يسمح لي الكاتب المرموق والاعلامي الفذ ابراهيم عيسي ان استعير عنوان مقاله الرائع عن مجذوب القرية عجوز العقل وصبي المراهقة وعديم الحكمة ومثير الفتنة شيخ الجهلاء القرضاوي ويبدو ان في كل عصر مجذوب والمجاذيب كثر وكلهم بذقون شعثة وجلاليب رثة وعقول هشة .
ففي عهد المماليك الذين استقدمهم الأيوبيون من بلاد مهزومة اما بالشراء او بالارهاب ليكون منهم جيش مرتزقة ,وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولاءهم التام للحاكم , وقد زاد نفوذهم وتمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م .
وفي سنة 1517 م تمكن السلطان العثماني سليم الأول من القضاء على دولتهم التي ضمت مصر، الشام والحجاز إلى أراض الدولة العثمانية.
وتمتع المماليك خلال دولتهم بشرعية دينية في العالم الاسلامي الا ان د.محمد شفيق غربال يقول عنهم :ان المماليك كانوا مسلمين عند الحاجة فقط.
واليوم كالبارحة وفي كل عصر مماليكه ومماليك اليوم هم السلفيون, فكلاهما سكان مصر وليس اصلاء ولو كانوا اصلاء لما قالوا عن تاريخ مصر عفن و تحجيب التماثيل وتحطيم الحضارة المصرية والتشدق بهدم الاهرامات وابو الهول وحرق مصر ورفع الاعلام السعودية وعدم احترام العلم المصري والاستهزاء بالسلام الجمهوري المصري وطز في مصر.
وكلاهما عاثوا في الارض فسادا ويريدون حرق مصر ويتمتعون بجهل لامثيل له ولاحدود لتعصبهم رغم حصولهم علي شهادات علمية عالية لكن لم يستفيدوا بها الا في الشر والارهاب والتعصب والفتن والامثلة علي الساحة الان كثيرة .
وكلاهما ولاءهم ليس للوطن فمماليك امس كان ولاؤهم للايوبيين اسيادهم قبل ان ينقضوا عليهم ومماليك اليوم ولاؤهم لاسياهم اولياء النعم السعوديين الوهابيين وجل سعيهم الانقضاض علي السلطة المصرية ليحكموا مصر بالوكالة عن الصهيونية الاسلامية .
وكلاهما استخدما الدين مطية بغية الوصول الي كرسي الحكم ولو اتيحت لمماليك اليوم الفرصة لانقضوا علي كرسي مصر وحولوا مصر الي امارة اسلامية حيث التخلف والرجوع القهقرى إلى النفق المظلم والعصور الوسطى وعصر الغزوات والسبى والتمييز العنصرى والاستعباد وتتحول مصر الي مجتمع معاق حاقد على الدولة يفرض الوصايا الدينية والشريعة الاسلامية وتكثر العاهات من تقطيع الاوصال بالحدود الشرعية ومنع الفنون والابداع فضلا عن حرق الكنائس وقتل الاقباط .
اما مجذوب القرية
إذ أنه بعد صلاة الجمعة يوم التاسع من شهر ربيع الأول سنة 721 هجرية في عهد المماليك فوجئ المصلون فى كل المدن المصرية التى بها كنائس بمجذوب مجهول الشخصية يقف صائحاً مضطرباً داعياً لحرق الكنائس، وحين يخرج المسلمون من المسجد يفاجأون بتدمير الكنائس فى المدينة وحرقها وقد سويت بالأرض . وفى ضوء الاعتقاد فى بركات المجاذيب الذى تسيد العصر المملوكى يؤمن الناس بأنها إرادة إلهية وانكشفت أمام بصيرة ذلك المجذوب “المكشوف عنه الحجاب”. وسرعان ما يدب الحماس إلى العوام ويشاركون فى الإجهاز على ما تبقى من بنيان للكنيسة..
ووصل إلى علم السلطان الناصر محمد بن قلاوون ما حدث ، جاءته الأنباء من ضواحى القاهرة بأن الكنائس فيها قد دمرت فى نفس الوقت وبنفس الكيفية.. وأن المجذوب المجهول قد صاح فى نفس الوقت وفى كل المساجد.. وفى اليوم التالى جاءت الأنباء من الإسكندرية والوجه البحرى والصعيد أن كل الكنائس- عدا الكنيسة المعلقة- قد أصابها الهدم والحريق فى نفس الوقت، أى فى ساعة الصفر. وبلغ عدد الكنائس ستين كنيسة.. وتعجب السلطان ووافق مقالة العلماء والقضاء على أنها إرادة الله، لأنه لا يستطيع بشر أن يفعل ذلك فى كل أنحاء مصر فى نفس الوقت، واقتنع السلطان برأى العلماء بألا يفعل شيئاً لأنها إرادة الله التى لا يقف فى وجهها إنسان
وكان ذلك أفظع اضطهاد واجهه الاقباط فى العصر المملوكى, حيث احتدم العداء والحقد الطائفي بين المسلمين والمسيحيين في مصر وامتد الي بلاد الشام لعدة سنوات انعدم فيها الامن والسلام .
وفي سنة سنة 838 هجرية : هدم الشيخ سليم لكنيسة جددها النصارى فى الجيزة
وفي سنة 841 هجرية : هدم الشيخ ناصر الدين الطنطاوى لدير العطش الذى يقام عنده مولد سنوى يضاهى مولد السيد البدوى، فأحس الشيخ ناصر الدين الطنطاوى بالغيرة فما زال يسعى حتى هدم الدير.
وكان مثله الشيخ النعمانى سنة 852 هجرية الذى تخصص فى هدم الكنائس التى يجددها أصحابها
وكانت عادة سيئة فى تلك العصور أنه إذا حدث أوبئة أو مجاعات ونقصان للنيل فمن السهل أن يعتبر ذلك غضباً من الله بسبب التهاون مع “أهل الذمة” والسماح لهم بممارسة شعائرهم، لذلك كانت ترتبط المجاعات والأوبئة أحياناً بحركات اضطهاد طائفية تستجلب رضى الله بقتل الاقباط الابرياء حتي يستريح الله في سماءه بدم الاقباط .
واكتفي بهذه الامثلة لان حرق الكنائس وقتل الاقباط يحتاج الي مجلدات, فلم يخلو عصر من عصور الاحتلالات العربية والمتأسلمة من الحرق والهدم والدم باعداد مهولة, بغية الابادة ولكن بقي الاقباط وانتهي حكم الظالمين , والتاريخ سيعيد نفسه قريبا, وكما انتهي الاخوان بحكمة فرعون مصر العظيم الفريق اول عبد الفتاح السيسي سينتهي قريبا السلفيين اعداء مصر , وسيقي الاقباط بمسلميهم ومسيحييهم فالقبطي المسيحي والمسلم هم الاصلاء اما دونهم فهم الغرباء والي زوال .
لطيف شاكر