كامل النجار
من الصعب تحديد زمن ظهور الإسلام بدقة نسبةً لشُح المصادر غير الإسلامية التي تتحدث عن هذا الموضوع من جانب، وعدم مصداقية المصادر الإسلامية من الجانب الآخر. فالمصادر الإسلامية لم يبدأ ظهورها إلا بعد حوالي مائة وخمسين عاماً من التاريخ المزمع لوفاة نبي الإسلام. ولا يمكن الاعتماد على هذه المصادر لأنها لم تُكتب من أجل التاريخ وإنما كُتب معظمها لتبجيل وتعظيم الإسلام ونبيه، وقد اكتظ معظمها بقصص أسطورية مثل قصة شق صدر النبي وهو طفل وغسله بماء الثلج لإزالة الشرك عنه.
ومما يزيد في صعوبة المهمة تأخر ظهور الكتابة باللغة العربية. فلم تظهر اللغة المكتوبة إلا في القرن الخامس الميلادي، وكانت في البدء لغة تنقصها النقاط وعلامات الترقيم الأخرى مما أدى إلى الخلط في كثير من الكلمات المكتوبة. ولذا كان لا بد من الاعتماد على المصادر المكتوبة باللغات الإغريقية والآرامية السريانية، وبعض المصادر المكتوبة باللغة الرومانية.
مسرح الحوادث في بداية القرن السابع الميلادي (التاريخ المزمع لظهور الإسلام) كانت تسيطر عليه الديانة المسيحية التي كانت ديانة الدولة في إمبراطورية بيزنطة الرومانية التي امتدت سيطرتها في الهلال الخصيب من غزة، مروراً بفلسطين وسوريا إلى تركيا. منطقة ميسوبوتوميا بين دجلة والفرات كانت تابعة للإمبراطورية الساسانية الغارسية التي كان دينها الرسمي الزرادشتية ولكن بعد خسارتها منطقة نينوى في عام 627 انحسرت الإمبراطورية الساسانية ومعها الزرادشتية وحلت محلها المسيحية. وأصبحت منطقة فارس مسيحية ، وكان بها كاتدرائية ضخمة تنافس كاتدرائية القسطنطينية، وكانت منطقة الحيرة في العراق هي مركز تعليم المسيحية، وتمت بها ترجمة الإنجيل من اللغة الرومانية إلى اللغة الآرامية السريانية. ومما ساعد عملية الترجمة في الحيرة أن الإمبراطور جستينيان الأول أقفل الأكاديمية الأثينية في القسطنطينية عام 529، مما اضطر أساتذة الفلسفة اليونانية إلى إللجوء إلى منطقة الحيرة للعمل، فاللغة الإغريقية لم تكن غريبة على المنطقة. كما كانت منطقة الرصافة مقراً رئيسياً لأتباع عقيدة سينت سرجون المسيحية St.
Sergius of Rusafa
(نقلاً عن كتاب The Hidden Origins of Islam, Karl Heinz-Ohlig, p 19
وقد احتل الساسانيون تحت قيادة شابور الثاني في القرن الرابع، شرق جزيرة العرب حتى منطقة اليمامة، ثم احتلوا اليمن المسيحي في عام 572 بعد أن طردوا منه الأحباش المسيحيين. فمنطقة اليمن كلها كانت مسيحية مع وجود اليهودية بها وانتقلت المسيحية إلى قبائل شرق الجزيرة العربية. بقية القبائل العربية في الحجاز كانت في أغلبها وثنية، مع وجود قبائل مسيحية مثل قبيلة طي، ونجران، ومضر، وقُضاعة (التي كانت أول قبيلة عربية تتنصر)، وتميم، وقبائل منطقة الأردن التي كانت عاصمتها البترا أو سلع (النصرانية للأب شيخو، ص 34). بقية القبائل البدوية كانت وثنية ولكن بعض أفرادها كانون يعرفون الوحدانية التي كانت تُعرف باسم “الحنيفية” نسبة لإبراهيم الذي حنف عن دين آبائه الوثني، أي انحرف عنه. فكلمة “حنيفية” تعني الانحراف. يقول كتاب
Cross Roads To Islam
للمستشرق
Yehuda D Nevo
إن الطبقة العليا في العرب كانوا على دين التوحيد، ولكن ليسوا مسلمين (ص 207).
