متلازمة الجزية
كثر الحديث عن الجزية الى أن تحول الحديث عنها كمن يتحدث عن بركان يتنفس قد اوشك أن ينفث او جيش بخلف الباب لا يلبس أن ينقض علينا فينزع عن النعمة ويلبسنا ثوب النقمة . وبرغم أن الجزية فرضت في الماضي البعيد على اهل الذمة الا انتقادها اليوم و التعرض لها لم ينحصر بأهل الذمة بل تصدى لمفهوم الجزية كل منتسب الى تيار علماني او ليبرالي او حداثي فلقد وجد في امر الجزية ضالته يصيب مقتلا في شرعية الاسلام ويمسك على امر يظهر فيه عنصرية الاسلام و عدم قدرته على مواكبه العصر و ما شاع من المساواة والعدل و المواطنة بين المواطنين أجمعين .
الا أني للساعة لا اعلم كيف صدق المعترضون او المتخفون أن الجزية اصبحت بحكم الامر الواقع وهي نظام استخدم بصدر الدولة الاسلامية ولم يخترعه المسلمون او العرب فاغلب الامصار التي كانت تحت حكم الفرس كانت تدفع لكسرى و بلاد الشام كانت تدفع لعظيم الروم وكانت تدفع تلك الاموال لدرء عدوان الفرس او الروم عليهم و للسماح لهم بالتجارة من نقل البضائع من و الى ارض فارس او ارض الروم بل كان من يحكم العرب في تلك الاونة يجب ان ينال الرضا من كسرى او من هرقل فيكون تابعا وجابيا للأموال
ولقد كان ما يدفع لكسرى او لقيصر مبالغ تثقل كاهل اهل تلك الامصار و لقد اشتكى المسيحيون الاوائل للمسيح مما يتكبدونه نتيجة دفع الجزية لقيصر فطلب منهم ان يستمروا بدفع الجزية لقيصر الآية: “ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْمًا مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ، لِأَنَّكَ لَا تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللّهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟ نُعْطِي أَمْ لَا نُعْطِي؟« فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: »لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لِأَنْظُرَهُ«. فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: »لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟« فَقَالُوا لَهُ: »لِقَيْصَرَ«. فَأَجَابَ يَسُوعُ: »أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ«. فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ« (إنجيل مرقس 12:12-17).
بل وأمر المسيح أتباعه بدفع الجزية للرومان، وسارع هو إلى دفعها ، فقد قال لسمعان: ” اذهب إلى البحر وألق صنارة، والسمكة التي تطلع أولا خذها، ومتى فتحت فاها تجد أستارا، فخذه وأعطهم عني وعنك” (متى 17/24-27)
فالجزية نظام ضريبي كان يعمل به قبل الاسلام وليس سبة او محل اتهام للإسلام عندما اقام نظام الجزية على غير المسلمين وهنا سأتخذ موقف المدافع عن الاسلام عندما اقر نظام الجزية و الزكاة فلقد اسس نظام دولة عادلة مدنية وترك للمرء حرية الاختيار بين ان يسلم فيدفع الزكاة ويتحمل اعباء المسلم في الدولة من الجهاد و دفع البلاء و الدفاع و الصدقات وبين ان يبقى على دينه و يدفع الجزية و لا يكلف بما يكلف به المسلم
في يومنا هذا هنالك من يدفع بدلا نقديا ليتم استثنائه من خدمة العلم اليست هذه جزية عن طيب خاطر ؟؟
الذمي ( الموطن غير المسلم ) غير مكلف بالجهاد والدفاع عن البلاد ولكنه لقاء ما يدفعه من جزية ينال الامن والامان و تقوم الدولة الاسلامية بالدفاع عنه و عن املاكه اما اذا اشترك الذمي مع المسلمين بالقتال و الدفاع عن البلاد سقطت عنه الجزية دون ان يكلف بالزكاة فالزكاه فقط تجبى من المسلمين
ثم ان مقدار الجزية كان يحدد بدينار عن عام و يجوز ان يضاعفه الحاكم عند الضرورة و لكن لم يذكر ان الجزية كانت اكثر من نصاب الزكاة وهي 2,5% من ما يملك المسلم
والجزية تسقط عن العائل الفقير بل ويمنح اعانه من بيت مال المسلمين من اموال زكاتهم
لقد الغى محمد علي في مصر في مطلع القرن التاسع عشر الجزية عن الاقباط بعد ان الزامه اداء الخدمة العسكرية في جيش محمد علي
ونحن بالغرب ندفع للدولة اذا عملنا و كسبنا ضريبة تصل الى ثلث ارباحنا ونحن راضون لقاء العيش فيها بأمن وأمان
يقولون ان الجزية تفرق بين المسلم و غير المسلم وهذا صحيح و حق المسلم هنا ان يعترض وليس الذمي لان تكاليف المسلم اكتر من تكاليف الذمي فان تساوى بالاعباء تساوى بالاستقطاعات
ثم اننا قد تجاوزنا عصر جباية الزكاة والجزية وكل الدول الاسلامية تتبع نظاما ضريبا يتجاوز في استقطاعاته نسبة الزكاة والجزية فلماذا هذا التباكي و النحيب ؟؟؟
سيقولون لك ان داعش و النصرة ستفرض الجزية والخلافة
هنا نقول ان من يصدق ان داعش او النصرة او اخواتهم قادرون على اقامة دولة الخلافة و الجباية والجزية واعادة نظام الرق و اسواق النخاسه من يصدق ان كل هذا سيتحقق و سوف يذعن العالم كله لتلك الدولة و يعاهدها و يهادنها و يتعاون معها
من يصدق كل هذا مجنون يجب ان تؤخذ من الجزية اضعاف مضاعفة و يقام عليه الحجر
استعرضت مفهوم الجزية تاريخيا وانا على علم ان الاغلبية منا تعلم و تدرك وتعي ما اوردته ولكن هي فقط اضاءة اردت من خلالها ان اقول ان من يستخدم مصطلح الجزية خيفة او توجسا او من يروج له يخدم فكرة واحدة الا وهي الاساءة الى تاريخ الاسلام وماضيه المشرق ليس اكتر
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** هَل سيفعلها الرئيس #ترامب … ويحرر #العراق من قبضة #نظام_الملالي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **بقلم سرسبيندار السندي
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- ** هَل سيفعلها الرئيس #ترامب … ويحرر #العراق من قبضة #نظام_الملالي **
أحدث التعليقات
- س . السندي on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام