ينتحر «الإخوان» في مصر فيبحثون عن ولادة جديدة بمكان آخر. مرة أخرى في السعودية التي كانت ملجأهم القديم قبل أن يخذلوها. هذه المرة بشكل سري غير معلن، فالحكومة لا تساندهم بعدما اكتشفت غاياتهم قبل سنين. في «تويتر» مئات التغريدات اليومية السعودية الداعمة لتسلط الإخوان. وحين سقط نظام مرسي أعلن المغردون الحداد وتوالت عباراتهم إلى اليوم تزمجر وتتوعد كل من أهان وأسقط حكم الإخوان.
فماذا ينتظر النظام السعودي؟
أكثر من خلقهم لتنظيمات متطرفة مثل «القاعدة» وأكثر من تخريب التعليم والإعلام السعودي وتحويلهما لهيئات إخوانية رسمية تخدم أهداف التنظيم ولو بدت في شكلها تحت مظلة الحكم السعودي.
ماذا ينتظر النظام السعودي ليعلن الحرب المعلنة لا المبطنة؟ ومتى يعرف أن الصمت ليس دائما حكمة؟
أكثر من أنهم عاثوا فسادا في الأرض الخليجية والسعودية بالتحديد. في الوقت الذي كانوا يحرمون فيه النشيد الوطني على الطوابير الصباحية بساحات المدارس بدعوى أن الانتماء لحدود الوطن كفر، كان نشيد حسن البنا يصدح بالأندية الشبابية الصيفية التي أنشأوها كمراكز تجنيد تابعة لهم. لم نكن كمجتمع نعرف شيئا عن التسجيلات الإسلامية. فجاؤوا وأزاحوا محال الكاسيت والفنون لينصبوا مكانها أرففا مليئة بمختلف الأشرطة والتسجيلات الداعية للجهاد والتكفير والكراهية. وصارت الشريعة مدخلاً ملائماً لغزو مجتمع محافظ تكسوه السذاجة. وبدأ تيار الصحوة ينمو ويكبر على أيديهم حتى تفرخ الإرهاب بمختلف المدن والقرى السعودية.
ألا يتحرك النظام إلا بعد واقعة تماثل أحداث 11 سبتمبر أو تفجيرات الرياض؟
حين يعلن باحثون وتربويون عن أن نسبة سيطرة الإخوان على التعليم في السعودية اليوم هي بين 80 في المئة و90 في المئة فهذا يعني أن خطراً على وشك الانفجار بأي لحظة.
وحين يتكشف للجميع أن جميع الإرهابيين الذين ظهروا على مدى العقود السابقة ما هم إلا صناعة إخوانية فالسؤال الذي يدفعنا للاندهاش: متى تتحرك الأجهزة الأمنية بقوة وبشكل فاضح؟
سنوات طويلة عشناها منعزلين متخلفين عن بقية أفراد العالم. كل فرد منا كان على يقين أنه يحيا حياة مختلفة عن أبناء جيله ببقية البلدان. فما تعويض تلك السنوات؟ ومن يدفع ثمنها؟
لن يعوضها إلا قضبان وسجون ومحاكمات علنية لجميع عناصر التنظيم في السعودية. مثلما تمكنت الدولة من القضاء على الإرهاب الدموي واجب عليها القضاء على الإرهاب الفكري الذي أنتج ذلك العنف الدموي. ولتكن على ثقة أن أفرادا كثرا ضاقوا ذرعاً بالكبت الذي يعيشونه وكلهم توق لحياة أكثر حرية وانفتاحاً سيقفون معها ويدعمون حربها على الإرهاب.
أما الخوف الذي اعترى الأجهزة الرسمية بعد احتلال جهيمان العتيبي للكعبة عام 1979 فلم يكن له مبرراً ولا تبرير له اليوم، قتل جهيمان الإرهابي ثم الارتماء في حضن فكره خشية منه كان خطأ استراتيجياً لا مفك من تغييره وإصلاحه أولا وقبل البدء بأي عملية إصلاح.
شن أتباع التنظيم بفرعه السعودي حملة ضدي لأني لم أستضف أياً من عناصره في حلقة جمعت بها من يفضح افعالهم. كان ردي: لا حياد مع الإرهاب. فالإعلامي بالنهاية مواطن. صحيح أنه يحاول البقاء على حياد أمام مختلف القضايا ويستمع لأبناء جميع التيارات لكن هذا لا يعني أن يمنح هؤلاء الإرهابيون منابر جديدة لينشروا الفساد من جديد، ولا أعتقد أن وطنياً حقيقياً قد يرضى بالخيانة تحت شعار الحياد الإعلامي والديمقراطية. وكفاهم منابر المساجد والمدارس وكل الأماكن التي تسلموها فشوهوها. اليوم هو أوان الحساب لا تكرار السذاجة وإعادة الكرة والجريمة.
حين نعلم أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي هي وزارة مال الإخوان وأن التبرعات كانت تجمع من الفقراء والمساكين السعوديين بحجة أنها صدقات وزكاة ثم تؤخذ إلى عرش التنظيم وتسلم ليد المرشد في مصر. فهل يكفي ذلك ليتحرك النظام؟
لم يصمد حكم الإخوان بمصر أكثر من عام، الحضارة هناك لم تطق أن تتهدم بهذه السهولة على أيدي الخونة، ومع الأسف فقد صمدت أفعالهم طويلاً في صحراء السعودية التي وجد التنظيم في بساطة فكرها آنذاك مكانا خصبا لإشاعة أفكاره الهادمة للأوطان والمهددة للأمن.
لن نتوقف عن المطالبة بحملة تطهير خليجية سعودية تزيح كل عناصر الإخوان عن القيادات والمناصب التعليمية والإعلامية وكل المجالات الأخرى. ولتبدأ رحلة المحاكمة. جميعنا سنتفرج وسنفرح بعودة الوطن لأهله من جديد.
* نقلا عن “الراي” الكويتية