يزعم كُتاب التراث الإسلامي أن محمداً ظهر في هذا المسرح المسيحي في حوالي العام 622 بعد هجرته إلى المدينة، واستطاع في ظرف عشر سنوات فقط أن يُخضع جميع هذه القبائل العربية إلى الإسلام ، وهذا زعم يصعب تصديقه. ثم زعموا أن معاوية ابن أبي سفيان، الذي كان مع أبيه، أبي سفيان بن حرب، من ألد أعداء الإسلام ولم يسلما إلا في سنة ثمان هجرية، أي قبل سنتين من موت محمد، وأصبح بدون أي مقدمات كاتباً للوحي لدى محمد، وأصبح المسلمون يقولون “رضي الله عنه” بعد ذكر اسمه. فأي وحي كتبه هذا المعاوية يمكن أن يعتمد عليه المسلمون؟ ومعاوية هذا لم نقرأ عنه كلمة واحدة في التراث الإسلامي، ولا نعرف عنه شيئاً إلا بعد أن أصبح كاتباً للوحي ثم أميراً على الشام. فهل فعلاً احتل المسلمون الشام في خلافة عمر بن الخطاب، أي في ظرف خمس إلى ثمان سنوات بعد موت محمد؟
لا بد لنا هنا من الاعتماد على المصادر غير الإسلامية. معاوية أصبح حاكماً للشام عام 640 بعد أن تخلت بيزنطة عن سوريا لأسباب اقتصادية جعلت الشام عبئاً على القسطنطينية التي خلت خزينتها من الأموال بعد أن بدد جستينيان الأول أموال الخزينة في بناء كنيسة أيا صوفيا
Hagia Sophia
التي كلفت الخزينة 320 رطلاً من الذهب كادت أن تفلس الدولة بعدها، ثم صرف الإمبراطور هيراكليوس ما تبقى على حروبه مع الساسانيين. فاضطر هيراكليوس إلى التخلي عن الشام. وكانت هذه فرصة للقبائل العربية المسيحية في الشام لاستلام الحكم. وقد برز بينهم معاوية ربما لمهارته السياسية أو العسكرية، أو الاثنين معاً. وعندما استلم معاوية الحكم في سوريا فرض عليه الإمبراطور هيراكليوس معاهدة يدفع بموجبها معاوية سنوياً ثلاثة آلاف قطعة ذهب وخيول وعبيد
(Karl Heinz-Ohlig, p51).
فهل يدفع المنتصر جزية للمهزوم، إذا صدقنا الروايات الإسلامية التي تقول إن المسلمين هزموا قوات هيراكليوس واحتلوا الشام؟
ولو كان المسلمون قد انتصروا في المعارك التي يذكرها التراث الإسلامي، ألا نتوقع أن يكتب مؤرخو تلك الفترة في الشام أو القسطنطينية أو الحيرة شيئاً عن تلك المعارك مع العلم أن الكتابة والتاريخ كانتا منتشرتين في تلك البلاد؟ قالمصادر السريانية حتى القرن الثامن الميلادي لا تذكر شيئاً على الإطلاق عن تلك المعارك
(Cross Roads to Islam, p 106)
. في مذكرات أحد الرهبان باللغة السريانية نجده يقول (في اليوم الرابع والعشرين من ديسمبر سنة 633، وفي دير خارج دمشق، تمت كتابة نسخة فاخرة من الإنجيل رغم تجمع السحب المنذرة بقدوم سنوات حالكة)
(Sebastian Brock, Syriac Sources for Seventh Century History, p 13)
. وهذا الراهب الذي ذكر كتابة نسخة من الإنجيل وتجمع السحب الداكنة لم يذكر موقعة مؤتة في عام 629 ولا أي معركة بين المسلمين والمسيحيين. أما المؤرخ الأرميني سيبيوس Sebeos الذي كتب في القرن السابع الميلادي عن تاريخ الإمبراطور هيراكليوس، فقد ذكر أشياء بسيطة عن معركتين بين العرب ومسيحيي الشام في تلك الفترة، ولم يُسمي تلك المعارك التي يعتقد الدارسون المعاصرون أنهما كانتا موقعتي اليرموك والقادسية المذكورتين في التراث الإسلامي. بينما لو أخذنا مثلاً مذكرات جشوا Joshua the Stylite
التي تغطي الفترة من 395 إلى 506، نجد أن المصادر الدينية العبرانية تذكر جميع المعارك والمناوشات بتفاصيل مذهلة. فلماذا يذكر العبرانيون كل هذه التفاصيل بينما تتجاهل المصادر السريانية السورية وصف معارك العرب المسلمين ضد بلادهم؟ بالطبع لو حدثت هذه المعارك كما تزعم المصادر الإسلامية، لكتبها المؤرخون السريانيون. ومذكرات خوذستان
Khuzestan Chronicles
وهي مذكرات لا يُعرف اسم كاتبها، تصف تاريخ الكنيسة، بين سنة 670 و 680، تحتوي على معلومات كثيرة عن المعارك بين الرومان والساسانيين، لكنها لا تذكر إلا النزر اليسير عن معارك العرب في الشام
(Cross Roads to Islam, 107).
وقد رأينا في الحلقة السابقة أن جميع العملات التي ضُربت في عهد معاوية، وجميع النقوش على الحيطان لم تذكر الإسلام ولا محمداً. فهل يمكن أن نصدق أن معاوية كان مسلماً وأرسله عمر بن الخطاب ليحكم الشام إنابة عنه؟
المصدر الوحيد الذي يقول شيئا ربما يوحي بأن العرب الذين يحكمون سوريا في تلك الأيام قد يكونون أصحاب ديانة غير مسيحية، هو ما كتبه الأسقف النسطوري أُوشيعب
Isho’yahb
في عام 659، أي في أيام معاوية، فهو يقول (ولكن هؤلاء العرب الذين منحهم الله السلطة على البلاد في هذه الأيام … فإنهم لا يهاجمون المسيحية بل يحترمونها ويحمون كنائسنا وبيعنا ويحترمون قساوستنا) (نفس المصدر أعلاه، ص 216). وكما ذكرنا أعلاه أن بعض المؤرخين يعتقدون أن العرب كانوا أهل توحيد عام ولكن لم يكونوا مسلمين. ثم أن مؤلف كتاب “حياة ماكسيموس”
Maximus the Confessor
الذي كان يعيش متخفياً في أيام سيطرة هيراكليوس على الشام نسبة لأنه كان متهماً بالهرطقة، قد جاء إلى الشام في أيام معاوية وأصبح يبشر على المفتوح ودون خوف (نفس المصدر أعلاه، ص 214).
أول ذكر موثق للإسلام جاء في عهد عبد الملك بن مروان الذي تولى الحكم عام 680م 60 هجرية. عبد الملك أعلن أن دولته دينها الإسلام، ونبيها محمد، وربها واحد لا شريك له. ثم أصدر عملات نُقش عليها “عبد الملك خليفة الله” وعملات أخرى تحمل اسم محمد ولكن مرسوم عليها بيت الإله العبري أل El الذي يُرمز إليه بعمود حجري في وسط العملة ومكتوب حوله “لا إله إلا الله وحده، محمد رسول الله”
(The Hidden Origins of Islam, p 67).
ثم أسس عبد الملك ما يُعرف باسم “مسجد الصخرة”، وهو هيكل عظيم له ثمانية أضلاع وبه ستة عشر عموداً داعماً للسقف، وتعلوه قبة. وقد كُتبت آيات قرآنية على واجهاته الثمانية من الخارج ومن الداخل كذلك. في الجانب الخارجي كُتب (بسم الله الرحمن الرحيم. لا اله الا الله. لا شريك له. قل هو الله أحد الله الصمد. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفو احد. محمد رسول الله صلى الله عليه. ان الله وملئكته يصلون على النبي يا االذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. وملئكته ورسله والسلم عليه ورحمت الله. بنى هذه القبة عبد الله عب… تقبل الله منه ورضي عنه. امين رب العالمين. لله الحمد).
وفي الجدار الداخلي كُتب (يا اهل الكتب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق. انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القيها إلى مريم وروح منه. فامنوا بالله وحده سبحنه ان يكون له ولد. له ما في السموت وما في الارض وكفى بالله وكيلا. لن يستنكف المسيح ان يكون عبد الله ولا الملئكة المقربون. ومن يستنكف عن عبدته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا. اللهم صلي على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم والسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا. ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون. ما كان لله ان يتخذ من ولد سبحنه اذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون. ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم. شهد الله انه لا اله الا هو والملئكة واولوا العلم قيما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم ان الدين عند الله الاسلم وما اختلف الذين اوتوا الكتب الا من بعد ما جاهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايت الله فان الله سريه الحساب).
