسه بارداً لكن مايثيره هذه التي يسميها سيمفونية المحطة حيث تختلط طقطقات الأحذية والكعوب العالية مع أصوات عديدة ــ يأتي صوت عبر المكبرات: ” السيدات والسادة نرجو الإنتباه وعدم ترك أمتعتكم علماً سيتم إتلاف أي حقيبة مهجورة بغض النظر عن مكوناتها، كما يرجى سرعة الإبلاغ عن أي حقيبة متروكة..من أجل سلامتكم”
يمتزج هذا النداء مع ضجيج الحركة مع صوت عجلات حقائب السفر لبعضها لحناً مميزاً ( تشكش شقق طشق طق طوق توم بك)، يعود صوت المكبر : ” السيدات والسادة نعلمكم أن القطار القادم من باريس سيدخل الآن المحطة، يرجى الإبتعاد عن الرصيف وإنتظار توقفه..من أجل سلامتكم..)
يسمع صوت صفارة الكمسري، يصبح من السهل سماع قدوم القطار، يزاد الإيقاع الصوتي والصوري نشاطاً، في هذه اللحظة الحية يكون بقرب السلالم المؤدية لصالة الإنتظار وبهو المحطة حيث يوجد مطعماً وكافتيريا ومكتب خدمات بيع التذاكر ..الخ، يلتقط بنظره أكثر من صوره ذأت دلالات ــ شابة جميلة تسير ملتصقة برفيقتها كل وأحدة تحسحس على مؤخرة الأخرى ــ سيدة مسنة تمشي ببطء وصعوبة تُعلق بصدرها حمالة تضع فيها كلبها الصغير تقبله عدة قُبلات حنونة وتداعبه قائلة : “لا تخاف طفلي الحبيب، أنا أمك سأهتم بك ياقلبي ..أعدك أن نقضي سفراً سعيداً ياحياتي ..”
يصعد الدرج كأنه وأحداً من الواصلين، يصل إلى الصالة الرئيسية الكبرى مع لحظة دخوله يكون مع بداية مشهد مثير، يقف كغيره متسمراً لمشاهدة تفاصيله الدرامية حيث يصرخ أحدهم شاب فرنسي في وجه رفيقته شابة فرنسية جميلة ــ يأخذ منها هاتفها، يرمي به أرضاً لتتبعثر أجزائه ثم يدوسها بعنف وهو يصرخ
الشاب : عاهرة وسافلة..تخونيني مع أعز أصدقائي..ظهر معدنكم القذر ياسفلة..كلكم أنذال وأنا طلعت مغفل
تبكي الفتاة، تصرخ منفعلة : دعني في حالي، أتركني أذهب سيفوتني القطار..أنت أيضاً فعلتها مع كل صديقاتي حتى أختي نمت معها ولم تحترمني
يقترب منها، يصفعها، تدفعه بغضب ــ يأتي رجل أمن المحطة، يخاطب الشاب مهددا
رجل الأمن : أنت أيها الشاب إلزم الهدوء وإلا ساتصل بالشرطة
تنهض الشابة طالبة عدم التدخل، يقترب الشاب منها وهو يحاول التحكم في أنفاسه
الشاب : عاهرة وحقيرة مع ذلك أحبك، لنمنح أنفسنا فرصة أخرى لا أستطيع الحياة بدونك
تبتسم الفتاة محاولة التوقف عن البكاء، يمسك يدها، ترتمي في حضنه وهي تسبه وتقبل العودة
الشابة : أنت أيضاً لا ترتكب حماقات..لا تنتقم أو تضرب صديقك، أنا ذهبت إليه، لننسى كل شيء
يضمها، يتبدلان القُبلات، يبتسم البعض لهذا التحول السريع والنهاية السعيدة، تتجه الشابة بنظرها نحو أحد أبواب الخروج، يمسك بحقبتها، يخرجان هي تمسك بذرعه الأيمن وتمطره بالقبلات هو يجر حقبتها ــ يستمع لصوت عجلات الحقيبة( قرققق طقق ).
