محمد البدري
من الايات الشيطانية الي الصور المسيئة مرت فترة اطول مما مر بين الصور المسيئة الي الفيلم المسئ. جاءت الاعمال جميعا علي مدي أكثر من عشرون عاما بقليل. اي ان تسارع انتاج ما يسئ الي الاسلام في ازدياد. فلا يستغرب أحد لو خرج علينا ما لا نتوقع من اعمال جديدة ربما تكون اشد قسوة وأثقل وطأة وتنتهي بمأساة جديدة تشبه مقتل سفير امريكا في ليبيا.
الاسباب كلها حاضرة كالنار تحت الرماد. ولم يتعلم المسلمون مما جري شيئا. وكيف يتعلم من يمتلك حقائق الكون ويعرف الرحمن الرحيم العارف باسراره عبادة وتسبيحا بينما يعيش هو في ظلمات الجهل والفقر والمرض وتسول الامن كما في الخليج أو تسول التمويلات المالية كما في مصر. فمسودة الدستور المصري التي يضع معظم بنودها اهل السلف والجماعة كفيلة باي مؤلف أو مخرج أو فنان في اي مكان في العالم للقيام بعمل جديد يقيم الدنيا في عالم المسلمين وسيقعدها، كالعادة. لانهم لا حيلة لهم في امرهم من شئ. ولا نعرف ممن سيطلب خادم الحرمين، هذه المرة، التدخل لاصدار تشريع يحمي مقدسات المسلمين بعد ان وجد أذنا من طين وأخري من عجين من الامم المتحده لطلبه الاسبق.
لعل الاذن الصماء لهذه الجهة الدولية كانت رسالة له ولرجاله المنتشرين شرقا وغربا تحت مسمي الدعوة بان مطلبه ليس من اختصاص الهيئة بقدر ما هو رد فعلي وعملي لما تقولونه في صلواتكم علينا وما ينشره رجالك ضدنا وما تكتبونه وتعلمونه في مدارسكم بشاننا. فالامم المتحدة ليست جهة مقاضاة ضد الافراد لكنها منتدي وتجمع للامم والدول. فعلي الرصيف امام مبني الجمعية يوجد كثير من المتظاهرين يسبون ويشتمون الاحياء ممن داخل المبني ولا يمكن لكل هذا الديناصور المعماري الضخم ان يعترض علي ما يقولوه. بينما ممثل دولة عربية ومسلمة اتي الي القاعة والقي خطابا ومزق دستور الجمعية والقاه وراء ظهره ورغم ذلك خرج سالما معافي حتي قضي الله أمرا كان مفعولا به في وطنه وبفعل ابناء جلدته المسلمون مثله بعد ان طلبوا هم معاونتنا علي اقتلاعه.
فكما ان الامم المتحدة لا تحمي الافراد فهي لا تحمي ايضا الاديان. فعل ارض مانهاتن وقريبا من المبني الديناصوري شوارع كثيرة بها دور عرض تعرض كل ما يتنافي والكتاب المقدس ولا تملك الجمعية من امر الافلام وصانعيها شيئا. لسبب بسيط وواضح وسهل اكتشافه ان حماية الاديان موضعها سلوك الناس ازاء بعضهم البعض لان الدين كما يقول الناس المعاملة والاخلاق الكريمة. فلا احد في العالم يتحدث عن الدين بكل هذا الافراط مثلما يتحدث العرب والمسلمون. ولا احد يسب كما يسب المسلمون. ولا احد يشمت في مصائب البشر حتي ولو كانت طبيعية ومن عند الله كما يشمت المسلمون. وهو في الغالب الاعم ما اعطي صورة حركت خيال المبدعين،وما اكثرهم عند الغرب واقلهم عند العرب، لاخراج الافلام والروايات ورسم الصور واللوحات.
فالله كما هو في مكة هو ايضا في نيويورك ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم. لكنه وهو يطوف بنيويوك لم يطلب الحماية بقدر احتياجها له وهو في مكة ولم يشتكي اتباعه في القارة الامريكية من اي إساءة بقدر ما يشكو اتباعه في جزيرة العرب وما حولها. فكيف نفسر هذا اللهم الا إذا كانت طبيعة الايمان به تختلف من منطقة الي اخري ومن ثقافة الي ثقافة ومن لغة الي لغة. المؤلم اكثر ان عباده في نيويورك وما حولها اقل بالاف المرات ممن يعبدونه ليل نهار في الشرق الاوسط، رغم كثافة السكان هناك. لكنهم لا يتحدثوا في الدين كثيرا بقدر الرغي واللت والعجن وجر الشكل الايماني عن الشرقيين.