فهل قصد عبد الملك من قبة الصخرة أن تكون مسجداً أم مجرد بناء ينافس به كنيسة أيا صوفيا في القسطنطينية وكنيسة القيامة في القدس؟ إذا كان القصد منه أن يكون مسجداً للمسلمين، فإننا نلاحظ أن هذا المسجد ليس به محراب يتجه نحو الكعبة التي كانت في ذلك الوقت قد أصبحت قبلة المسلمين بعد أن حول محمد قبلته من بيت المقدس، كما تقول كتب التراث. ثم أن البناء به اثنا عشر عموداً تمثل أسباط إسرائيل الاثني عشر. كما أن الآيات الداخلية كلها تتحدث عن بني إسرائيل وعيسى. ثم أن الصخرة التي بوسطة والتي سُمى باسمها لا نعرف الغرض منها. هل هي الصخرة التى صارع عندها يعقوب ربه، كما في الديانة اليهودية، أم هي الصخرة التي صعد منها يسوع إلى السماء كما يقول المسيحيون، أم هي توأم الحجر الأسود في الكعبة؟ فالإسلام ليس به صخرة حسب تعاليم نبيه. القرآن يقول (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله). وبالطبع قبل بناء هذه القبة عام 72 للهجرة لم يكن هناك مسجد أقصى في القدس، بل كانت هناك كنيسة القيامة وبقايا هيكل سليمان، كما يزعم اليهود. وهناك من يشكك بأن عبد الملك قصد من البناء أن يكون مسجداً.
أما كلمة “مسلم” فلم تظهر كتابةً إلا في العصر العباسي. فالعملات والنقوش الحائطية والمصادر غير الإسلامية لم تذكر كلمة “مسلم”
(Cross Roads to Islam, p 234).
المصادر غير الإسلامية كانت ترمز إلى اتباع محمد ب “الهاجريون” نسبة إلى هاجر زوجة إبراهيم، التي أنجبت له إسماعيل. وكانت الكلمة تُستعمل كنوع من التحقير لهم على أساس أنهم أبناء الجارية. وفي مصر لم تظهر كلمة “مسلم” إلا في نهاية مذكرات الأسقف القبطي جون من نيكيو
Bishop John of Nikiu
في حوالي العام 70 الهجري.، والتي يقول فيها إن كثيراً من المسيحيين لم يكونوا مسيحيين حقيقيين وقد تنكروا لدينهم واعتنقوا ديانة المسلمين
كانت الإمبراطوريات في ذلك الوقت تستعمل أوراق البردى في المكاتبات الرسمية، وكانت اللفافة من ورق البردي يُكتب في أعلاها آيات مسيحية باللغة الإغريقية أو السريانية. يقول البلاذري إن عبد الملك بن مروان كان أول من استعمل آيات قرآنية في أعلى أوراق البردى، والتي يسميها الباحثون
Protocols.
وقد كانت الحكومة في عهد معاوية تستعمل اللغة اليونانية والعربية في البروتوكولات هذه، لكنها كانت تخلو من عبارات إسلامية (نفس المصدر أعلاه، ص 284).
العداء بين المسيحية والإسلام لم يظهر إلا في عهد عبد الملك، وخاصة في مصر عندما كانت تحت إمرة عبد العزيز بن مروان، الأخ الأصغر لعبد الملك. وقد أمر عبد العزيز في حوالي العام 69 هجري، بتحطيم كل الصلبان في مصر والكتابة على أبواب جميع الكنائس “محمد الرسول الكبير”، كما جاء في مذكرات الأسقف جون المذكورة أعلاه، وفي صفحة 201 (نقلاً عن المصدر أعلاه). ثم جاء بعده الوليد بن عبد الملك الذي اعتلى الخلافة بعد عبد الملك وأمر بهدم جزء من كنيسة يوحنا بدمشق وبنى فيه المسجد الأموي.
ونأتي الآن إلى القرآن نفسه. فقصة اكتمال نزول الوحي قبل وفاة محمد، وجمع القرآن في حياته أو في خلافة أبي بكر، ومرة أخرى في خلافة عثمان، فكلها قصص متأخرة كُتبت في منتصف القرن الثامن الميلادي. أول كلمة مكتوبة عن القرآن وجدت في مخطوطة في المدينة مؤرخة بعام 135 هجري، وذُكر فيها “كتاب الله” فقط، ولم تقل “القرآن”
(The Hidden Origins of Islam, p 97).
وقصة أن عثمان كتب ست نسخ من القرآن وأرسلها إلى الأمصار كذلك قصة بلا دليل إذ أن الباحثين فشلوا في العثور على أي من تلك النسخ المزعومة. فلو كان عثمان فعلاً قد كتب تلك النسخ وبعث بها إلى الأمصار، ولو افترضنا أن اثنين أو ثلاثة من النسخ قد تلفت أو أُحرقت، كيف يُعقل أن لا يحافظ المسلمون على أغلى كتاب في حياتهم؟ ألم يكن في المسلمين من يحافظ ولو على نسخة واحدة من ذلك الكتاب العظيم؟ ثم أن مالك بن أنس عندما سألوه عن مصحف عثمان، قال: (لقد تغيّب ولم نعثر له على أثر) كما ورد في كتاب الوفاء للسمهودي، باب الأشياخ. وورد نفس القول في كتاب المصاحف لأبي داود، نقلاً عن عبد الله بن وهب، الذي يقول “سألت مالكاً عن مصحف عثمان، فقال : لقد ذهب” (المصدر أعلاه، ص 205). وابن سعد، الذي نقل السيرة عن ابن إسحق، أقدم كتاب إسلامي، لم يذكر شيئاً عن جمع القرآن.
أبو داود السجستاني، في كتابة “المصاحف” كتب بإسهاب عن مجهود الحجاج بن يوسف في تنقيط وإعادة كتابة المصحف. ويزمع الكثيرون أن الحجاج بن يوسف قد محا آيات وأدخل أخرى في مصحفه الذي أرسله إلى الأمصار في خلافة عبد الملك، مما أثار غضب عبد العزيز بن مروان عندما وصلته نسخة الحجاج في مصر، فأمر علماء مصر أن يكتبوا له مصحفا. وقول عبد الملك بن مروان في شهر رمضان، قول معروف للجميع. فقد قال إنه يخشى أن يموت في رمضان لأنه الشهر (الذي ولدت فيه، وفُطمت فيه، وبويعت فيه، وجمعت القرآن فيه).
وخلاصة القول، بعد دراسة جميع المصادر المتاحة لهم من مخطوطات وعملات نقدية ونقوش، وكتب التراث الإسلامي، والمصادر المعاصرة لفترة حكم الأموييين والعباسيين، اتضح للعلماء أن الإسلام لم يظهر فجأة وينتشر في مدى عشر سنوات، كما تزعم كتب التراث، إنما بدأ بحركة سياسية قادها قثعم في القرن السابع الميلادي، ودعمها بنصوص قال إنها أتته من السماء، كما أتت النصوص لموسى وعيسى من قبله. ولا شك أن هناك من آمن بمحمد واتبعه، وبعد موته قاموا بنشر رسالته بعد أن أضافوا إليها الكثير من النصوص والقصص الأسطورية التي تمجد نبيهم. وقد تم نشر الرسالة بقوة السيف وليس عن طريق المنطق إذ أن منطق النصوص التي أتى بها محمد لا يمكن أن تُقنع أي إنسان عاقل مطلع على الأديان التي سبقت ظهور محمد. وقد تضافرت الجهود في زيادة وحذف بعض المقاطع من ذلك النص المقدس الذي سماه المسلمون فيما بعد ب “القرآن”. ولم تكتمل صورة النصوص القرآنية إلا في عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. أما تشريعات الإسلام الأخرى من فقه وغيره فقد استغرقت عقوداً طويلة اكتملت بنهاية الدولة العباسية. كامل النجار (مفكر حر)؟
بداية تحياتي لك ياعزيزي د. كامل النجار وتعليقي ؟
١: السؤال اليوم ليس متى بدأ ألإسلام ، بل متى سينتهي ألإسلام ؟
٢: حتى متى سيصبر العالم الحر والمتمدن على غي هؤلاء الغوغاء ، هل إلى مالانهاية لا أعتقد ، فأكثر ما أخشاه عودة الفكر النازي للحياة في الغرب وقيام هتلر جديد ولكن هذه المرة ضد المسلمين معتدلين وغير معتدلين ، خاصة بعد تدهور ألأوضاع الإقتصادية فيه ، وهذا التدهور سيمتد بالتأكيد ليشمل كل العالم ، وبما أن الجوع كافر ، إذن لابد له من ضحايا وقرابين ؟
٣: إن ألإسلام بالحقيقة ليس مشكلة بل كارثة بكل المقاييس ، بدليل الواقع والتاريخ ، لأن كل ألأفكار والأديان تتطور وتسمو لخدمة ألإنسان ، إلا الفكر ألإسلامي بقى كما هو منذ نشأته لايفرز إلا السموم القاتلة للمسلمين قبل غيره ،؟