يخطو حمودي عدة خطوات، يناديه ظريف الذي يجلس.. يتلصص بنظره، يصل حمودي للتسليم عليه فهو يعرفه، ظريف شاب سوداني وصل إلى المدينة منذ عدة أشهر وقدم طلب لجوء.
ظريف : تعال يا صاحبي، صار لي ثلاث ساعات جالس..المحطة كانت صحراء قاحلة..الآن تبارك الله الخير بقدومك..السماء تمطر بنات جميلات..ما أحلى الصدور والمؤخرات، متع نظرك..الله على القشطة والزبدة والحليب النورماندي، شقروات وأجساد..شوف الأفخاذ ملمس حرير.
يضحك حمودي لكلام صديقه، يدخل معه في نقاشٍ ظريفٍ
حمودي : طيب ماذا تستفيد من هذا كله؟ هيا قم وتحدث مع أي وحدة..إنظر هناك فتاة تبدو لوحدها ربما تكون بدون صديق
يرد ظريف ليفسر فلفسته
ظريف : أنا ما أتكلم فرنسي..أنا هنا لتمتع بمشاهدة فقط دون كلام أو لمس..بعدها أذهب إلى دورة المياة وأتخلص من شهوتي في المرحاض، هذا يكلفني 20 سنتيم فقط لدخول دورة المياة..العادة السرية تجوز لي..الزنا حرام وأنا رجل على باب الله أنتظر رد طلبي على اللجو..لا ينقصني معاصي تجلب النحس..لا كذا أنا مرتاح..أشبع نفسي بالنظر والشهوة في المرحاض لاضرر ولاضرار.
يضحك حمودي لهذا المنطق، يعلق سريعاً
حمودي : هذا مرهق ذهنياً وجسدياً
يقاطعه صديقه
ظريف : جزاء الله خير أصحاب الصليب الأحمر بعد قليل ستمر عربتهم، يوزعون علينا الحليب والخبز وبعض المعلبات، وكذلك يوجد اليوم عقيقة في المسجد يعني سنأكل شوربة ولحمة وحلويات، سأذهب إلى بالطبع سأغتسل هناك من الجنابة ثم أصلي وأستغفر وأستمع للمحاضرة وبعدها العشاء، لولا جماعة الصليب والمسجد لكنت اليوم هيكل عظمي…صديقي حان الوقت..نلتقي مرة ثانية..
ينهض متجهاً إلى دورة المياة وهو يبحث في جيبه عن 20 سنتيم..يعثر على مبتغاه، يلتفت لتوديعي مبتسماً مع وصوله لهدفه.
للحظات يتوقف حمودي لينظر عبر القاطع الزجاجي إلى الشارع في الخارج، فذلك عالم آخر فيه ما فيه من الحكايات والشخوص المرتبطة بهذا المكان، يقترب منه يوسف التونسي كالعادة يتحدث عبر هاتفه مع فتاة تعرف عليها عبر مواقع التعارف، ينتبه حمودي لصديقه
يوسف : أهلاً بالكاتب، كيف أخبار الكتابة..هل تتعرف على بنات؟
يضحك حمودي، يساله عن مستجداته
حمودي : هل وجدت عروسة؟
يوسف : ستفرج، نريد وأحدة للزواج والأوراق تكون فرنسية، مش مهم الطول والعرض والوزن والعمر، هذه مشكلة الحريم يريدون الحبّ والمتعة والخروج والسهر إنقرض هدف الزواج..يا ناس أريد امرأة فرنسية وأوراق الإقامة..زواج رسمي.
يستمع حمودي له وكأنه يعرف ماسيقوله، ثم ينشغل للحظات يتابع حركة شابة أفريقية غريبة الأطوار، كما يرى العم حديد يقترب منها، يبدو ثمة حوار بالإشارات بينهما، يتطلع يوسف لمشاهدة نفس المشهد، يتحول الفاصل الزجاجي كشاشة عرض سينمائية ويتولى يوسف سرد تفاصيل المشهد ويضيف أحياناً تحليلاً للشخصيات – يبدو أنه يعرف ماسيحدث، يحكي كأنه راوي ومعلق على الحدث.
