في الكويت تتردد حكاية محتال استخدم المنابر لجمع الأموال باسم المحتاجين ليكتشف أنها تذهب لحسابه. وليس غريبا أن تستخدم المساجد لخداع المصلين لجمع الأموال أو بث الأفكار٬ إلا أن هذا المقبوض عليه يتميز بأنه خدع الجميع ومن دون تمييز طائفي. فقد بدأ مع حلقات المتصوفة مدعيا أنه شيخ منهم٬ ثم انتقل إلى مساجد السنة الأخرى معتليا ثلاثة منابر٬ جامعا الأموال من المصلين الخاشعين باسم المحتاجين٬ وبعد أن سرق من سرق لبس العمامة السوداء وادعى أنه سيد وذهب إلى حسينيات الشيعة٬ يلطم معهم ويجمع ما استطاع جمعه من أموال. وربما لو كان في الكويت أكثر من كنيسة للبس اللص الصليب وصلى بالناس٬ ونهب منهم ما تجود به نفوسهم للفقراء والمحتاجين.
الاحتيال باسم الدين وسيلة سهلة وبضاعة رائجة٬ وليته مقصور على الأموال٬ بل كما نرى يسرقون عقول الناس وأولادهم. الآلاف من صغار الشباب باعوا أرواحهم للمحتالين باسم الجهاد٬ ورحلوا للقتال في حروب المنطقة من أفغانستان إلى العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها٬ في عمليات احتيال دينية هي الكبرى في تاريخنا٬ والكثير منهم إلى اليوم لا يعرف كيف٬ ولماذا حدث ذلك.
واحدة من أشهر القصص عن داعية سوري يكنى بأبي القعقاع٬ تولى مهمة استقبال واستضافة وترتيب عمليات تدريب وإرسال الشباب المسلم الذي قدم من أنحاء العالم متحمسا للقتال في العراق. وفي عام 2007 قتل أبو القعقاع٬ الذي كان بطلا في نظر المجاهدين٬ ليكتشف أنه لم يكن سوى ضابط مخابرات سوري اسمه محمود أغاسي٬ ويمكن لمن يشاء أن يعرف عنه أن يبحث في غوغل عن قصته. آلاف من الشباب غررت بهم المخابرات السورية٬ التي زرعت ضباطها بصفتهم رجال دين٬ ونجحت في تسويق فكرة الجهاد في العراق. هذا ما فعلته لسنين طويلة في أماكن كثيرة تحت مسميات وشعارات دينية مختلفة.
ولأن الدين سلاح خطير سيظل مستهدفا من قبل المحتالين وتجار الحروب والساعين للسلطة.
*نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.