ربما الكثير من أبناء الجيل الجديد لم يطلعوا على تفاصيل إحدى أفضع المجازر التي ارتكبت على مستوى العالم في أواخر القرن الماضي والتي قد لاتقل في فضاعتها عن كارثة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك، إذ قام النظام الإيراني في عام 1988 بإعدام أكثر من 33 ألف سجين سياسي في غضون أقل من شهر، في محاكمات صورية لم تستغرق الواحدة منها أكثر من دقيقتين !
وما يؤسف له أن الظروف التي حصلت فيها تلك المجزرة ساهمت في جعل العالم لاينتبه إليها لانشغاله بقرار وقف إطلاق النار بين إيران والعراق، وموت خميني ومجيء رفسنجاني بديلاً له، فضلاً عن عدم وصول المعلومة الى وسائل الإعلام العالمية بسبب انغلاق إيران على نفسها أولاً ، ولقلة وجود شهود أحياء على المجزرة في ذلك الوقت لأن الإعدامات شملت الجميع، فكانت بمثابة تصفية وتفريغ للسجون من السجناء السياسيين، ومعظمهم من أعضاء أو أنصار منظمة مجاهدي خلق التي كانت تثير الذعر لدى الملالي بما تمتلكه من قاعدة شعبية قوية داخل وخارج إيران .
والمجزرة ابتدأت بالفتوى المشؤومة التي أفتى من خلالها خميني بإعدام كافة السجناء السياسيين والمعارضين (وعلى وجه الخصوص مجاهدي خلق) بتهمة محاربة الله ورسوله، فالولي الفقيه في فلسفة النظام الإيراني هو الوكيل عن الله ورسوله (وهي فلسفة شديدة الشبه بالفكر الداعشي في وقتنا الراهن، إذا لم نقل أن فكر داعش انبثق عنها) ، وفور صدور هذه الفتوى باشرت فرق الموت بتنفيذ الإعدامات بالجملة من خلال تعليق كل ستة مشانق بشكل مرصوف جنباً الى جنب وشنق كل ستة معارضين دفعة واحدة، في عملية مستمرة استغرقت شهراً .
أما المحاكمات، فكما أسلفنا كانت لاتتعدى الدقيقتين، إذ يوجه الملا سؤالاً للمتهم (هل انتميت الى منظمة مجاهدي خلق؟ ) ، فإذا كان جوابه (نعم انتميت لمجاهدي خلق) كان مصيره الإعدام، وإذا أجاب قائلاً (لستُ منتمياً لمجاهدي خلق) كان مصيره الإعدام أيضاً، لأنه وصفهم بأنهم (مجاهدين) ولم يقل (منافقين) ، أما من يرد بالقول (لستُ منتمياً لمنافقي خلق) فيتم النظر في أمره أما أن يعدم أو يتم التريث في إعدامه، وهؤلاء قليلون طبعاً، لسببين ، الأول ان شعبية مجاهدي خلق واسعة جداً وباعتراف مصادر موثوقة ان 90 بالمئة ممن تم إعدامهم في تلك المجزرة كانوا بالفعل أعضاء في منظمة مجاهدي خلق المعارضة أو من أنصارها، والثاني أن مجاهدي خلق كانوا يواجهون القاضي (الملا) بكل شجاعة ويقرون بأنهم أعضاء في هذه المنظمة الثورية، لأنهم رجالاً ونساءً تربوا على مبادئ ثورية عظيمة جعلتهم يرتقون الى المشانق بشجاعة وبلا خوف، فرحين فخورين محتفلين باستشهادهم، حتى ان البعض قد يصاب بالذهول لشجاعتهم ويظنهم مجانين، لكنه جنون بعشق الحرية وعشق الأرض التي ينتمون لها وعشق شعبهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم وضرورة التضحية من أجل مستقبل الأجيال القادمة التي كتب عليها أن تولد في بلد تسيطر عليه عصابات الولي الفقيه .
واليوم.. تطفو هذه المجزرة على السطح من جديد بعد مضي خمسة وعشرين عاماً عليها، وسط مطالبات دولية وشعبية بمحاكمة مرتكبيها في محكمة العدل الدولية، سيما وأن كل مرتكبيها مازالوا موجودين في مواقع عليا ومناصب مهمة في حكومة الملالي، باستثناء المقبور خميني الذي مات، ولابد اليوم من فتح هذا الملف الذي يكشف عن حقبة سوداء مظلمة من تاريخ إيران .
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر