أحمد حمزة الدرع – وكالة التنمية للأنباء
أطلقت مجموعة من الشباب صفحة على الفيس بوك اسمها ( حاج نقول المجتمع – فوت وقع – أنت مع الزواج المدني ) وتهدف هذه الصفحة حسب مؤسسيها الى المطالبة باقرار تشريع يسمح بالزواج المدني في سوريا .
والزواج الديني هو ما يتم إجراءه في الكنيسة أو المسجد أو أي جهة دينية ويصدر به صكّ أو مستند أو عقد زواج صادر عن الجهة التي سجلت الزواج وكان على الزوج والزوجة أن يحتفظا دائما بهذا العقد لإثبات أنهما متزوجان.
وقبل ظهور الورق لكتابة العقود وتسجيلها كان الزواج يتم بحضور الشهود وكان الإشهار الذي تنصّ عليه السنن الإسلامية هو في أن يحضر عقد الزواج أكبر عدد من الناس لكي يكون هناك شهود على وقوع الزواج.
ونفس الشيئ حدث في الشرائع الأخرى فكان الزواج يتم في الكنيسة أو المعبد ..الخ. ولم يكن للشهود قيمة فمرحبا بهم إن وجدوا، ولذلك كان القساوسة يحددوا يوم الأحد بعد الصلاة موعدا لإتمام الزواج حتى يشارك المصلين في الكنيسة في الإحتفال وبهذا يكون هناك ما يكفي من الشهود.
كان هذا هو النظام الوحيد المتبع في العالم (بما فيه العالم الإسلامي) حتّى بدأ الإحتلال الفرنسي لكثير من دول العالم وبدأت تلك الدول (بما فيها العربية) تطبّق نظام السجل المدني (وهو اختراع فرنسي) ويتم تسجيل جميع مواطني الدولة فيه وحالتهم الإجتماعية وكذلك الأبناء الخ. حدث هذا في كل الدول المحتلة من فرنسا وبعد ذلك بدأت باقي الدول في تطبيق نفس النظام.
ومنذ تطبيق نظام السجل المدني واستقلالية الدولة عن الكنيسة بدأ نظام الزواج المدني، والزواج المدني هو زواج صحيح يتمّ في مقر البلدية التي يقيم فيها الزوجان أو أحدهما ويقوم موظف السجل المدني بإتمام إجراءات العقد في حضور الشهود والمدعويين. ويقوم في نفس اللحظة بتسجيل الزواج في سجلات البلدية وبهذا يصبح الزواج قانونيا ومعترفا به.
ومع الوقت تمّ فصل الدين عن الدولة وأصبح القانون المدني هو الأساس والزواج المدني هو الزواج الذي تعترف به الدولة وبهذا لم يعد الزواج الديني ذو قيمة إلا في قيمته المعنوية للمتدينين الذين يتمون إجراءات الزواج في الكنيسة ثم يذهبون بعد ذلك لإتمام اجراءات الزواج المدني في البلدية.
وهذا الزواج غير مطبق في سوريا وهو ما يطالب به مجموعة من الشباب السوريين الان والذين أنشأوا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ووصل عدد معجبيها حتى الان إلى ما يقارب \15000\ معجب ، وتفاعل مع هذه الصفحة مختلف شرائح المجتمع السوري من مثقفين وفنانين وصحفيين وأكاديميين ، إضافة الى مختلف الطوائف في سوريا.
وطالب الشباب السوري برسالة وجهوها الى المشرع السوري كتبوا بها ما يلي :
“برسم المشرع السوري … نطالب بقانون مدني للزواج وتكوين الأسرة في سورية إلى جانب قانون الأحوال الشخصية الحالي.
ـ لا يخفى على أحد أن سورية مقبلة على إجراء تعديلات دستورية هامة في إطار العمل التشريعي على صياغة عقد اجتماعي جديد أكثر تعبيراً عن تطلعات السوريين إلى وطن عصري نسعى لبنائه معاً.
ولأن سورية تستحق دائماً أن نهديها كل ما هو وطني وجميل ولائق بروح العصر ، ولأن عملية البناء لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب ، وإنما تتعداه إلى الجوانب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، فقد ارتأينا نحن مجموعة من الشباب السوري أن نضع بين يدي المشرِّع مطلباً اجتماعياً لا يقل أهمية عن القوانين التي صدرت مؤخراً أو تلك التي في طريقها إلى الصدور ، ألا وهو إقرار قانون مدني للزواج وتكوين الأسرة في سورية.
ولأننا نحمل ذهنية المشاركة وليس الإقصاء ، فنحن نقترح أن يكون هذا القانون جنباً إلى جانب مع قانون الأحوال الشخصية المعمول به حالياً وليس بديلاً عنه ، وليكن لكل منا حق تقرير القضايا المتعلقة بأحواله الشخصية واختيار الشريك وتكوين الأسرة تحت مظلة القانون وسقف الوطن ، وإلا فكيف لنا أن نسمي القانون الذي ينظم ذلك ( قانون أحوال شخصية !).
لقد استمعنا باهتمام وتفاؤل كبيرين إلى توجيهات السيد الرئيس لأعضاء هيئة الحوار الوطني ولاسيما عندما قال إن على الهيئة ” توفير مناخ ملائم لكل الاتجاهات الوطنية للتعبير عن أفكارها وتقديم آرائها ومقترحاتها بشأن مستقبل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سورية ” موضحا أن الغاية من ذلك هي ” وضع حد لواقع التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي تعاني منه بعض الشرائح الاجتماعية”.
وبالاستناد إلى ما سبق نخصص هذا الباب من صفحتنا لجمع الأصوات المنادية بتحقيق هذا المطلب ولنسمع صوتنا بشكل حضاري لأصحاب القرار ، الذين يجب أن يضعوا في اعتبارهم أن استصدار مثل هكذا قانون يجعلنا نضع حجر أساس اجتماعي قوي لدولة المواطنة والحقوق والمساواة وعدم التهميش.”