هذه الفتاة نسميها عاهرة البؤساء، لا تطلب الكثير يعني خمسة يورو وأحياناً بسيجارة فقط، لا يهمها أي شيء، الله يستر على هؤلاءِ لو معها الإيدز ستروح أرواحهم إلى الجحيم، المساكين يبحثون عن ثقف لقضاء شهوتهم، لكن هذه أظن صار ثقبها كالباب لكثرة الداخلين فيه، كل يوم على الأقل أكثر من عشرين زبون، أنظر إليها ليست بشعة جداً، ربما تكون مريضة نفسياً، مؤخرتها تتضخم كل يوم، جسدها أصبح مختلف الأضلاع، نظراتها مشتتة، تبصق مئة مرة في الساعة، تسير كبقرة عرجاء.
هذا العم حديد عمره تجاوز 60 عام ــ يسكن بالقرب من هنا في غرفة عشرة متر، بعد أكثر من أربعين سنة في فرنسا حاله بائس رغم أنه متجنس فرنسي منذ أكثر من ربع قرن، يعيش الآن على المساعدة الإجتماعية، يظهر أنه سجل كزبون دائم لدى عاهرة البؤساء، الآن يتقدم أمامها، هي تتابعة، ستلحقه إلى غرفته، مسكين الرجل بعد معاشرة هكذا امرأة محتاج إلى كورس مضاد حيوي وفيتامينات وشربة كوارع، بعد ساعة سينزل العم حديد يمشي على عكازة وهي ستراها تدخن وتبحث عن آخر.
يتحول نظر حمودي إلى وجه صديقه الذي مايزال يحدق في الشارع، يصفق حمودي ضاحكاًـ
حمودي : أنت تصلح معلق رياضي أو راوي درامي.
يبتسم يوسف لكن يظل يراقب الخارج كأنه ينتظر وصول شخص
يوسف : مواهبنا كثيرة لكن فرنسا بلد لا يكتشف المواهب، ربما هو الحظ ..الأكثرية هنا يعاكسهم الحظ لسنوات طويلة.
أنا أنتظر غزالتي ماري ستأتي بسيارتها لتأخذني عندها هذه الليلة، وربما لعدة أيام، هي شرهة في الأكل والجنس، نكون خلصنا جنس تذهب تأكل، تكمل أكل تأخذني للسرير للمعاشرة، نضحي بصحتنا من أجلك يا فرنسا..كله علشان أوراق الإقامة..
حمودي : يعني قطعت شوطاً، الموضوع جد وزواج ؟
يوسف : طبعاً هدفي زواج لكنها تقول إنها معقدة من الزواج ووعدتني إذا حصل حمل ممكن نتزوج، لو حدث هذا ممكن نستخرج إقامة لما تلد ويصبح عندنا مولود..المزيد من الصبر، أنا شغال معها فوق طاقتي ليل ــ نهار نمارس الحب..إن شاء الله يصير حمل..هي ماتزال شابة تقترب من سن الثلاثين، سمينة قليلاً، تعيش مع أمها شوية مريضة وصماء..لحسن الحظ عندها بيت صغير في طرف المدينة، عائلة فقيرة وهي ليست جميلة كثيراً، لكنها طيبة وتموت في الحنان والأحضان والمداعبات.
يتوقف للحظات، يتطلع لسيارة ثم خروج ماري..ينتبه حمودي للخارج، يشير يوسف برأسها ليؤكد أنها وصلت
حمودي : هذه غزالتك؟
يوسف : يعني تقدر تقول ثلاث غزالت متحدة، هي سمينة تبارك الله مية وعشرين حسب ميزان بيتهم، ربما تكون زائدة عشرة..
يقاطعه حمودي : قصدك عشرات
يستعد يوسف للخروج للقاء غزالته والذهاب معها، يودع صديقه
يوسف : يا أخي السمينات الفرنسيات أغلبهن فيهن خير ورق الإقامة..يحتجن لشخص عنده صحة خصوصاً غزالتي تموت في المعاشرة..دعواتك..مع السلامة.
يتابع حمودي خروج يوسف وهو يتكلف الإبتسامة، تلمحه ماري، تُسرع بإختطاف يده وجره إلى سيارتها، مبتهجة بصيدها.
هنا يتجه حمودي إلى مكينة القهوة الأتوماتيكية، يصادف شخص يعرفة يسمى صادق وهو شاب جزائري، يقضي معظم وقته في محيط هذا العالم..يسلم عليه..يبتسم صادق ليدور حوار وحكاية جديدة.
صادق : مرحبا صديقي الكاتب..شو أخبارك..هل تعلم ..دائما نلتقي ويكون عندي موعد مهم..بعد دقائق متواعد مع جاوريه
حمودي : غزالة جديدة؟
يرد صادق بضحكة ثم يكون جاداً يتحدث ليوضح فلسفته
صادق : أخي أسمعني زين..الغزالة يعني فتاة شابة وربما متهورة ومفلسة تبحث عن شخص عنده المال أو الشباب والقوة أو الزواج..أنا الغزالة عندي المرأة التي جيبها مليان وتكون عاقلة..مطلقة أو أرملة أو عازبة وحتى متزوجة..ليس مهم عندي الجمال ولا الشباب..المهم المال، نقضي معها ساعة أو عدة ساعات نذهب لمطعم وبعدها إلى بيتها أو الفندق..نعطيها ضربة حنان ورومانسية وتعطيني مئة يورو وأحياناً بعضهن يعطين أكثر وكل واحد يروح لحاله، وعندما تحتاجني تعيط لي بالهاتف…عمل خفيف ومربح لا فيه كذب ولا عشق ووجع رأس…هذول ماملكت أيماننا فهن جاوريات ونصرنيات فلوسهن وكل شيء حلال لنا…نقضي مصلحة والسلام ختام.
يستغرب حمودي لهذا المنطق الذي يصفه صديقه بالحلال..يرى صادق ملامح الإستغراب يكمل حديثه لشرح تفاصيل أكثر لكن يبدو أن موعده يقترب، يسير إلى أحد أبوب الخروج يلمح سيدة نحيفة في الخمسينات من العمر، يشير لها، تبتسم وتظل في مكانها.
حمودي : الظاهر أنها ناشفة
يرد صادق على وجهه علامات الرضاء
ــــ الجسد ناشف وضامر لكن الجيب..الحقيبة وكرت البنك رطب ومليان فلوس..يورو ودولار..كذلك تفرح جداً للمارسة واحدة ما ترهقني..الشابات يحتجن لفحولة وقوة الباءة..شرهات في الجنس ويحتجن لهداياء وتظل مرتبط مع البنت منهن..أنا لا أبحث عن حبيبة ولا زوجة ولا أوراق…المال يا خويا…مع السلامة.
يخرج وهو هادئ ومتزن، تسبقه لسيارتها، يلحقها، يرفع زجاج نافذة السيارة، تتحرك السيارة لتغادر هذا المكان العجيب، حيث كل وجه يعني حكاية قد تحوي بعض المرارة والبؤس أو أحلاماً متعبة.
يخرج حمودي من المحطة لا يدري هل سصادف حكاية جديدة، يستخرج سيجارة من جيبه، يُشعلها، يأخذ النفسّ الأول، تقترب منه شابة جميلة توزع نسخ مجانية من صحيفة المدينة، تعرض عليه أخذ نسخة، يرحب بذلك شاكراً، هنا تأتي فتاة فرنسية ضمن الجماعة الكحولية المتشردة التي تجلس بالقرب من المحطة، تطلب الفتاة منه سيجارة، يعطيها، تركض الفتاة فرحة وتعود لجماعتها، أحد رفاقها ينهض ويبول في مواجهة شجرة، تمر سيارة الشرطة بالقرب منه، يخلع المخمور سرواله، يستدير بمؤخرته جهة الدورية ويعريها في وجوههم، يضحك أفراد الدورية وينطلقون بسيارتهم بينما يظل المخمور يسب الشرطة والحكومة ورئيس الجمهورية.