فهل فيما سبق سبب كاف لفهم لماذا يسئ المسلمون الي البشر امثالهم باسم الله بينما اهل الايمان في الغرب لا يسئون الي البشر في الشرق بالقدر نفسه لكنهم يتعرضوا فقط لصورته في اذهان الشرقيين. فإذا كان الامر كذلك، فإن وزر الاساءة للدين يتحمله الذين يبغضون في الله. كم سمعنا هذه اللفظة الاخيرة من دعاة لا تخطئهم عين لانهم اما من مصر أو السعودية. يعلنون بكل صلافة البغض في الله دون خجل أو كسوف. ولانهم في الغالب كذلك، فان القضية تصبح خارج اطار المقدسات ولا علاقة لها بالاديان انما أخلاق بشر يقومون بنقد وسب بشر. وعقول تتصارع في مواجهه بعضها البعض بما فيها من حقائق أو اوهام متصادمة.
لكن دعنا نكون اكثر انصافا وعدلا فالله وكما يقول المؤمنين به عادل. فكما توعد الامام الخميني سلمان رشدي بالقتل فقد قتل الغرب قبلها مفكرين وفلاسفة عظام حرقا وعلي الخازوق تماما مثلما فعل المسلمون نفس الشئ في تلك الازمنة الغابرة التي كان فيها الايمان سائدا ولا شئ غيره. فالديانات المسماة السماوية كلها عانت من المجدفين والهراطقة. ولم يكن من القتل بد الا لان رجال الدين هنا او هناك كانوا عاجزين عن الدفاع عن الذات الالهية، إما باستخدام النصوص التي لا ياتيها الباطل أو من عقولهم لو كانت حيه وفاعلة. فالقتل هي حيلة العاجز عن حماية نفسه لكن الغرب اكتشف ان من يقتل هو البشر وان المقتول بشرا مثله وظلت الذات الالهية مصانة وتنال المزيد من النقد والتجريح ممن لم يعجبهم القتل او ممن لم تعجبهم نظم الحكم القائمة علي كتب الله.
لكن دعونا ندخل في المناطق الشائكة باكثر مما هي حاليا. ماذا لو سمع مخرج سينمائي او كاتب روائي او مصور فنان بما يجري في قاعة لجنة وضع الدستور بمصر. فالحوارت والمناقشات من اجل نص يخفي ولا يشف، لكنه يدعو ولا يعف، تحمل ثروة لكل مبدع لاخراج كل ما يعن له من افلام البورنو خاصة وان الشبكة العنكبوتية لا علاقة لها بمقاييس المشاهدة العمرية للصغار والتي حرمنا منها نحن الكبار في السن امثالي زمن طفولتنا وسبيبنا الدين لدور العرض والقائمين علي ادارتها.
فالجماعة الاسلامية بلجنة وضع الدستور منعت بندا يحد من زواج الصغيرات في السن بدعوي ان الشريعة تبيح زواج الطفلة والدخول بها طالما تطيق هي الجماع. كان من الممكن لاعضاء لجنة وضع الدستور الاكتفاء بهذا لانهم الاغلبية لكن بعض الاعضاء الناشطين جنسيا شط بهم الخيال والامل مبكرا وتداولوا فيما بينهم ما يجوز للرجل فعله فيم بين كتابة العقد حتي تصبح الطفلة جاهزة له ان يفعل بها ما يجوز له من الشريعة ما يجوز. واستدلوا ان هذا من صحيح الإسلام، ذلك لان الشريعة الإسلامية، المعتمَدة، من الفقهاء الاربعة وباجماع الامة، تجيز إلى جانب زواج الاطفال القاصرات، ما يُعرَف بـ«مفاخذة الصغيرة». فلو أن رجلا طاعنا في السن عقد على طفلة فى السابعة أو الثامنة، لا تطيق لانها لم تبلغ، فمن حقه أن يعرّيها، ويتعرّى، وأن يطلب منها أن تفعل ما يريد، عدا ما لا تطيق حتي تبلغ من العمر ما تطيق حتي ولو لم تبلغ. بما يعني صراحة وبدون سيناريو أو نص فاضح فلن يبقي الا الايلاج.
ماذا لو وصلت تلك المداولات عن دستور مصر بعد ثورة إزاحة الفساد الي اي شخص حتي ولو لم يكن غير موهوب علي الاطلاق. فحتي لو جاء العمل المسئ الجديد بقدر عال من القباحة والاشمئزاز والرداءة الفنية فمن المؤكد ان قادة الاصولية السلفية سيشجبون كما شجبوا وسيستنكرون كما استنكروا لكن فورتهم ستقول اقل وثورتهم ستكون اخف لا لسبب الا لانهم باتوا اقرب لتنفيذ ما يعتبروه تقربا الي الله يمحون به خطايا السب والاساءة. ولا مانع وقتها من دعوة جديدة لمجلس الامن لاتخاذ تدابير تحميهم أثناء تطبيقهم لشريعتهم الغراء.