تصفق المجموعة لرفيقها لسخريته وشتائمه البذيئة التي وجهها للشرطة والنظام، يعود إليهم، يسرع بأخذ قنينة نبيذ والشرب منها مباشرة، يبدو أنهم يدخلون في نقاش حول ما حدث.
تبتسم الفتاة بقرب حمودي الذي يركز وجهة نظره نحو تلك المجموعة
الفتاة : كان مشهداً فنتازياً، لحسن الحظ عندنا ديمقراطية لكن الحكومة سربت عشرات القوانين التعسفية ضد الحرية الشخصية وحرية التعبير منذ حادثة شارلي إيبدو وتفجيرات باريس، نكاد نختنق خصوصاً نحن الشباب نحسّ أن مستقبلنا مجهولاً ألا تتفق معي؟
يستمع لها في إهتمام ويهز رأسه موافقاً
حمودي : أنا معك. أنا حمودي وأنتِ؟
الفتاة : أنا لوسي، طالبة بكلية الحقوق، أليوم بدأت هذا العمل في توزيع صحيفة الغرب الفرنسي مجاناً، هذا المكان غريب وفيه حكايات كثيرة وأنت ماذا تعمل؟
حمودي : أنا كاتب ويسحرني هذا المكان، فيه فعلاً الحكايات الغريبة ملامح شخصيات بائسة، أنظري ضمن هذه المجموعة الكحولية شابة صغيرة وطفلها الرضيع في عربته، يظل معها في هذا الجو المتقلب وتلك طفلة صغيرة المفروض أن تكون في المدرسة وليست في الشارع.
لوسي : هذا محزن فعلاً، توجد هيئات تربوية وإجتماعية مسؤولة عن هكذا ظواهر، الخلل والتقصير والإهمال يبدو أنه أصاب بعض مؤوسساتنا الإجتماعية..فرنسا كانت من أهم الدول في العالم التي تملك هيئات إجتماعية عريقة وأنظمة لحماية الطفولة ودعم الأسرة، ستكون كارثة لو إنهار نظام الرعاية والتكافل بدعوى الأزمة الإقتصادية.
حمودي : فرنسا تظل حلم الكثير، يعبرون البحار والمحيطات بحثاً عن الحرية والكرامة خصوصاً الآن مع كثرة الحروب والإضطرابات في المشرق العربي ودول أفريقية.
لوسي : نحن أيضاً أقصد الغرب إرتكبنا أخطاء فادحة في دعم الحرب ضد العراق، كنت شخصياً متابعة لثورات الربيع العربي للأسف فشل حلمكم وتحول إلى خريفٍ قاسي
حمودي معجباً بالفتاة : تعجبني ثقافتكِ وأحاسيسك النبيلة
لوسي : تشرفت بمعرفتك يجب أن أعود لعملي، الناس لا ترحب كثيراً بالقراءة لو أني أوزع بسكويتاً أو مادة إستهلاكية سيركض الجميع نحوي..يمكننا أن نلتقي في شارع الطلبة وسط المدينة في المساء سأكون مع رفيقتي…أنا سحاقية ورفيقتي فنانة تشكيلية تعشق الشرق بجنون
حمودي : أحيانا أذهب هناك..تعجبني أجواء ذلك الشارع وحاناته
تودعه لوسي متمنية لقائه في المساء وتعود لعملها..يستقل حمودي حافلة متجهة لوسط المدينة، ينزل قرب حانة هادئة، يدخلها وينزوي في زاوية، يستخرج من جيب معطفه دفتراً صغيراً وقلماً، يغوص في عالم تلك الحكايات ويحاول البدء بكتابتها.
*كاتب وسينمائي يمني مقيم في فرنسا
aloqabi14000@hotmail.com